بقلم / اشرف ونيس .
🌷 اختلفت اراء البشر و تفسيراتهم لسر اسرار الحياة وهو ( الالم ) ، فكلِ فى موقعه و من خلال تفكيره الذهنى و المهنى يمتلك من الاسباب و النتائج ما يظن انه المرجع الاول و الاخير لمعرفة الالم من حيث دواعيه و تداعياته على انفس البشر فى كل زمان و مكان ، فهناك رجال الاقتصاد ، و رجال العلم ، و الفلاسفة ، و رجال الدين ، و لكل منهم رأيه الخاص و لكل منهم ايضا ممن يؤيدونهم و يرجحون كفة رأيهم على الاخر .
💙 فرجال الاقتصاد والاعمال فى تفسيرهم لذلك السر نجدهم ينسبون سر الالم و الشقاء الى الفقر و العوز ، وان المال هو الحل لكل المشكلات سواء على المستوى الشخصى او حتى المجتمعى ، وان من امتلك المال امتلك كل شئ او على الاقل امتلك مفتاح سعادته ، فمقومات العيش الكريم يعتمد فى رأيهم بشكل اساسى و ضرورى على المال ، و بغير ذلك يفتقر المرء الى كل شئ حتى الى قوته الضرورى .
💙 واخرون من لهم اسبابهم الخاصة لتفسير ذلك السر كرجال العلم والطب النفسي الذين يرجعون فى شقاء الانسان و معاناته الى ما يسمى ب « الاضطراب النفسي » وان كافة مشكلات الفرد الذهنية و السلوكية سببها هو خلل كيميائى فى المخ قد يرجع الى اسباب وراثية او بيئية ، يترتب عليه خلل فى الحالة الوجدانية والمزاجية للشخص ، مما يكون له بالغ الاثر على معظم مناحى الحياة الفردية فالمجتمعية ، و من هنا نشأ الالم .
💙 اما الفلاسفة و المفكرين فلهم فلسفتهم الخاصة لمعرفة وتفسير كافة الظواهر الكونية ومن بينها موضوع كل الازمان وهو الالم ، حيث ينسبون كافة معاناة البشر الى ما يسمى ب « غياب المعنى » وان الانسان اصبح متخبطا فى دياجير الظلام و مترنحا بين العبثية والعدمية ، فلا معنى للحياة ، ولا معنى للوجود ، فنحن نولد لنموت ، و نوجد لنفنى ، فالحياة تولد من رحم اللاوجود و تنتهى بالعدم والفناء ، وما بين اللاوجود و العدم رحلة قصيرة اكثر ما يميزها هو الالم و المعاناة ، فانجازاتنا و اخفاقاتنا ، احلامنا و طموحنا ، سعادتنا و احزاننا ، كلها الى الفناء ، فلماذا انا موجود ؟ و أين اذا المعنى من وجودى فى عالم فانٍ ؟ و لماذا خلقنا الله ؟ و غيرها من الاسئلة التى لم يجد ردا شافيا لها مما اودت بالعقل الانسانى الى الظلامية ومن ثم الفكر والمنهج العبثى للحياة والوجود ، ومن هنا بدأت معاناة الانسان اذ لا هدف من وجوده ، و من لا هدف له فلا كيان له ، مما نتج عنه اتساع هوه الفراغ الانسانى ، و كان هذا هو قمة الالم و المعاناة !!!!!
💙 وهناك فئة اخرى من البشر الذين لاقى تفسيرهم رواجا كبيرا لدى الشعوب فى تفسيرهم لسر الالم ، وهم رجال الدين ، فبينما نجد رجال الاقتصاد ينسبون معاناة الانسان الى الفقر ، و رجال الطب النفسي يرجعون فى ذلك الى الاضطراب النفسي ، والفلاسفة والمفكرين يرجعون فى معاناة البشر الى غياب المعنى من وجودهم ، فنجد رجال الدين الذين اعوذوا الم الانسان و معاناته الى « كثرة الذنوب » وان الله خقلنا للننعم بالوجود فى ظل رحابه وتحت كنفه ، بينما افعال الانسان المنافية لارادة الله و مشيئته صارت ذنوبا يقترفها البشر يوما بعد الاخر ، لتصبح بذلك حاجزا بين الانسان و مصدر سعادته فى الحياة وهو الله ، ومن ثم نشأ الالم وصارت المعاناة هى العامل المشترك لكل محطات الانسان فى الحياة .
🌷وهكذا تباينت اراء البشر فى مختلف ازمانهم من جهة تعليلهم لهذا السر ــ الالم ــ فكلٍ له اسبابه وكلٍ له ارائه و لكل له منهجه الذى يبدو منطقيا للبعض و غير مقبول لدى البعض الاخر ، ولكن مهما تعددت و تنوعت الاراء حول هذا الموضوع فالكل يشترك فى شئ واحد ، نجده كعامل مشترك بين الجميع و هو وجود ( سر ) وان هذا السر تحيطه هالة من الضبابية ، كثرت فيه الاقاويل و تعددت فيه الاراء و لكنه مازال سرا مبهما مستترا خلف كثير من الغموض و الغيوم الا وهو " الالم .