سحر الجعارة
صبية فى جسد عجوز، تشع البهجة أينما حلت.. الشياطين تخاف سلاطة لسانها، والرجال يعشقون حديثها.. هى أبلغ من يتحدث عن الجنس، كلامها تفسره لغة الجسد، يندر أن ترى طرحتها معقودة إلى الخلف.. جلبابها الأسود مجرد شكليات، تحته قميص أحمر شفاف!
امرأة شعبية: تصنيف طبقى، هى امرأة كل الفصول: تُعرِّى الرجال من وقارهم، وتُجرِّد النساء من ملابسهن.. إنها أحكام المهنة، تصالح الصبايا على أجسادهن، ثم تطلق ضحكة ماجنة.. تقتحم المجالس المغلقة بنكتة جنسية.
حين تخلع جلبابها يتملل «الذكر» فى محبسه.. يعقد الرجال أطراف شواربهم على رغبة مؤجَّلة، الأطفال يتهامسون فى خبث، يتحلقون حولها طمعاً فى حلواها البدائية.. النساء يتصنّعن الحياء.. ثم تعلو تأوهات مكبوتة فى طيات الضحك.
«أم أشرف» كاتمة أسرار البلدة، وكأنها وُلدت دون حنجرة!
تلعن الرجال كلما لمست جسداً مجمداً. (بلانة).. لكنها طوَّرت فنون المهنة، أصبحت مفتاح الصبايا لعالم الأنوثة.. هى البديل الفاعل لغياب الأم خلف ستائر الحياء.. لديها أجوبة الأسئلة الحرجة، فى العالم السرى للمرأة مساواة كاملة، تضطر أحياناً لنهر (الست) حتى لا تذهب لـ«الدجال».. تكفى الحيل المتوارثة لفك (المربوط)، قاموس «أم أشرف» مزدحم: وصفة عاطفية لـ«جلب الغائب».. وصفة «حسية» للإطاحة بالمرأة الأخرى!
كل مهارات الأنثى تطلقها بعفوية فى مجتمع مأزوم.. محتقن بالرغبة.
«أم أشرف» -اليوم- فى مهمة خاصة: الوجوم يخيّم على المكان، رجال العائلة، بكامل هيئتهم.. البيت يعيش حالة ما بين أناقة الجنازة ورائحة الزفاف.. الحضور فى حالة غياب! هل مات أحد؟.. لا أحد: «العروس» التى حففتها ما زالت بكراً!! هكذا هتكت الأم سرها بحدة: الرجال ينتظرون دم الفلاح.. قالتها بصرامة، وسلمتها قطعة من (فانلة) الحاج. أغلقت الباب.. عانقت «الصغيرة» بوجل.. ترددت فى مداعبتها. نظرت إليها بحيرة: اجلسى على الأرض.. افتحى ساقيك.. لا تخافى. تسللت برودة العروس لأطرافها.. لمست زرقة وجنتيها بحنان: لا تخافى. كان الرعب يسرى كتيار كهربى فى جسدها.. و«البلانة» تبحث عن إجابة واحدة: لماذا لم تمنحه جسدها؟ جلست العروس على الأرض.. جدلت ذراعيها بساقيها.. وشردت.. ثم نظرت لها بكراهية: حتى إنتِ؟
دارت الأرض بهما معاً.. فأسندت رأسها على ركبة العروس.. وتمتمت:
أنا أكثرهن رفقاً بكِ.. يدى خبيرة بتضاريس جسدك.. أنت الآن أنثى ناضجة.. العريس فقد جرأته من حسنك.. يبدو أنه «بكر»!
استعادت شهيتها للهو: مفتاح جنته معى.. اعتدلت فى جلستها، وخلعت خاتماً فضياً من إصبعها.. أشارت إلى الخاتم ذى الفص الأحمر: سأعلمك كيف تضعينه -هكذا- فى إصبعك. شردت العروس بعيداً، أبعد من وحشية افتراسها: كيف أُسلِّمه جثتى وقلبى ليس معه؟. طلقونى.. «فاجرة»!!
لو كنت فاجرة لأطعمته مرارة لحمى، أو ابتلعت شرف الرجال.. لكنه شرفى أنا، جسدى أنا.. المحكمة العائلية أصدرت حكمها: ليشهد الأهل أخذ «وشها»!
وكأن غشاء البكارة وقف من أملاكهم.
وماذا بعد؟؟.. سيمر سكين الشرف الحاد فى وريدى.. فهل يسلموننى باقى الذبيحة؟ هل تنتقل الوصاية إلى عصمتى لو أصبحت «عاهرة شرعية»؟
كانت تهذى لدرجة الغياب عن الوعى، لم تشعر أن خلفها من يكتفها جيداً.
كانت فكرة الانتقال إلى خانة «السيدة» أشد قسوة من محطة «الفريسة».. وكأنها تثبت صورتها القديمة قبل أن تتبدل. صرخت.. الذعر أكبر من الألم.. وكسرت قلب الصمت «زغرودة».. النساء اللاتى تجمّعن خرجن يحملن (فانلة) الحاج مصبوغة بالدم. ثبتت العروس عينيها فى عين «البلانة».. وسألتها: لماذا لم أُولد ذكراً؟ لم تجب «أم أشرف».. فشلت لأول مرة، فالعروس خاصمت جسدها إلى الأبد! بعد عشر سنوات تقابلتا.. يقال إن «البلانة» فقدت البصر.. و«عروس الأمس» تقسم أنها ترى!
مصر عام 2021: «دار الإفتاء» تبيح رتق غشاء البكارة للمغتصبة ومن تم التغرير بها!
نقلا عن الوطن