حمدي رزق
يستوجب الأمر الإشادة بحزمة القرارات التنظيمية الأخيرة التى صدرت عن المجلس الأعلى للإعلام، والتى تحظر قيام الإعلاميين والصحفيين بتسجيل المكالمات مع المصادر دون إذن بذلك بغرض إذاعتها وبثها فضائيًا أو إلكترونيًا.
حسنًا فعل المجلس، برئاسة الأستاذ «كرم جبر»، فما تمخضت عنه الممارسة الفعلية فى الأسابيع الماضية من واقع ممارسات إعلامية وصحفية تشكل خرقًا مروعًا للمواثيق الإعلامية وقبلها المواثيق الإنسانية بمفهومها الأخلاقى، وتستوجب تشديدًا عقابيًا لأنها تمثل اعتداءً متعمدًا وإجراميًا على الحريات الشخصية المصونة بالدستور والقانون.
قرارات المجلس جاءت صارمة، وتضع حدًا لفوضى التسريبات، التى أغرقت الشاشات الملونة، والتى تقتات عليها المواقع الصفراء، ومفادها «يُعد مخالفةً للأكواد والمعايير الإعلامية وميثاق الشرف المهنى الصحفى والإعلامى واعتداءً على الحرية الشخصية وحرمة الحياة الخاصة للأفراد قيام الصحفى أو الإعلامى بتسجيل المحادثات التليفونية بينه وبين الطرف الآخر مُحَدِّثه (المصدر) دون إذنه أو علمه بأى وسيلة تثبت هذا الإذن والعلم، وقيامه ببث المحادثة التى سجلها نصًا على أى وسيلة إعلامية دون إذن الطرف الآخر ببث المحادثة، ويكون للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام فى حالة مخالفة ذلك إحالة الصحفى أو الإعلامى إلى النقابة المختصة لاتخاذ الإجراءات التأديبية ضده، كما يكون للمجلس إلزام الوسيلة الإعلامية بحذف المحادثة، وتغريمها بغرامة مالية لا تقل عن ٥٠ ألف جنيه ولا تزيد على ٢٥٠ ألف جنيه، بحسب طبيعة المحادثة وما ترتب عليها من آثار.
وذلك مع عدم الإخلال بأى عقوبة ترد فى قانون آخر». المجلس ينهض بمهمته التى حددها القانون لتنظيف بيئة العمل الإعلامى والصحفى من ممارسات شاذة تخلو من الشرف والنزاهة، وتمس الحياة الشخصية المصونة بالدستور والقانون. البعض يسجل ويسرب ليمارس اغتيال الشخصيات العامة بدم بارد، ويغسل يديه من عاره باعتبار الصوت صوت الضحية، وكلامه مسجلًا، ولم يضربه أحد على يده ولم يشده من لسانه.
هرمنا، ومنذ سنوات طوال ونحن نسمع عن تسريبات مخيفة تحوى أسرارًا شخصية بهدف الفضح العام، وفضائح فى تسريبات مُتعمَّدة ومُخطَّطة ومُمنهَجة، وتسريبات للفضح العلنى، وسمعنا عجبًا تهديدًا بتسريبات ومكالمات وسيديهات، ولم يعد هناك مَن يأمن على أسراره الخاصة، مع تقدم تكنولوجى أتاح أساليب جهنمية فى السطو على المكالمات، وكم من مآسٍ أسرية تمخضت عنها مكالمات مُسجَّلة ومُذاعة فضائيًا، أقصد فضائحيًا وإلكترونيًا. تحرُّك المجلس الأعلى للإعلام على وقته يُلجم هذه الظاهرة، التى استشرت وباتت تلوث المناخ العام.
وتمس الحريات الشخصية، وتهدد بما يترجم ابتزازًا رخيصًا. وحسنًا فعل المجلس بتشديد العقوبة على الوسيلة الإعلامية ردعًا، وليت التشديد فى حالة العود بإيقاف أو إغلاق الوسيلة باعتبارها باتت «مسجل خطر تسريبات»، للأسف هناك مَن سيدفع مقابل إذاعة التسريبات ولو ربع مليون جنيه. قطع الطريق على هذه الممارسات يتطلب النظر فى عقوبة «تكميلية» فى حالة «العود» إلى الجريمة ذاتها، وبند «العود» منصوص عليه فى القانون الجنائى.. يمكن الرجوع إليه.
المجلس التزم تمامًا بإحالة مرتكب الواقعة بجرمه إلى نقابته لترى فى شأنه عقابًا، وذلك مع عدم الإخلال بأى عقوبة ترد فى قانون آخر، ومنها انتهاك الحريات الشخصية والتلصُّص على الحياة الخاصة.
نقلا عن المصرى اليوم