د وسيم السيسي
دعا صاحب هذه السطور الدكتور عادل إمام، والفنان الجميل عادل إمام، والدكتور سمير سرحان إلى صالون المعادى الثقافى حتى يتحدثوا عنى، وكيف تحافظون على سلامتى. لقد خلقنى الله أنبض منذ الأسبوع السادس فى عمر الجنين، ولا أتوقف عن النبض لحظة حتى مائة وعشرين عامًا من عمر الإنسان. وصفنى المصريون القدماء وصفًا علميًا شاعريًا حين قالوا: النبض هو حديثى فى الأوعية الدموية الطرفية!.
 
تحدث عنى أ. د. عادل إمام بصور كاريكاتورية، منها سيدة سمينة تقول لزوجها: خلَّص على الفرخة المحمرة دى! والتعليق: يا ست عشان لا تصبحى أرملة، بطلى تأكلى جوزك سمنة مرملة!. قص علينا الدكتور عادل عن مريض مدخن حرمه من الدخان أسبوعًا، ثم أخذه لغرفة العمليات، ثم حقن الصبغة فى الشرايين التاجية للقلب، فكانت واسعة، ثم أمره بأخذ نفس من سيجارة، فاستجاب المريض قائلًا: «بقالى أسبوع خرمان»، وبعد نَفَس السيجارة، حقن صبغة وصور، ضاق الشريان بشدة، انزعج المريض: أبطّل التدخين نهائيًا، علق الدكتور عادل قائلًا: هو بطّل وأنا مابطلتش!!. أما الفنان الشجاع عادل إمام فقد حدثنا عن دور الكوميديا فى صحة وسلامة القلوب، مما ذكر صاحب الصالون بصاحب كتاب: فن إراحة الأعصاب Art Of Relaxation هيرمان شوارتز، وقوله: كل ابتسامة تضيف لعمرك يومًا، وكل ضحكة تضيف لعمرك أسبوعًا، بينما كل دمعة تذرفها تمسح من عمرك يومًا، وكل دمعة تحبسها تقصف من عمرك شهرًا!. هذا جعل العقاد يقول: كن رجلًا وابكِ، فالبكاء ليس ضعفًا، ولكنه فرط الشعور!.
 
أضيف إلى كلمات هؤلاء الضيوف أنى فى الحزن الشديد أنزف حين يعتصرنى الألم، تنفجر الشعيرات الدموية على جدارى، فيكون النزيف حقيقة لا مجازًا! أرقص فرحًا، وتقل نبضاتى فى الحزن، ولا يحمينى من هذا العصب الجائر المسمى بالحائر Vagus Nerve إلا حقنة أتروبين بتعريفة فى بيوتكم ترد لى الحياة!.
 
إن نسيت، لا أنسى دعوة صاحب هذه المقالة للأستاذ الدكتور سامح الأمين، الأستاذ بمعهد القلب، لإلقاء محاضرة عن زراعتى من إنسان مات إكلينيكيًا «موت المخ» إلى إنسان فى حاجة إلىَّ، قص الدكتور سامح العجب العجاب عن دراسة أكاديمية لحالات زراعة فى أنحاء العالم، وكيف نقلونى من صدر فتاة ماتت غرقًا إلى إنسان فكان يحلم كل ليلة أنه يغرق، رغم جهله التام من أين جئت!. كما ذكر حالة أخرى عن سيدة ماتت مقتولة، فنقلونى إلى فتاة كانت فى حاجة لى، فكانت تحلم بالقاتل، حتى إنها أعطت أوصافه وتم القبض عليه!. كما ذكر الدكتور سامح كيف نقلونى من صدر شاعر إلى إنسان عادى فأصبح يقرأ الشعر بل يقرضه!.
 
ويفسر الدكتور سامح الأمين ذلك بالضفيرة العصبية المسماة Purkinge Fibers وأنها المخ الثانى الذى يختزن ذكريات هذا الإنسان!. أجد نفسى فى برديات أجدادكم العظماء، ها هى سيدة متزوجة حديثًا تعلن لأسرتها: لقد أعطانى زوجى بضعة من قلبه!، أى أنها أصبحت حاملًا!.. يا لرقة اللفظ وحلاوة الأسلوب!.. كما أجد نفسى موصوفًا بالذبحة الصدرية فى إحدى البرديات: إذا جاءك مريض يشكو من ألم شديد فى صدره مع العرق يتصبب من وجهه، اعرف أن الموت ليس ببعيد، عليك أن تخبر أهله بذلك!. وكان اسمى «إب».. وحتى الآن تقولون: «قلبى آبب عليا!!»، وكانوا عند التحنيط يتركوننى فى التجويف الصدرى، كما يتركون الكليتين «لأنهما وراء البريتون».
 
تجدون فى العهد القديم: يا فاحص القلوب والكلى! وكنت أشهد بالحق لصاحبى، وكان يرجونى ألا أشهد ضده فى محكمة العدل الإلهية.
 
نجد فى القرآن الكريم: «يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون» (النور: ٢٤)، وهذه هى شهادة الأعضاء على أصحابها.
 
وكانت ريشة العدالة فى كفة الميزان، وأعمالى فى الكفة الأخرى، وفى القرآن الكريم: «فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم فى جهنم خالدون» (المؤمنون: ١٠٣).