( بقلم / أشرف ونيس )
تتعدد أوجه اشكالها ، كما تتنوع طرق رسمتها ، كم نحنو إليها احيانا ، و كم نتوق اليها احيانا اخرى ، تارة تأتى و تحضر على أوجه الكثيرون لاصغر الاسباب ، و أخرى تغيب و تأبى الظهور رغم توفر الكثير من مقوماتها ، تتقوس على زوايا شفاهنا فتغير فى الكثير من تقاسيمنا ، كما تظهر فتغمر اماكن عدة بالبهجة رغم صمتها و عدم صدور اى من الاصوات لها !!!
انها ال " الابتسامة " ؛ حالة من الانتشاء ، تتوسط حالتين هما العبوسة و الضحك ، ليس لها صوت لكن لها صدى ، ليس لها عمق وقتى لكن تأثيرها طاعن فى عنق الزمن ، ترتسم على الشفاه فتصحب معها الوجنتين تحركا كما يتحرك الرضيع نحو أمه !!!
هى كتاب مقروء كما إنها مرٱة عاكسة ، تفشى أسرار القلب و مكنوناته ، و تخبر عن كثير من خفايا الأشخاص و ما يضمرونه خلف حنايا صدورهم و غور باطنهم ، كانت و مازالت و ستظل انساننا الناطق وإن كان لا يصدر عنه سوى بعضا من همس غير مسموع بالأذان لكنه مدرك عن ظهر القلوب و الأفئدة !!!
لها تأثيرها النافذ على أصحابها ، كما لها نفوذها الحاسم على مستقبليها ، لها من القوة ما يجعلها تتحكم و تسيطر و تقود ، كما لها من القدرة ما يجعلها تغير و تبدل و تحول من مجرى الأمور ، لها تأثيرها العضوى على مُصدرها ، كما لها انعكاسها النفسي على متلقيها ، تتحكم فى هرمون التوتر و تقلل من نسبة القلق ، كما تستجلب من العدم الثقة بالنفس لدى الاخرين فتمكنهم من القيام بدورهم وسط هالات من الهدوء و قلاع من السكينة !!!
هى مصدرا للتفاؤل ، نبعا للأمال ، لها تأثيرها السحرى و إن كان غير سحرى على كسر الحواجز بين الأشخاص و بعضهم ، لا تكلف الكثير لكنها تعود بالنفع الكبير ، لا تُشترى بالمال لكنها عظيمة الثمر ثمينة القيمة ، لا تعرف الأخذ لكنها جزيلة العطاء ، كريمة الجود ، سخية فى التقديم و الإنعام و الإهداء لكل كسيرى القلوب ومن هم فى أمس الحاجة لها !!!
تحيى و تميت ، ترفع و تضع ، تفتح و تغلق ؛ فهى تحيى الرجاء داخل الأنفس كما تميت اليأس بأرواحها ، ترفع معنوياتنا و غيرنا الى سحب السماء كما تضع من بؤس الكثيرون فى غياهب السجون ، تفتح لنا أبوابا من الأفاق و التجدد و التطلع كما تغلق بداخلنا طاقات من الخيبة و الإخفاق و القنوط !!!
هى الضياء وسط ظلمة الأنفس كما انها النور الذى ينير قتامة الصدور ، هى التهيؤ للأنفراجة فى خضم طول إنتظارنا كما انها السند و محطة الراحة لنا بين تعثر طرقنا و منحنيات دروبنا !!!
كلمة بها قليل الحروف لكنها تحوى كثير المشاعر ، لها قصير التحيز بين الأسطر و الكلمات لكنها تأُم أفكار و عبارات ربما لا تسعها أوراق الأرض ، فكم تغنى لها الشعراء ، و كم كانت الأرض الخصبة للكثير من الأدباء و مرهفى الحس لزرع و إنبات العديد من الأحرف الذهبية بها !!!!