عادل نعمان
ما خرج الإرهاب إلا من جعبة هؤلاء، وما قتلوا وما صلبوا وما نسفوا وما فجروا وما نكحوا وما حرقوا إلا بفتاوى من جاءوكم زحفا أعلاء كاذبون إلى المحكمة، وما هاجروا إلى بلاد الشام والعراق وسيناء وليبيا لمحاربة الكفر والكافرين إلا بتزكية منهم. عودوا يا سادة إلى الدليل الصادق الذى لا يكذب، «الخطب العصماء لأئمة الفكر الإرهابى على منصة رابعة، ومؤتمر نصرة الثورة السورية فى الصالة المغطاة باستاد القاهرة، وفيديوهات مشايخ الإرهاب على اليوتيوب» تحريض على القانون، وإثارة الفتنة بين أبناء الوطن الواحد من المسلمين والمسيحيين، وإشعال نار الحقد والضغينة بين السنة والشيعة، وإهاجة مشاعر المسلمين وتأليبها على العالم الحر المتمدن، والطعن فى كل ما هو قانونى منزه عن الهوى، والقدح فى كل نجاحات المجتمع العلمى المتميز، وازدراء كل ما هو عقلى وعلمى لحساب الخرافات والخزعبلات، ألا يكفيكم كل هذه الجرائم الموثقة والمثبتة بالأدلة والشهود ونتائجها من قتل ودهس وتخريب وحرق، لمحاكمة هؤلاء؟
لابد من محاكمتهم فورا بتهمة التحريض على القتل والسرقة وسفك دماء الأبرياء، المحرض يا سادة جريمته جريمة الفاعل الأصلى، وهؤلاء الفسدة حرضوا على قتل غير المسلم والمرتد وتارك الصلاة والرافضة «الشيعة»، عودوا إلى مؤتمر دعم الثورة السورية وراجعوا ما قاله حسان على الملأ، قال: «جهاد الدفع واجب عينى على الشعب السورى، وكفائى على المسلمين فى أرجاء الأرض» وناشد رئيسه «مرسى» على الهواء والرؤساء والملوك أن يتحركوا قبل فوات الأوان لدعم الثوار بالمال والسلاح، والزج بشباب الوطن فى حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل، وطالبهم بتفعيل توصيات مشايخ الجهاد والتطرف «بل وناشده» ولا تفتحوا أبواب مصر للرافضة، واسألوه سؤالًا ساذجًا، من الذى دفع الآلاف من الشباب إلى محرقة سوريا والعراق وليبيا، وقد كانوا من قبل فى أمان وطمأنينة وسلامة فى رحاب الوطن وأهله وعلمه وعمله؟ واسألوه: أو ليست لهذه الحناجر صدى فى قتل الشيعة وسحلهم فى زاوية أبومسلم؟.
أهذا ولدك يا سيد حسان فلذة كبدك؟ الذى أوقفته بجوارك فى المحكمة، فى ردائه المدنى وليس فى لباس الجهاد والحرب، على الموضة، قميص من اللون الأبيض وبنطلون جينز كحلى اللون، وحذاء عصرى، ولحية «مدنية وليست سلفية» منسقة ومهذبة، وقف يسندك فى المحكمة، «فى ضهرك» وفى كبرك وهرمك وعجزك ومرضك المختلق، كم من ضحاياك حرمت أهلهم هذا الشرف وهذا السند وهذه العزوة؟.
كم من ضحاياك كشفت «ضهرهم» فى الكبر دون ابن عاقل رشيد يعين فى الكبر ويسند عند الحاجة؟ ألم يكن لولدك هذا الحق فى هذا الشرف ليعلو على كل هؤلاء شرفا فى ميادين الجهاد والقتال، ويوارى الثرى معهم بعيدا عن الأهل والأحبة، ويلحق بالصديقين والصالحين والشهداء وحسن أولئك رفيقا، بديلا عن رفقتك المتواضعة هذه؟ أو أن جهادكم جهاد البسطاء من الناس والَمخدوعين بكم، وأولادكم فى الجامعات العالمية يعيشون فى رغد من العيش فى أجواء الكفر والكافرين ينكحون ما طاب لهم من النساء؟.
وأذكر السادة الأفاضل، وفقا لنص المادة (40) من قانون العقوبات، يعد شريكا فى الجريمة كل من حرض على ارتكاب الفعل المكون للجريَمة، إذا كان الفعل قد وقع بناء على هذا التحريض، والَمحرض فى التشريع الجنائى المصرى هو الذى يوجد التصميم العدوانى عند الفاعل، فهو المدبر للجريَمة وهو الدافع لها، والفاعل المعنوى لها، وربما يكون الفعل مختبئا تائها نائما مكنونا فى نفس الفاعل الأصلى، فيأتى َويوقظه من سباته أحد المحرضين المضللين، ويخرجه من السر إلى العلن، وربما لو تركه لصاحبه لتغلب عليه وظل تائهًا فى النفوس، وهذا ما جاءت به دار الإفتاء: «فإن التطرف القولى هو المرحلة الانتقالية للتطرف العنيف، وأن الإنتاج الكلامى لأصحاب الفكر المتطرف سواء كان خطابات أو مؤلفات أو فتاوى يمثل الركيزة التى تبنى عليها التتظيمات سلوكها وأفعالها الإرهابية»، وهذا ما قد جاءنا على ألسنة كل من حوكموا بتهم الإرهاب والقتل والتطرف سواء خلية تنظيم داعش إمبابة أو غيرها.
أوقفوا لعبة القط والفأر هذه فورا، فوالله، لو تمكنوا منكم يوما لقتلوا الجميع دون محاكمة، وصلبونا جميعا- حكاما ومحكومين- على أبواب المنازل، كما صلبوا جثث بنى أمية «ذرية بعضها من بعض»، واستباحوا أموالنا وأعراضنا وكان نصرا مبينا، قدموهم جميعا لمحاكمة فورية بتهمة التحريض على القتل والتخريب، ولا تأخذكم بهم شفقة أو رحمة، فهم أساتذة فى التقية والمعاريض والمرض الكاذب، واسمعوا ما قاله «حسان» فى المحكمة عن فشل الإخوان فى حكم مصر «لأنها لم تستطع أن تنتقل من مرحلة فقه الجماعة إلى مرحلة فقه الدولة، ومن مرحلة سياسة الجماعة ذات الطيف الواحد إلى حكم الدولة ذات الأطياف المختلفة»، يكذب الرجل جهارا نهارا، فليس لديهم سوى فقه واحد وطيف واحد لا يقبل غيره معه، صادروا أموالهم الحرام بسحتها كما صادرَ من قبل معاوية بن أبى سفيان أموال عمرو بن العاص والى مصر فى عهده وقال «نأخذها بسحتها» فهم جميعا يعرفون بعضهم بعضا، فسحتهم أكثر من حلالهم، وشرورهم تفوق خيراتهم، وضلالهم أكثر من هديهم، وضحاياهم من القاتل والمقتول بطول البلاد وعرض الزمان منذ الأوائل حتى الآن (الدولة المدنية هى الحل).
نقلا عن المصري اليوم