حمدى عبد العزيز
المصيدة الأفغانية هي التحدي الأخطر علي الإطلاق لمشروع الطريق والحزام الصيني ، وإن اجتازته الصين فإن ذلك يعني هزيمة أمريكا وانقلاب السحر علي الساحر كما يقولون ، وفي نفس الوقت بقاء روسيا كدولة عظمي لها حظوظ احتلال مكانة قطبية في العالم ، وهذه نتائج إذا ماتحقق فيها الإفلات الصيني الروسي الإيراني الباكستاني من هذه المصيدة الجيوسياسية الكبري .. لكان ذلك يعني تسارع عقارب عداد التراجع الأمريكي علي نحو يقرب من نهاية الحلم الأمبراطوري الأمريكي وانبثاق عالم جديد بقطبيات جديدة وصراعات جديدة ..
ليس هذا فقط
بل أن باكستان ستجد نفسها في إختبار جدي لمدي جدارتها للبقاء كدولة متماسكة ، وضمان عدم تحولها لدولة هشة ينتهي بها الحال إلي أن تقع كضحية لأعراض الحالة الافغانية بكل ماتعنيه كلمة ضحية من معان ..
، الطريق إلي غاز القوقاز سيتحدد علي ضوء نتائج ماسيترتب علي مايجري في افغانستان ..
كذلك فإن الإسلام السياسي ربما يتلقي قبلة الحياة من هناك وبالتالي تمتد حبائل المصيدة الأفغانية إلي منطقتنا .
، وربما أيضاً تكتب له النهاية انطلاقاً من فشل ذريع ربما تكون الأراضي الأفغانية شاهداً عليه ..
إذن فالوقت مبكر جداً لإعلان تحقق انتصار أمريكي كبير من وراء خطوة الإنسحاب من افغانستان تتمناه مؤسسات التخطيط الاستراتيجي وصنع القرار في عمق دولة الولايات المتحدة الأمريكية ذلك لأن الإرادة الأمريكية لايمكن تصورها كعامل قدري محتم علي شعوب ودول ومناطق العالم والنظر إليها كعامل متفرد وحيد يعبث بمصير العالم وقتما يشاء ووفقاً لمايشاء ، كما لايمكن تصور أن مناطق ودول وشعوب العالم موجودات جامدة لاتخضع لقوانين الحركة والصيرورة ولا أن العالم تعتمل تحت سطحه التناقضات وعوامل تحول مناطق الضعف فيه إلي قوة ، فضلاً عن تراكم أسباب الضعف داخل الهيمنات التاريخية ، وهذا ماقد علمه التاريخ للبشر منذ انهيار الامبراطوريات القديمة ..
ولذلك فمن الخطأ الشديد في التحليل التسرع بالمجازفة بالقطع بإن الانسحاب يشكل ضربة ساحقة من أمريكا لكل من الصين وروسيا وإيران قفزاً فوق كل إمكانات الإرادات والعوامل والتراكمات والتحولات المناقضة للإرادة الأمريكية والتي لاتزال في مرحلة التفاعل مع الأحداث ..
.. فالمعركة الكبري التي ستحدد نتائج هذه الحرب العالمية قد بدأت في الاشتعال بعد الإنسحاب الأمريكي من افغانستان ، ولاتزال في مرحلة بداية الإشتعال