كتب – محرر الاقباط متحدون
وجه الأنبا نيقولا أنطونيو، المتحدث الرسمي للروم الأرثوذكس في مصر وسائر إفريقيا، رسالة رعوية جديدة لشعب الكنيسة، حملت عنوان " مريم العذراء والدة الإله"، وجاء بنصها :
مريم العذراء والدة الإله، لم تلد الجوهر الإلهي بل جسد يسوع الذي صنعه الروح القدس في أحشائها.
إن كنيستنا الأرثوذكسية تنادي العذراء مريم بأنها: "والدة الإله، والدائمة البتولية، والكلية القداسة"، بالإضافة إلى ألقاب أخرى هي: "الطاهرة، الفائقة البركات، المجيدة، وسيدتنا".
اللقب الأول: "والدة الإله"، إن التعليم الأرثوذكسي المتعلق بـ"والدة الإله" منبثق من تعليمها الخاص بالمسيح. فحين أكدّ آباء المجمع المسكوني الثالث المنعقد في افسس في العام 431م على تسمية مريم بـ"والدة الإله"، لم يكن ذلك بقصد تمجيدها بل من أجل الحفاظ على العقيدة الحقة المتعلقة بشخص المسيح.
كما أن عبارة “والدة الإله” تحمل تراثا إيمانيا ذا قيمة لاهوتية عظيمة؛ فاللفظة اليونانية "θεοτόκος" (theotokos) تعني "حاملة الإله"، أي التي حملت الإله في رحمها، إذاً لقب "والدة الإله" هو ليس فقط لقبا تكريمياً لمريم وإنما هو ضرورة لاهوتية تحتّمها. فـ"مريم" هي أم الرب، وهي أمنا التي لا تنفك تدلنا على أن نتبع يسوع ونطيعه.
واللقب الثاني: "الدائمة البتولية"، جاء به المجمع المسكوني الخامس المنعقد في القسطنطينية في العام 553م، بأن مريم والدة الإله هي عذراء قبل الولادة وفي الولادة وبعد الولادة. ودان المجمع: "كل من لا يعترف بأن كلمة الله وُلد ولادتين: الولادة الأولى منذ الازل لا تنحصر في زمان او في جسد، والثانية في الايام الأخيرة اذ نزل من السماء وصار جسداً من القديسة المجيدة مريم والدة الإله الدائمة البتولية ووُلد منها".
أما اللقب الثالث: "الكلية القداسة"، فلم يحدَّد عقائديا، ولكنه مقبول ويستخدمه جميع الارثوذكسيين في العالم.
مع أن للعذراء مريم في الكنيسة الأرثوذكسية مكانة خاصة من بين جميع القديسين، وتعظمها باعتبارها "أشرف من الشيروبيم وأرفع مجداً بغير قياس من السيرافيم" تكريماً لها لأنها والدة إلهنا، غير أن هذا التكريم ليس عبادة لها كعبادة لله. فهي لا تُكرّمها منفصلة عن المسيح وإنما بسبب علاقتها به. على ذلك فإن التكريم الذي تُخص به مريم، لا ينتقص من عبادة الله مطلقاً بل على العكس. فبالقدر الذي تُقدّر فيه مريم، يُعرف المزيد عن جلال ابنها، ذلك أنه إكراماً للابن يُعمد إلى إجلال الأم.
في إنتقال العذراء بالنفس والجسد، تؤمن الأرثوذكسية بهذا بثبات. فالسيدة، على غرار سائر بني البشر، عرفت الموت الطبيعي؛ لكن قيامة جسدها تمّت قبل الجميع. فهي بالتالي تجاوزت الموت والدينونة وتعيش منذ الآن في الدهر الآتي. لكنها ليست منفصلة انفصالاً تاماً عن الإنسانية، التي ستُشارك ذات يوم في مجد الجسد الذي تتمتع به منذ الآن. لكن الكنيسة الأرثوذكسية، بخلاف كنيسة روميَّا، لم تلجأ إلى إعلان عقيدة "انتقال العذراء بالجسد".