الأنبا موسى
مبروك للناجحين فى الثانوية العامة، ومبروك للخريجين فى هذا العام.. أكيد لكل واحد وواحدة منهم أحلام، والأحلام أمنيات، قد تأتى وقد لا تأتى، وأحيانًا فيها اللاشعور، أو الاشتياقات غير المحققة، وأحيانًا تكون خيالية غير قابلة للتحقيق.. لهذا من الأفضل أن نغيِّر العنوان إلى: «كيف يتحقق هدفك»، فالهدف:
1- من اختيارى شخصيًا
2- أتطلع إلى تحقيقه بكل قوتى.
3- استعين بقوة ربنا لتساعدنى فى ذلك.
- والأهداف نوعان:
أ- نوع استراتيجى: يمتد من الزمن إلى الأبدية، إذ أتطلع إلى الأبدية والخلود، بعد أن نترك هذا العالم الزائل. وهو هدف لا يتغير لأنه ثابت وأخروى.
ب- ونوع تكنيكى أو مرحلى: نحياه فى هذا الزمان الحاضر، وهى أهداف متتالية، يجب أن تعمل معًا للوصول إلى الهدف الاستراتيجى.. وذلك مثل: الدراسة، والعمل، والزواج، وإنجاب الأولاد، وتحقيق النجاح الدنيوى فى المعيشة والأسرة والماديات والمجتمع... إلخ. وهى كلها أهداف مقدسة، طالما كانت تسير فى نفس الخط مع الهدف الأبدى السمائى، حتى حينما ينتهى الزمن نمتد إلى الأبدية. أما من يسير بعكس الهدف الأبدى سينتهى به الزمن حتمًا، شاء أم أبى، ولكن خطه الزمنى غير متصل بالخط الأبدى. فالأهداف المرحلية يمكن أن تتبدل وتتغير، المهم أن تعمل معًا بإيجابية نحو الهدف النهائى.
ولتحقيق الهدف لابد من
1- المثابرة
2- المعونة الإلهية
أولاً:المثــابـرة:
كلمة ثقيلة الوقع، على نفوس الشباب، بل والكبار أيضًا. فهى تعنى التعب، والجهاد، والبذل، بغية الوصول إلى هدف ما. وربما هى عكس كلمة «الكسل»...
وكنا ونحن شباب نقول: «الكسل أحلى من العسل»!! لكن الحقيقة أن الكسل يحدث نوعًا من الخواء الداخلى، والفراغ الذهنى، والإحساس بالملل واللامعنى!! بصراحة الراحة هى ليست فى الكسل بل فى العمل «العمل الممتع»!! حينما أقوم ببذل مجهود ممتع، يؤدى إلى نتيجة طيبة، هنا يأتى «العسل» الحقيقى!! ولا يوجد هدف بدون جهد مبذول لتحقيقه (There Is no Gain Without Pain)، لهذا فالإنسان المثابر هو القادر على الوصول.
أسباب وخطورة الكسل:
الكسل سببه:
- فقدان المعنى.
- فقدان الهدف.
- فقدان الطريق.
والإنسان الذى يُهّدف حياته جيدًا:
- حياته يكون لها معنى..
وطريقه يكون محددًا.. والدافع الداخلى للوصول يجعله يثابر!!
وقديمًا قال سليمان الحكيم:
1- «اَلْكَسَلُ يُلْقِى فِى السُّبَاتِ، وَالنَّفْسُ الْمُتَرَاخِيَةُ تَجُوعُ» (أمثال 15:19).
2- «َلاَ تَأْكُلُ خُبْزَ الْكَسَلِ» (أمثال 27:31).
3- «الرَّخَاوَةُ لاَ تَمْسِكُ صَيْدًا، أَمَّا ثَرْوَةُ الإِنْسَانِ الْكَرِيمَةُ فَهِىَ الاِجْتِهَادُ» (أمثال 27:12).
4- «اَلْعَامِلُ بِيَدٍ رَخْوَةٍ يَفْتَقِرُ، أَمَّا يَدُ الْمُجْتَهِدِينَ فَتُغْنِى» (أمثال4:10).
لابد من وضوح الهدف لكى يتحقق:
الذى يحدِّد هدفه، ويراه من بعيد، هو القادر على بذل الجهد، لأن كل خطوة يسيرها، وكل
جهد يبذله يقربه من الهدف. وقديمًا قالوا: «إن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة».
فالهدف الواضح يحدد للإنسان الطريق الذى سوف يسير فيه، وأقصر مسافة بين نقطة الانطلاق وهدف الوصول هى الخط المستقيم، لذلك فوضوح الهدف يجعل: الطريق أقصر، والجهد أقل، والعائد أكثر. أما الذين يضعون أهدافًا غير واضحة، فسوف يسيرون فيما يشبه الـZigzag يستنفذ طاقتهم دون بلوغ المرام.
الإنسان يثابر وتتقوى إرادته فى حالات هامة مثل أن يكون له هدف معين.. فالهدف الواقعى، الحقيقى، البنّاء، والممكن الوصول إليه، يجعل الإنسان يرسم خطًا من أ إلى ب.. من نقطة الحاضر إلى هدف المستقبل، والخط المستقيم هو أقصر مسافة بين نقطتين.. لذلك لابد من وضوح الهدف، لتتضح معالم الطريق.
لهذا قال د. «يوسف إدريس» كلمة جميلة: «المستقبل يلد الحاضر».. أى أن الإنسان يضع هدفًا للمستقبل.. فيتحرك فى الحاضر خطوات سليمة فى اتجاه هذا الهدف، ويثابر بنشاط لتحقيقه لأنه يرى الهدف أمامه.
ثانيًا: لابد من المعونة الإلهية:
لسبب بسيط أن عقلى محدود، وجهدى محدود، مهما كنت متفوقًا أو متميزًا، لأننى - فى النهاية - إنسان، والإنسان محدود. لذلك فالإيمان بالرب، والاستعانة بالسماء، أمر أساسى لبلوغ الهدف، فقديمًا قال الرب لنا: «بِـدُونِى لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُـوا شَيْئاً» (يوحنا15:5).
من هنا كان الإيمان قوة دافعة جبارة لأنه - ببساطة - إضافة قوة الله غير المحدودة، وحكمته اللانهائية، ومحبته الفائقة المعرفة، إلى قوتى البشرية المحدودة. وفى علم الرياضة نقول: ∞ + س= ∞
أى أن قوة الإنسان المحدودة (س)، حينما يضاف إليه قوة الله اللانهائية، تصير قوتنا - بنعمته - غير محدودة، ومن ثم نصل إلى الهدف ونحقق النجاح.
لذلك فالأهداف كلها تحتاج إلى إيمان + مثابرة:
- إيمان بالله تعالى الذى قال: «بِدُونِى لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا» (يوحنا 5:15).
- ومثابرة بالعمل والجهد المناسب، لأن «الإِيمَانُ أَيْضًا بِدُونِ أَعْمَال مَيِّتٌ» (يعقوب 26:2).
معادلة تحقيق الهدف:
قالها نحميا منذ العهد القديم: «إِنَّ إِلَهَ السَّمَاءِ يُعْطِينَا النَّجَاحَ، وَنَحْنُ عَبِيدُهُ نَقُومُ وَنَبْنِى» (نحميا 20:2).
أى أن الجهد الإنسانى، حينما تضاف إليها القوة السمائية، تكون نتيجته النجاح وتحقيق الأحلام.
فالنجاح = الجهد الإنسانى + المعونة الإلهية.
لذلك عزيزى القارئ..
- حدد أهدافك بطريقة سليمة.
- ابذل جهدك قدر الاستطاعة.
- اطلب معونة الرب، وهو أمين وسيسندك.
والرب معك.
نقلا عن المصري اليوم