«متحور مُعدٍ للغاية وقمنا بتقدير مدى خطورته، ووجدنا أنه عنيف للغاية ويمكن أن ينتشر بسرعة كبيرة».. هذه تحذيرات منظمة الصحة العالمية من متحور دلتا الجديد لفيروس كورونا، وبالرغم من أن 15 دولة بإقليم شرق المتوسط من أصل 22 دولة أبلغت عن هذا التحور، لكنه لم يصل مصر حتى الآن؟، وسط مخاوف كبيرة من دخوله فى ظل تراجع الإجراءات الوقائية، وكثرة التجمعات بشكل ملحوظ.
وعن احتمالية وصول المتحور لمصر، قال الدكتور أمجد الحداد، استشارى الحساسية والمناعة، لـ«صحتك بالدنيا»، إن المتحور على الأبواب، ولو نظرنا حولنا سنجده فى دول مثل إسرائيل، ليبيا، تونس، العراق، ودول عربية كثيرة انتشر فيها «متحور دلتا» بقوة، وهناك دول معروفة عنها صرامة الإجراءات الاحترازية مثل الصين، إلا أن المتحور اخترقها وبدأ ينتشر فيها، وهناك دول فيها منظومة تطعيمات قوية مثل بريطانيا، اخترقها أيضا «متحور دلتا» بقوة، وأعداد الإصابات تزايدت فيها بشكل واضح.
وأكد «الحداد» أن مصر ليست بعيدة عن المتحور الجديد.. وإذا جاء، فنتمنى ألا يحدث إصابات ووفيات كثيرة، وهذا لا يحدث إلا بأمرين، الأول: أن يعود الجميع لاتباع الإجراءات الاحترازية بشكل قوى، خاصة إذا تابعنا التجمعات الأخيرة وما يحدث فى المصايف والزحام الكبير فى الحفلات الغنائية والزحام فى محطات المترو، فهناك غياب كامل للوعى، وهو أمر كارثى، فبذلك نصنع المتحور فعليًا. وأضاف: «هذه التجمعات التى نراها ستكون سببا فى صناعة متحور جديد دون قدومه من الخارج، مثلما فعلت الهند عندما صنعت متحور (دلتا) فى احتفالية كبيرة».
وشدد «الحداد» على أن خطوتى منع وصول أو صناعة متحور جديد هما «اتباع الإجراءات الاحترازية واستمرارية وتكثيف التطعيم باللقاح خلال شهر أغسطس الجارى»، فهذان قد يمنعان أن يكون لدينا متحور جديد قوى بمضاعفات خطيرة، لأن التطعيم يقلل الوفيات ووجود منظومة تطعيمات قوية تحمى المجتمع من خطر المضاعفات من المتحور، مؤكدا أن اتباع تلك الإجراءات سيجعل تداعيات الموجة الرابعة ضعيفة للغاية، ولكن احتمالية دخول متحور دلتا واردة جدا نظرا لسرعته، فهو سريع الانتشار والعدوى، وبذلك ستزداد أعداد الإصابات وتتضاعف الوفيات.
وأشار الدكتور عادل خطاب، عضو اللجنة العليا للفيروسات التنفسية بوزارة التعليم العالى، وأستاذ الأمراض الصدرية بجامعة عين شمس، إلى حدوث تحورات كثيرة مع فيروس كورونا، منها سلالة «ألفا» التى ظهرت لأول مرة فى بريطانيا، و«بيتا» التى ظهرت فى جنوب إفريقيا، و«جاما» التى ظهرت فى البرازيل، و«دلتا» التى ظهرت فى الهند، موضحا أن مصر لم ترصد حتى الآن أى حالات مصابة بمتحور «دلتا»، إلا أنه يتوقع ظهوره خلال الأشهر المقبلة، خاصة مع تأكد تفشيها فى أمريكا والصين والهند والكثير من الدول الأوروبية. وقال خطاب: «معدل العدوى بسلالة (دلتا) أعلى بأكثر من 50% من معدل العدوى بسلالة (ألفا) المنتشرة فى مصر خلال الموجتين السابقتين، وتحور الفيروس يثير الكثير من المخاوف، لأنه يؤثر على طريقة اكتشافه بطرق التشخيص المختلفة، وكذلك مدى كفاءة العلاجات، وفاعلية اللقاحات».
فيما أوضح الدكتور مجدى بدران، عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، أن «متحور دلتا» يضم 3 طفرات رئيسية نتجت عنها تغييرات فى تسلسل الحمض النووى لفيروس كورونا، عضدت من قوة بروتين الشوكة التى يستخدمها الفيروس للالتصاق بالمستقبلات التى تعلو الخلايا البشرية. وشدد على أن أى تهاون فى التدابير الوقائية معناه الموافقة للفيروس على الدخول فى الأسرة والدوران بين أفرادها، ومن المعرفة السابقة بمرض السارس وفيروس كورونا متلازمة الشرق الأوسط والإنفلونزا، يرتبط الحمل الفيروسى المرتفع عادةً بنتائج أسوأ، وتبين أن متوسط الحمل الفيروسى لحالات كورونا الشديدة أعلى 60 مرة من الحالات الخفيفة، مما يدعم فكرة أن الأحمال الفيروسية الأعلى مرتبطة بنتائج سريرية سيئة.
ووصف «بدران» فيروس كورونا بأنه أشبه بـ«البهلوان»، حيث إنه مولع بالطفرات والتحورات والمتغيرات. وقال إن سلالة دلتا هى الأخطر لأنها شديدة العدوى، وهى الأكثر عدوى من المتغيرات الأخرى المثيرة للقلق التى تم تحديدها حتى الآن، ومن المرجح أن يصبح الخيار المهيمن السائد فى العالم فى الأشهر المقبلة بسبب عدة أمور: أولها انتشار هذه السلالة السريعة فى وقت قصير، وثانيها العدوى السريعة نتيجة تكاثر هذه السلالة الجديدة بسرعة داخل الخلايا المصابة، وحدوث زيادة فى معدلات الإصابة، وزيادة الحمل الفيروسى وبالتالى الجرعة المعدية للآخرين.
وأشار عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة إلى أن تلك السلالة أكثر قابلية للانتشار من متغير «ألفا» بنسبة 60%، ومتغير «ألفا» أسرع فى الانتشار من فيروس كورونا نسخة «ووهان» التى ظهرت فى الصين بنسبة ٥٠%، أى فيروس كورونا سلالة «دلتا» أكثر سرعة فى الانتشار من فيروس كورونا نسخة «ووهان» الصينية بنسبة 140%، وبالتالى هو أسرع نسخة متحورة لـ«كورونا» حتى الآن، وتستطيع مناورة المناعة المكتسبة من جرعة واحدة من لقاحات كورونا.. والخوف أن تصبح متهورة وتنتج سلالة أشرس وأكثر ضراوة وأمراضا وتسبب وفيات أعلى أو تهدد بفشل اللقاحات الحالية.
وأكد أن فيروس كورونا المستجد كان مثاليًا فى عمليات الطفرات، فليس بالضرورة أن تؤدى الطفرات إلى الشراسة، ولكن طفرات (كوفيد-19) جعلت الفيروس أكثر انتشارًا، فالسلالات الجديدة سريعة الانتشار، ويتوقع أن تضعف هذه الطفرات للفيروس، ولهذا يتوقع البعض أن يصبح الفيروس موسميًا فى المستقبل.