تأملات فى الروح الانسانية

بقلم / أشرف ونيس شلبى  
 احاطتنا هالات الجهل ، و تراكمت فوق رؤوسنا سحب عدم اليقين ، حين بدا لنا ان ما نراه خارجا من الممكن ان يؤثر عما بداخلنا  ،  و قد تناسينا ان لروح الانسان اعماق تحدد و تبنى و ترسي ، اعماقا تجدد و تخلق و تحيى ، روح اختلف و سيخلف البشر فى تحديد  طبيعتها و وضع تعريف محدد لها  ، روح لها من الاعماق ما لا قبل لنا به ولا قدرة على الاحاطة بأطرافه بأى حال من الاحوال ........  !!!!!!
 روح انسانية وان كان البعض يصفها بانها روح محدودة الا انها محدودة فقط قياسا لروح الله الغير محدود  ، لذا فنراها و قد تحررت من أغلال الزمان و قيود المكان فتجوب و تجول اينما ارادت و وقتما شاءت ........  !!!!!!
 
روح لها من الاعماق ما يحدد وجودنا وسط محيطنا ، اعماق ترسي قواعد احساسنا بالوجود تارة و احساسا بغياب المعنى و انعدام الذات عندما تمرض تلك الروح تارة اخرى ، فهى اعماق تخلق تأثيرا علينا وعلى ما يحيط بنا بل وعلى الاخرين ايضا  ..........!!!!!!
 
 كثيرا ما نظن اننا قد بلغنا مداها واذ بها تفاجئنا بما ما لم يكن لنا فى الحسبان  ، كلما حاولنا سبر اغوار تلك الروح الانسانية بأعماقها كلما اصتدمنا بخضم بحر هائج من ألغازها  ، تحوى الكثير بما لا نعلمه و العديد بما لم نعرف عنه شئ  و اخرى بما لا يعد او يحصى  ، تخطت حدود العلم اذ انها خارج نطاقه  ، فلديها من الامكانيات ما نعجز عن وصفه و ما لا نجرؤ على التطرق اليه فى اى وقت من الاوقات  ......  !!!!!!!!
 
قد تتكلم الينا احيانا و تخبرنا عن شيئا مما لديها ، و كثير من الاوقات تلتزم الصمت فتبقينا قابعين على حافة شاطئها لننظر و نشاهد و نتأمل دون الخوض فى ما تحتويه او ما تحيط به  ........!!!!!!!!
 
 روح لديها اعماق تفوق ارتفاع الجبال فى شموخها كما انحدار مياه البحار فى اعماقها بل و صحارى الارض فى اتساعها  ......!!!!!
 روح  لا تنضب فهى مصدرا لكل وعى ، و الخلفية الحقيقية لكل فكر ، و نبعا يتفجر منه كل قرار و عمل و اتجاه ، تشعرنا بصغرنا و محدودية معرفتنا بها لما لها من امكانيات و قدرات خارقة و لذلك فهى لا تتورع فى ان تمنحنا الطاقة لمواجهة اى شئ مهما علا شأنه أو تعاظم امره .....!!!!!!!
 نخطئ اذا خيل لنا  فهم دقائقها او حتى الفصل فى ماهيتها ، فالبعض ظن ان الروح هى مادة أثيرية كالطاقة و الموجات الكهروماغناطيسية  ، و البعض نفى عنها الطبيعة المادية و أعتبرها شئ معنوى غير ملموس او محسوس  ، و قليلين ممن انكروا وجودها و اعتبروا ان الانسان الة عندما تتعطل و تتوقف عن العمل ففى ذلك موته ومن ثم فناءه  ......  !!!!!!!!
 
 روح انسانية هى نتاج روح الهية خالقة لها ولذا فهى على صورتها و شببهها  ، فهى  خالدة  و  مريدة  و صادرة لقرارات وما من أعضائنا سوى كونها جهة تنفيذ لها ، ولذا فقد دفعت البعض من المتأملين فيها بأن يطلقون على انفسهم بانهم الهة صغيرة  نظرا لما للروح من  قدرات تفوق قدرات العلوم الطبيعية  ......!!!!!
 
 حاول العلماء بصفة عامة  ــ على مر العصور الغابرة ــ و الفلاسفة بصفة خاصة و ضع جهة اختصاص لدراسة و تفسير الاصل الوجودى للاشياء و كيف نشأت من خلال ربط العلم باحد فروع الفلسفة النظرية  لينتج علم الميتافيزيقا او علم ما وراء الطبيعة  ،  و التى كان من ضمن مادة بحثه هو (  الروح  ) من حيث ماهيتها و كنهها و جوهرها  ، وعلى الرغم من ذلك فهو لم يستطع ان يقدم لنا الحقيقة الشافية  ،  فالخيال الافتراضى او الافتراض الخيالى كان و مازال هو القاسم المشترك الذى تقوم عليه تلك الفلسفات العلمية أو العلوم الفلسفية .....  !!!!!!!
 
وجد فيها الخيال ضالته كما وصلت شطحات الفكر البشرى مسترسلا فى وصف طبيعة و امكانيات تلك الروح الى نسب اشياء و احداث و قوانين كونية لها  ، فاعتقد البعض بأن الافكار  ــ  و هى صادرة عن عنصر الروح  ــ  لها خاصية جذب للاشياء فى نطاق ما يعرف بقانون الجذب الفكرى  ، وان لكل فكرة تردد خاص بها  ،  و هذه الترددات الناتجة عن الافكار ترسل الى الكون الذى حولنا ثم يعود الينا محققة ما نريد من امنيات و امال  ،  فاذا كانت افكارنا سلبية فترددات تلك الافكار  ترسل الى ارجاء الكون لتعود الينا بكل ما هو سلبى و على العكس من ذلك الافكار الايجابية  .!!!!!!!!
 
 الذى اختص بدراسة النفس البشرية و ما ينتج عنها من سلوك  ،  الا ان رجاله و علمائه لم يدخروا جهدا للوقوف على اعتاب تلك الروح الانسانية و ما تبطنه من خفايا و اسرار ،  فالكثير منهم ايضا لصقوا بالروح واحدة من العمليات الخارجة عن ادراكنا المعرفى الا وهى عملية (  توارد الخواطر  )  او ما يسمونه ب التيليباثى  ،  وهى انتقال الافكار من عقل شخص لاخر دون اعتبار لبعد المسافات بينهم نتيجة قوة كهربية و ذبذبات تربط الاشخاص ببعضهم البعض دون استخدام اى وسيلة حسية لديهم ........!!!!!!!!
 
 روح بطلها هو عقل يفكر و ذهن يتخيل  و ضمير يميز بين الخير و الشر و حين يجتمع العقل و الذهن متحدين بالضمير تحدث  الخوارق و المعجزات التى قد نتنبأ ببعضا منها و قد نتفاجئ بالبعض الاخر  .......  !!!!!!!!!!
لها ارتباط وثيق بينها و بين قوى الطبيعة فتتفاعل معها فى حوار ذات لغة مبهمة فى مفرداتها و تعبيراتها فيصدر عن ذلك انواع شتى من الفنون و الخلق الابداع  ،  تتآلف مع الشمس تارة و اخرى مع القمر و كثير من الاحيان التى فيها تتحد مع البحر و امواجه فيتوالد الالهام بكل صوره ليصبح بذلك الاحساس لفظا و الشعور نطقا لنتفاجئ بأحرف لكلمات لا ندرى عنها شئ  .........!!!!!!!!
 
هى جسرا يصل بين الاشخاص و ربهم كما انها وسيلة تربط سكان الارض بسكان السماء فى تناغم و انسجام يفوق الابصار و الاحساس المادى  ، وليس فقط وسيلة لربط الارض بالسماء  لكنها اداة ربط ايضا بين سكان الارض ببعضهم البعض عن طريق تلك العملية الباطنية و الخفية والتى تدعى ( الحدس ) تلك العملية التى عن طريقها ندرك اشياء و اشخاص دون سابق معرفة بهم و عن طريقها ايضا نتنبأ و نشعر باشياء قبل حدوثها فاذ بها  تكون واقعا ماديا و حقيقة مرئية و ملموسة  .........  !!!!!!
 
 انها جوهر الانسان و ما يحدد كينونة البشر و وجودهم  ،  بل هى ذلك الشئ الخفى الذى يمد اجسامنا بالمعنى و الحياة و ما ان تخرج منها حتى تصبح تلك الاجساد بلا قيمة بل تمسى هى و تراب الارض سواء  .....  !!!!!!
كثيرة و عميقة تلك التأملات و الكتابات و الاعتقادات عن الروح  ، و بالرغم من ذلك تبقى كتابا تملؤه الشفرات و لا يوجد من هو قادر على فكها أو قرائتها سوى من خلقها و اوجدها  ،  لذا فهى تعد من خفايا الوجود و واحدة من ضمن اسرار الكون بكل ما يحتويه ..... انها الروح ؛ العنصر الاعلى فى تكوين الانسان الذى يتكون من روح ناطقة و نفسا شاعرا و جسدا ماديا معبر عن كليهما ...... انها الروح  ........!!!!!!!!