كتب – محرر الاقباط متحدون
وجه الأنبا نيقولا أنطونيو، المتحدث الرسمي للروم الأرثوذكس في مصر وسائر إفريقيا، رسالة لشعب الكنيسة بعنوان " الحبل بمريم والحبل بلا دنس"، وجاء في الرسالة :
في الكنيسة الأرثوذكسيّة لا وجود لعبارة “الخطيئة الأصليّة” (كالكنيسة الكاثوليكية)، أي عصمت مريم منذ اللحظة الأولى للحبل بها من كلّ دنس الخطيئة الأصليّة. الكنيسة الشرقيّة تتكلّم على “خطيئة الأبوين الأوّلين” أو “خطيئة الجدّين الأوّلين”، أي "الخطيئة الجدية"، عن خطيئة آدم وحواء.
لكنها ترفض مسألة انتقال الخطيئة الجدية بالوراثة، فآدم وحواء هما خطئا، أمّا نسلهما فيرث فقط ما نتج عن سقوط آدم وحواء، أي الأعراض المرافقة للطبيعة الإنسانيّة كالتعب والمرض والموت. وهذا ما استلزم الخلاص بالمسيح، إذ تشوّهت صورة الله في الإنسان ووجب إعادتها إلى المثال بقبول الإنسان الحرّ والواعي.
إنّ الله "أنعم" على مريم العذراء بملء القداسة، وقد تجاوبت مريم مع هذه النعمة، فلم تقترف أيّ خطيئة وبقيت “منزّهة عن العيب”. ولكنّ هذه "النعمة" لا تعني، في نظر الكنيسة الأرثوذكسيّة، عصمة من الخطيئة الجدية، لأنها كسائر البشر في حاجة إلى فداء ابنها. فمريم خضعت للموت كسائر البشر وتحمّلت معهم عاقبة خطيئة آدم وحواء. وقد الله سمح بالموت لا عن غضب بل بداعي رحمته الإلهية، في هذا يقول ثيوفيلوس الأنطاكي: “صار هذا لأن الله قد وهب إحساناً عظيماً للإنسان كي لا يبقى إلى الأبد في الخطيئة”، وكما يقال في صلاة الجناز: "كي لا يبقى الشر عادم الزوال".
إنّ الكنيسة الأرثوذكسيّة، برفضها عقيدة “الحبل بلا دنس” وعصمة مريم العذراء من الخطيئة الأصليّة، تؤكّد في صلواتها على عظمة مريم ومكانتها الفائقة في سرّ التدبير الإلهيّ. فأهمّيّة مريم تكمن في هذه الـ”نَعَم” التي قالتها لملاك البشارة بكامل حرّيّتها وملء إرادتها البشريّة.
يمكن إيجاز الكلام على عظمة مريم بأنّها كانت إنسانة، كسائر البشر، اختارت أن تهب نفسها هيكلاً لسكنى ابن الله. لذلك، تمدحها الكنيسة الأرثوذكسيّة فتكرّمها وترفعها على سائر المخلوقات، بمَن فيهم الملائكة.