محمد أبوقمر
وإحنا صغيرين في الابتدائي كان في الفصل بتاعنا بنتين شبه بعض بالظبط ، نفس الملاح ، والطول والشعر والقوام ، وطريقة ضحكتهم واحده ، ولهم نفس الغمازات في خدودهم ، الاتنين كانوا حلوين أوي وخدودهم حمرا طبيعي وشعرهم سايح ، وكانوا بيقعدوا الاتنين جنب بعض علي دكة واحدة ، أي مدرس كان بيدخل فصلنا لأول مرة كان بيفتكرهم توأم ، إخوات يعني ، إنما لما كان يسألهم عن أسماءهم كان يقعد يدق كف علي كف ويقول : مش معقول!!، كانت واحده منهم إسمها هدي محمد الجمال ، والتانية إسمها ماري ميخائيل تاودروس ، المدرس كان يفضل يقول : إزاي ، مش ممكن ، ويرجع يسألهم تاني ولما يجاوبوه يقول لهدي : إنتي متأكده إن إسمك هدي محمد ، ويقول لماري : أبوكي إسمه ميخائيل فعلا ، ولما تقوله : أيوه يقولها طيب بيشتغل إيه ، ويسأل هدي برضه : وإنتي ابوكي بيشتغل إيه ، ولما يطلع كل أب بيشتغل شغلانه مختلفة عن التاني يقوم المدرس رايح منادي لبقية المدرسين والمدرسات ويفضلوا كلهم يدقوا كف علي كف .
البنتين كانوا بيحبوا بعض خالص ، ولما حاول مدرس العربي إنه يبعدهم عن بعض ويقعد كل واحده منهم في دكة بعيدة عن التانية قعدوا يصرخوا ويلطموا هما الاتنين ويعيطوا بحرقة لدرجة إن الاتنين بالوا علي نفسهم من شدة الحزن ، كانوا الاتنين مرعوين وبيرتعشوا لدرجة إن كل العيال إللي في الفصل قعدوا يعيطوا ويصرخوا علشانهم ، فضلنا نعيط كلنا لغاية ما جه الناظر ورجع هدي وماري جنب بعض زي الأول ، أنا كرهت مدرس العربي ده كره العما ، العيال كلها كرهته ،
هدي وماري كانوا بيتبادلوا السندويتشات ، وكانوا يجوا المدرسة مع بعض ، ويروحوا مع بعض لغاية ما كل واحده تروح لبيتها . في أحد الأيام وهما مروحين اتفقوا مع بعض إن كل واحدة تروح علي بيت التانية علشان يشوفوا أهاليهم هايكتشفوا اللعبة دي ولا هاتفوت عليهم ، وفعلا ماري روحت لبيت هدي ، وهدي روحت لبيت ماري ، عادي جدا أبو ماري وأمها استقبلوا هدي عادي جدا ولا حسوا بأي اختلاف ، واتغدوا واتكلموا وسألوها عن الواجب وقعد أبو ماري يفهم هدي الدرس علشان تكمل الواجب من غير ما يلاحظ أي حاجه ، نفس الشيء حصل في بيت هدي أبوها وأمها استقبلوا ماري عادي جدا ولا أي ملاحظه .
هدي حكت لأبو ماري حكاية مدرس العربي إللي حاول ينقلهم ، في نفس الوقت كانت ماري بتحكي لأبو هدي نفس حكاية مدرس العربي .
البنتين اتفاجأوا برد الأبوين ، أبو هدي قال لماري وهو معتقد إنها هدي ابنته : أنا مع مدرس العربي ولازم تسمعي كلامه وتتنقلي لأن إحنا مسلمين ولا يجوز إننا نسلم علي المسيحيين ولا ناكل من أكلهم ، وأبو ماري قال لهدي وهو معتقد إنها ماري إبنته : إنتي صغيره لسه مش فاهمه حاجه لأن المسلمين بيتظاهروا إنهم بيحبونا إنما هما بيكرهونا .
تاني يوم ماري وهدي جم المدرسة ولما دخلوا الفصل حضنوا بعض وقعدوا يبوسوا بعض ويعيطوا زي ما يكون أهاليهم ماتوا ، مدرس التاريخ ومدرس الموسيقي والأستاذ فاروق والأبلة فيوليت لما دخلوا الفصل علي صوت عياط البنتين وسمعوا الحكاية منهم وعرفوا الكلام إللي قاله الأبوين للبنتين قعدوا هما كمان يعيطوا ، الأبله فيوليت والأبله فاطمة حضنوا بعض وهما بيعيطوا وأنا والعيال كلها اتفحمنا من العياط ، ولغاية دلوقتي كل ما افتكر ماري وهدي قلبي ينكسر ودموعي تنزل من شدة القهر.