حمدي رزق
كتاب «إدارة التوحش» بالإنجليزية (Management of Savagery) لدهقين الحركة السلفية الجهادية «أبوبكر ناجى» يشرح فكر واستراتيجية تنظيم «قاعدة الجهاد» فى سياق عملياته العابرة للحدود.
تزامن صدور الكتاب الخطير (عام ٢٠٠٤) مع التحولات الاستراتيجية التى شهدتها الحركة «السلفية الجهادية»، تتحول تواليًا من طور إلى طور، أطوار إرهابية متوحشة.
الكتاب يؤطر للتحول من مقاتلة «العدو القريب»، المتمثل فى النظم السياسية العربية والإسلامية التى تنعتها الحركة بـ «المرتدة»، إلى مقاتلة «العدو البعيد»، المتمثل فى الغرب عمومًا والولايات المتحدة التى تنعتها بـ«رأس الأفعى»، وإسرائيل على وجه الخصوص.
لم يحلق خيال المؤلف الإرهابى إلى حدود قتال «العدو اللصيق»، ولم يذهب دهاقنة الحركة السلفية الجهادية من التابعين إلى تأطير فقهى لقتال «الإخوة الأعداء»!.
خيال فوق الخيال، صادم لإخوة الدم، صدام «طالبان» بتنظيم الدولة (ولاية خراسان) على خلفية تفجيرات مطار «كابول» (تنظيم ولاية خراسان أول منفذ له فى أفغانستان عام ٢٠١٥ فى منطقة أشين الجبلية، فى مقاطعة ننغارهار شرقى البلاد).
إذا وقع الصدام، وهو متوقع تاليًا بعد خروج الأمريكان، سيدخل من باب جانبى إلى باحة «إدارة التوحش».. سنرى عجبًا. فصل رهيب ومروع، الإرهاب فى مواجهة الإرهاب، سيكون إرعابا من الرعب، الجماعة فى وجه الجماعة، التنظيم يصطدم بالتنظيم، وكلاهما متمنطق بالفتوى المتفجرة فى مواجهة الفتوى المتحجرة، والحزام الناسف فى مواجهة السيارة المفخخة، الملالى فى مواجهة المشايخ على أرضية موحشة، يؤمها قتلة متوحشون.
حَمّام دم ينتظر أفغانستان، سيغرق وجه العالم، توقعا فظائع إرهابية تروع البشرية، تخيل من الخيال القتلة يتقاتلون، تخيل مستوى الإرهاب المنتظر، كل تجارب الإرهاب من حول العالم ستتجسد فى أفغانستان.
فصل رهيب من فصول الإرهاب الدينى، زمنا ووفق منهج «التوحش» كانوا يفزعون فى وجه الجميع مكبرين براياتهم السوداء، رشحوا أنفسهم «فرسان الجنة» المبشرين بالحور العين فى مواجهة الشيطان الأكبر، والشيطان الأصغر، وكل الشياطين، والطواغيت، وأعداء الدين، والكفرة والملاحدة، كانوا يستعلون عاليا فوق الرقاب، يكفرون ويفسقون ويذبحون ويفخخون وينسفون ويحرقون ويحرفون الآيات خدمةً لآلة التوحش المتوحشة.
لمن الغلبة اليوم، يقينًا للأكثر توحشًا، طالبان والدواعش والقاعدة وغيرها فى الفخ الأمريكى، الأمريكان نصبوا الفخ بخبث السنين، على طريقة إدارة التوحش الإرهابية، على الطريقة العربية، ووفق القاعدة القرضاوية نسبة إلى «مفتى الناتو» يوسف القرضاوى، «اللهم اشغل الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين».. وترجمتها «اللهم اضرب الظالمين بالظالمين».. وعلى نفس النهج يسير الأمريكان: «اللهم اضرب الإرهابيين بالإرهابيين، اللهم اضرب الدواعش بطالبان»، تصفية الوحش بإطلاق الوحوش جميعًا من عقالها.
خلاصة الموقف: لا يفل الحديد إلا الحديد، لا يكسر داعش إلا طالبان، ولا يُجهز على طالبان إلا داعش، دعهم يصفون بعضهم البعض، فلنرَ كيف تأكل النار نفسها، فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله، والحيات تقضم ذيلها وفق أيقونة «الأوربوروس» المصرية القديمة.
نقلا عن المصري اليوم