وسيم السيسي
بدونى.. لا ينجح حاكم مع شعبه، ولا طبيب مع مرضاه، ولا أب مع أولاده، ولا زوج مع زوجته.
إن شقاء العالم بسبب غيابى، آخذ صورًا مختلفة فى حياتكم كالعطاء.. التسامح «أنت أخطأت وأنا تنازلت»، السماحة «أنا أقبلك وأحترمك رغم أنك تقدس البقرة»، عليكم أن تقولوا سماحة الأديان وليس تسامح الأديان!. أنا مثل فيتامين C، تموتون دونه.. كذلك أنا، تضطرب حياتكم اضطرابًا شديدًا فى غيابى، تحاولون التعويض بالثروة أو الشهرة أو السلطة أو الجنس الآخر، ولكن دون فائدة، من صورى: الإيمان وهو حب الله، عمل الخير وهو حب الناس، المودة وهى حب الأقربين، العشق وهو الحب اللانهائى لإنسان آخر. أنا سلام هذا الكون بالحب، تحت اسم الجاذبية! الشمس وكواكبها، نواة الذرة وما حولها من إلكترونات، وحين خلقتم الكراهية بين مكونات الذرة دمرتم هيروشيما ونجازاكى «الانشطار النووى».
أنا السبب فى إفراز أجسام المناعة فى لعابكم، فتكون إصابتكم بالزكام والبرد والأنفلونزا والكورونا واحدًا إلى سبعة عند من حرموا أنفسهم منى!. كذلك أنا وراء إفراز P.E.A فنيل إثيل آمين التى تجعلكم تحسون أنكم تسيرون فوق السحاب!، كذلك مادة الإندورفين حتى تتحملوا مصاعب الحياة، كذلك الـ: بتوسين حتى تشعروا بالسعادة الدائمة دون أن تكونوا أعضاء فى جماعة الأبيقوريين! «كتاب التغيرات ألبيوكيماوية عند المحبين».
لقد جاء ذكرِى فى كتاب الدكتور محمد حسين كامل: قرية ظالمة «أورشليم»، الذى ترجم إلى ثمانى لغات، كان هذا الحوار بين قيافا اليهودى الذى ترافع ضد المسيح مطالبًا بصلبه، وبين زوجته الجميلة التى طالبته بالاحتفال بعيد مولدها فى هذا اليوم، فاعتذر زوجها، فلما سألته، قال لها: إن هذا الرجل يقول عن الله إنه هو الحب!
كان وقع الكلمة «الحب» عليها إعصارًا، قالت مستنكرة: وهل الحب جريمة تصلبون من أجلها الناس؟ رد قيافا مرتبكًا: ليس هذا فقط، إنه يسوى بينى وبين الحداد الذى فى الشارع! ردت قائلة: أنا لا أرى فرقًا بينك وبينه إلا أننى زوجتك! قال قيافا: قمم الجبال مغطاة بالثلوج! قالت: لك أن ترقى القمم وحدك، أما أنا سأبقى فى الوادى حيث الحب والحنان! خرج قيافا يتصبب عرقًا!.
أنا الحب أعظم قيمة فى الوجود، أتمنى أن تقرأوا رائعة جان بول سارتر «لقد تمت اللعبة» والتى نالت الأوسكار!.. إيف شارليه ماتت مسمومة من زوجها، تجولت فى القصر، شاهدت زوجها فى أحضان امرأة، صرخت، لم يسمعها أحد، عادت لسريرها، وجدت نفسها سمعت رسالة تقول: اتجهى لدار تسجيل الموتى! خرجت قابلت بيير دومان، زعيما اشتراكيا، مات بطعنة سكين.. وصلا للدار، دخلا، ملايين الأرواح، أحبا بعضهما، ولكن كل شىء بارد: اللمسة، القبلة. أقبل عليهما محام: أنتما محظوظان، قانون السماء ١١٤ يعطيكما حق العودة للحياة، وإذا قدرتما على الحب ٢٤ ساعة تمد لكما الحياة مائة سنة للأمام!.
ذهب بيير وإيف لمسجلة الدار، عادا إلى الحياة بعد ثوان من الغيبوبة فعرفا أن الزمن على الأرض ليس كالزمن فى السماء! تقابلا، خرجا إلى مكسيم «أشهر مطعم فى باريس»، فرحا، رقصا، وإذ بمظاهرة حول المطعم: يسقط بيير الخائن للاشتراكية! تسقط إيف الرأسمالية! قال بيير: ضاع مستقبلى السياسى! ساعة زمن أقنعهم أنى اكتسبتك لحزبنا، قالت إيف: فى هذه الساعة سوف أذهب للانتقام من زوجى الخائن الذى حاول قتلى!. ذهب بيير.. رفعوه على الأعناق، ذهبت إيف.. معارك ضارية.. مرت ٢٤ ساعة.. ماتا، اتجها إلى المسجلة: أعطنا فرصة أخرى! قالت المسجلة: أنتما لا تستحقان الحياة، تنفقان أعماركما فى حفنة من تراب اسمها المجد، الشهرة، الانتقام، وتتركان أعظم قيمة فى الوجود! No مدام، No مسيو.. لقد تمت اللعبة!.
كان سارتر يقصد لعبة الروليت، عليك أن تختار رقمًا، فإذا أعلن صاحب الروليت: لقد تمت اللعبة، عليك انتظار الكرة التى تدور حتى تسقط عند الرقم الفائز، أراد سارتر أن يؤكد أن الحياة هى الحب، وأن الحب هو أعظم ما فى الحياة!.
نقلا عن المصرى اليوم