( بقلم / أشرف ونيس شلبى )
لقد بدت المسلمات هى قاطرة العقل ، كما اصبحت موروثاتنا هى ما توجه مجرى افكارنا و تفكيرنا ، فلم يعد العقل هو ما يوجه افكاره اذ انها وليدته ، بل اصبحت الأفكار و المعتقدات هى ما تبنى جدارا و ترسخ قواعد و تعلو بسقفها فوق العقل الإنساني ، نعم ؛ فقد صارت الارادة هى وفقا لٱلية ما يقوله هذا و ما يذكره ذاك ان كان شخصا او حتى كتابا ، و ذلك دون فحص او ريب او حتى توجس فيما اذا كان هذا المتواتر و المتناقل الينا وما بين ايدينا يحمل الحق بين طياته ام هو درب من دروب الاوهام و الخرافات و الأساطير !!!
 
ان الشك فيما نسمعه و نردده ليس هو بالجريمة النكراء كما يعتقد البعض و بالأخص الشك فى كل ماهو دينى ، فليس كل ظن هو مصحوب باثم  ، ولاسيما ان الحقائق الدينية تعد لدى اصحابها من اصحاب الديانات المختلفة هى الحق المطلق الغير قابل للنقاش أو حتى التساؤل  ( الدوجما ) ، و هكذا صارت العقول متقولبة و جامدة لا تعبر عن المرونة او حتى عن اى شكل من اشكال الانسيابية فى مناقشة الغير عن ماذا و متى و كيف و لماذا !!!
 
 فالشك هو بمثابة النور الذى يعبر عن وجودنا بين تلال من ظلام الجهل و جبال من عتمة اللامعقولية و اللاعقلانية .
 
 أنا اشك ، اذا انا موجود ، انا اشك ، اذا انا انسان ، انا اشك ، اذا انا لست غيرى ، بل أنا ما يعبر عنى و ما يعكس شخصى و شخصيتى بين كثير و كثير من اشباه البشر الذين صاروا مجرد كائنات حية ( وان كانوا امواتاً ) فقط دون آخر . 
 
 هو ( الشك )  سفينة النجاة التى نلوذ بها من سيل الضلال الذى قد يعتركنا و طريقنا الى ابد وجودنا ، اذ به تجعلنا مسخرين انساننا و بشريتنا و ما يعبر عنى كبنى ٱدم _ العقل _ نحلل به الاشياء ناظرين الى تفاصيلها لا الى مجملها ، الى دواخلها و ما تستره خلف قشرتها الخارجية لا الى زينتها و براقة ألوانها 
 
 نعم ؛  فالريبة و التوجس لما قد يعترينا فجأة هى الخلفية لحياة إرادتنا و ارادتنا الحية ، إرادتنا المريدة و الصورة العاكسة لمشيئة إنسانيتنا ، قدرتنا فى قول ( لا ) لكل ما لا تستسيغه ٱدميتنا و فطرتنا التى جبلنا عليها .
 
 ولكن لماذا الظن ( الشك ) ؟ واى شك هو ما يجب ان نسلك دروبه و ننتهج مسالكه ؟ هل هو الشك لمجرد الشك ام الشك الذى يؤدى الى زوال الشك ؟ هل الشك الذى هدفه هو السجال و المجادلة و المباحثة ؟ ام الذى يؤدى إلى اليقين و التأكد و من ثم الرسوخ و الثبات و عدم التزعزع .
 
فما احوجنا الى ذلك الارتياب المتوهم الذى يعد اقصر الطرق المؤدية الى التثبت و التيقن والتبصر  ، و ما احرانا الى اللجوء الى غذاء العقل الا و هو المنطق الذى يعصف بالإيمان الاعمى ؛ ذلك الإيمان الذى يدعو لا الى اليقين المبنى على الاقتناع بل الى اليقين المتحجر الذى لا يعبر عن الانسانية بل عن سياسة القطيع  .
 
فدع مجالا للتساؤل ولا تدع مجالا للتسليم عن دون علم او تحقق ، دع مجالا للريب فيما تقرأه و تسمعه ولا تدع مجالا ل ( نعم ) دون دليل أو حجة او برهان ، أفسح طريقا و دربا ل التفكير و التفكر و الاعتقاد فى وجود أخر لا الى تأله و تشبث و وحدويا  الفكر ولاسيما الفكر العقائدى إذ يترتب عليه لا حياتنا الارضية و حسب ، بل خلودنا و لانهايتنا ايضا ..... .
 
  و تذكر انه : كما يولد النهار من رحم الليل هكذا تولد الحقيقة من رحم الشك و عدم اليقين !