بقلم: إبرام رأفت

 
تقول الأسطورة الإغريقية القديمة أن «باندورا» هي أول امرأة في التاريخ، خُلقَت بأمر من الإله «زيوس» كعقاب للرجال على ذنوبهم.
فبعد أن سرق «بروميثيوس» سر النار من «آلهة الأولمب» وعلمه للبشر، قررت الآلهة معاقبة البشرية بطريقة مبتكرة، فأمر «زيوس» بخلق المرأة كعقاب إلهي للبشرية، وتم منحها صندوقاً مغلقاً لا يحق لها فتحه.
 
سيطر الفضول على «باندورا» وقامت بفتح الصندوق المغلق، فأظلم العالم فجأة بعد أن كان خالٍ من الشرور، وخرجت من الصندوق كل شرور العالم من شياطين وأوبئة وحروب ونفاق وجوع وفقر. أغلقت «باندورا» الصندوق بسرعة ولكن قبل أن يخرج منه «الأمل». وبهذا تحولت جنة الرجال السعيدة إلى جحيم لا يطاق بسبب المرأة.
 
والآن، رحل الإغريق القدماء، وبقيت أسطورة «صندوق باندورا». فلازال في مجتمعنا من يؤمن أن المرأة هي سبب كوارث البشرية، ولازال يوجد من يردد أنه لولا وجود المرأة لكان كل الرجال مكانهم الجنة. ولازالنا نرى من هو متيقن أنه بانفتاح عنق الرحم لتخرج مولودة إلى الدنيا ينفتح «صندوق باندورا» من جديد ليضيف إلى البشرية شراً فوق شر.. دعونا نستعرض جانباً مما يدور في مجتمعنا:
 
تتناقل بعض الصفحات على موقع «فيس بوك» ما يفيد هذا الرأي:
«إذا انتويتِ الخروج هذا العيد فتأكدى تماما أنك غير مصقولة ولا مدهونة ولا متبرجة ولا متعطرة.. فإذا كنتِ على غير ذلك وتعرضت للتحرش فإنك لابد أن تتعرضين للمحاكمة بتهمتين. أولهما: لأنك اعتديتٍ على عفة الشاب، وثانيهما: لأنك خرقاء كشفت اللحم للهر».
 
وعن التحرش بالمنتقبات، يقول أحد رجال الدين:
«انت الداعية، اعملي أنكِ السبب.... لعلك خرجت بغير حاجة.... لعلك خرجت متنقبة، متسترة، فسلط الله عليكِ شيطاناً يؤذيكِ. لأنك أولاً: عينك تجري ذات اليمين وذات الشمال. وأحياناً، هي التي تنظر إليه، كأنها تقول له: "أنا هنا، ألا تراني؟! أنت أعمى؟!". هي التي نظرت إليه، فنظر إليها، فدققت النظر إليه، فأرسل إليها قبلة».
 
ورداً على سؤال بخصوص تحرش الأب بابنته، يقول رجل دين آخر:
«هناك من الفتيات الشابات من تجلس أمام والدها ويكون جسدها جميلاً وترتدي ملابس ضيقة أو تظهر صدرها مثل ارتداء البلوزات القصيرة والبنطلونات الضيقة. فهي شابة وأبوها شاب ومن الممكن أن يتحرش بها إذا سلم عليها أو قبلها أو ضمها». مضيفاً: «ربما يؤزه الشيطان لبعض الأمور!! ». وشدد ألا تجلس البنت مع أبيها إلا في وجود أمها.
ملخصاً بكلماته كل معاني أسطورة «صندوق باندورا». فالمذنب هي البنت (لأنها لا تحتشم أمام أبيها) أو الأم (لأنها لم تجلس معهم) أو الشيطان (لأنه وزه).... وبهذا فإن مصدر كل شرور العالم إما الشيطان البشري (المرأة)، أو الشيطان الروحي (إبليس).
 
والسؤال:
كيف تتحرر امرأة استعبدت نفسها لمثل تلك التعاليم المجحفة؟! فأبشع أنواع العبودية عندما يكون سجّانك بداخلك.
 
فــكّــر(ي) مــن جــديــد