محمد أبوقمر
أتعجب ممن لا يرون في المرحوم محمود العربي سوي أنه رجل الخير الذي يمنح العطايا للفقراء والشحاتين ، ولا أعرف إن كانت هذه الرؤية ناتجة عن روح التسول أو أنها ناتجة عن تأثير الخطاب الذي يؤسس للإتكالية وينكر روح الاجتهاد وبذل الجهد والإبداع ، أو ربما تكون ناتجة عن الفهم المقلوب الناتج أيضا عن الخطاب المقلوب عن أن عمل الخير هو توزيع اللحمة في العيد ، أو توزيع كراتين رمضان ، أو منح العطايا للفقراء والشحاتين ، أو إنشاء معهد لتحفيظ القرآن .
العمل الخيّر هو الإحساس بالمسئولية تجاه النفس أولا ، وبذل الجهد الكافي لتطوير الإمكانات الذاتية ، والرغبة الجامحة في تحقيق التفوق ، والإبداع بلا توقف ، ومواجهة صعوبات الحياة بلا يأس ، والتخلص من الإتكالية والتواكل ، والإيمان بأنك كلما اجتهدت أكثر كلما حصلت علي ما تريد.
رجل الخير هو الشخص الذي لديه الإحساس بأنه مسئول عن أفعاله ، وهو ذلك الشخص الذي يستغل كل إمكاناته الشخصية لتحسين أحواله بحيث يفيد نفسه ومجتمعه ووطنه.
الخير الحقيقي الذي فعله محمود العربي رحمة الله عليه هو أنه استطاع من الصفر أن يبني قلعة صناعية هائلة وتمكن من إدخال تكنولوجيا صناعية أتاحت له فرصة تنويع منتجاته وتجويدها بحيث تمكن في مصر من منافسة تلك الصناعة المتطورة في أنحاء كثيرة من العالم.
يأتي بعد ذلك الخير والعطاء الذي يتحدث عنه الغافلون أو المغفلون ، توزيع اللحمة ، ومنح العطايا ، وتوزيع الكراتين ، وإنشاء الكتاتيب ، فلولا العمل والاجتهاد والإبداع والإصرار والرغبة الجامحة في التفوق والإحساس الهائل بمسئوليته عن أفعاله ما كانت روح التسول لدي البعض قد قصرت أفعال محمود العربي علي توزيعه للحمة في العيد.
الخطاب المثقوب والمقلوب يقلب المعاني دائما ويشوهها عن عمد .