الأب رفيق جريش
ما زالت بعض الدول الغربية أو سياسييها لا يريدون أن يستوعبوا ماذا جرى فى مصر والسودان وأخيرًا تونس من سقوط مدوٍّ للإسلام السياسى بقيادة الإخوان المسلمين كأنهم لم يتخلوا عن مشروعهم وهو زرع الإسلام السياسى فى الشرق الأوسط ليكون أداة انقسام بين شعوبها فيسهل السيطرة على تلك الدول الغنية بالنفط والغاز وكنوز أخرى فى باطن أراضيها.
وبذلك يجعلون بلادهم الغربية دائمًا فى المقدمة ممتلكين أسرار التكنولوجيا والتقدم العلمى تاركين للشرق الأوسط بأسلوبهم هذا الفتات أو ما يريدون هم إعطاءه لدول الشرق، ناهيك عن الدول الإفريقية فى مقدمتها الأسلحة والسلع الاستهلاكية البراقة حتى يستنزفوا أموالها، وهذا هو الدرس الذى علينا أن نتعلمه وتعرفه جيدًا قيادتنا السياسية الواعية والحكيمة؛ لذا علينا نحن شعوب تلك الدول أن نعمل بسواعدنا ونعتمد على أنفسنا فمن لا يملك مأكله لا يملك قراره، وبالتالى لا يملك حريته.
تونس الحبيبة أكبر مثال على ذلك؛ فبعد ثورة التصحيح التى قام بها الرئيس التونسى قيس سعيد، وتقييده حركة حزب النهضة الإسلامى أخذت بعض الدول الغربية وقتًا لتستوعب ما جرى فى تونس، وجاءت التصريحات متأخرة هزيلة مثل تصريح وزير الخارجية الفرنسى الذى طالب بسرعة تعيين رئيس وزراء لتونس؛ كأن هذا هو المهم وليست آلام الشعب هى المهم، رغم أن ما بين تونس وفرنسا كثير من التاريخ والمصالح، أما آخرون فطالبوا باحترام الدستور- رغم أن الرئيس التونسى لم يخرج عن دستور بلاده- وغيرهم هاجموا حركة التصحيح ووصفوها بانقلاب، تمامًا نفس السيناريو الذى اتبعوه مع مصر؛ فثورة 30 يونيو 2013 كانت ثورة شعبية عارمة بعد سنة من الفشل الذريع للإخوان فى الحكم الذى لم يكن همهم فيه إلا التمكين، وهذه الثورة الشعبية حماها الجيش، وفى تونس تحمّل التونسيون عشر سنوات من الفشل الذريع ومحاولات التمكين حتى جاع الشعب وتمكنت جائحة كورونا منه، فالرئيس التونسى والجيش والشرطة التونسية حمَوا الثورة الشعبية للشعب التونسى وحفظوا البلاد من الاضطرابات القاسية.
على سبيل المثال غرد على حسابه الإلكترونى يوم 31 / 7 / 2021 جيرمين كوربين، النائب العمالى السابق فى البرلمان البريطانى منذ 1983، زعيم المعارضة من 2015 - 2020، قائلًا، وهنا أقتبسه «الأحداث فى تونس لها كل علامات الانقلاب والاعتداء على مكاسب الديمقراطية التى اكتُسبت فى العشر سنوات الأخيرة. تضامننا الكامل مع هؤلاء المدافعين عن حقوق الديمقراطية والحريات ونساند عودة البرلمان المنتخب وانتهاء الانقسام».
هذا ملخص للفكر الغربى الذى لا يرى ولا يفهم متطلبات الشعوب متعلقين بمظاهر الديمقراطية ودون أى حساب لإرادة الشعوب ولا الشعور بآلامهم أو الإحساس باحتياجاتهم، بل ينُم عن جهل تام أو تجاهل لشعوب المنطقة.
نهنئ الشعب التونسى على ثورته التصحيحية، متمنين له العودة السريعة إلى تونس التى نعرفها رائدة التقدم والتنوير.
نقلا عن المصري اليوم