من أعظم ما أنتجته أمس مصر ولا يقل بحال من الأحوال عن معركة افتتاح قناة السويس الثانية أو مشروعات مترو الأنفاق العملاقة أو مشروع المائة مليون صحة .
ما أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسى أمس من إطلاق الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان نعم القيادة السياسية عبرت بصدق بجلاء عن الإرادة الوطنية لشعب أصبح محل انتباه العالم .
ولعل السيد الرئيس فى إعلان وإطلاق الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان كانت رؤيته سابقة ساند لكثيرين حتى من خبراء حقوق الإنسان إذ أن الرئيس قد أمن واعتقد وبحق ان احترام حقوق الإنسان هو مشروع قومى ووطني لا يقل شأنا عن المشروعات العملاقة التي تتبناها الدولة بل احترام حقوق الإنسان فى أى دولة هى انعكاس لاستقرار الدولة وعامل مطمئن لجذب الاستثمارات السياحية ومصدر للتنقل الدولي .
والحق يقال ان القيادة السياسية كانت ومنذ زمن ليس قصيرا ان تمارس هذه الحقوق بصورة عملية من خلال مشروعات الصحة والسكان وتوفير فرص العمل وتحسين حال التنقل وتوفير الأمن لكل مواطن وهذه مقومات أساسية من مواطن حقوق الإنسان .
ولعل الرئيس ايضا ركز على نقطة هامة ربما لا تكتمل منظومة حقوق الإنسان بدونها وهى حرية المعتقد ، كما أشار الرئيس ان حرية المعتقد هى أساس كل الأديان وربما فتح الرئيس ونكأ جرحا كاد يتوارى حتى لدى أعتى المفكرين والمثقفين وعلماء ورجال الدين فأقتحمه الرئيس ولم تعد فى منظومة حقوق الإنسان خطوط حمراء لا ينبغي تجاوزها فحرية المعتقد هى مكون اساسى قد ينسى البعض ان مصر ساهمت فيها بشدة .
منذ أربعينات القرن الماضي حين شاركت فى صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والقيادة فى العاشر من ديسمبر 1948 ولكن اللافت للنظر فى احتفالية أمس بإعلان الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان حديث وزير العدل فيه ان بقاء خانة الديانة فى البطاقة الشخصية هى مطلب دستوري على خلفية ان الدستور ينص على أحتكام أهل كل ديانة الى شريعتهم فى أحوالهم الشخصية .
ولا يوجد قانون موحد للأحوال الشخصية لكل المصريين فكان هناك لازما لوجود خانة الديانة حتى تطبق مسائل المواريث والزواج والتى تختلف من أصحاب ديانة الى اخرى .
وقد أثار كلام المستشار /عمر مروان وزير العدل لغطا كبير عند معظم الشعب اذ اعتقد الكثير ان مسألة خانة الديانة إزالتها فيها مخالفة دستورية وان المسألة قد حسمت .
وللرد على هذا الكلام بداءة نشكر السيد وزير للعدل اذ ان سيادته حتى لا يجتزأ حديثة ويخرج عن السياق ان السيد وزير العدل أكد ضرورة وجود خانة الديانة بسبب مواضيع المواريث والزواج ولكن ليس بالضرورة يمكن أن فى البطاقة وعلية ان يكون فى أى أوراق ثبوتية أخرى .
أردت ان أوضح للقارئ الكاتب المفكر والعامة ان وزير العدل لم يرفض إزالة خانة الديانة من البطاقة الشخصية ويمكن الرجوع فى ذلك الى الفيديو الخاص بهذا اللقاء .
ولكن ومع ذلك أرد ان أوضح أيضا ان وجود خانة الديانة فى البطاقة من مخالفة دستورية صارمة تتعارض وجودها مع المادة 53 من الدستور .
الذى نصت على انه لا يجوز التمييز بين المواطنين على أساس الدين او العرق او الجنس او اللغة او العرق او بسبب الموقع الجغرافي .
ووجود خانة الديانة فى بطاقة الرقم القومي فيه تمييز فج بين المواطنين المصريين بسبب الدين فتميز بأن هذا مسلم وهذا مسيحي وبالتالي شكل مخالفة دستورية .
والرد على السيد وزير العدل بأن المصريين يحتكمون فى أحوالهم الشخصية الى شرائعهم فما المانع من يثبت ذلك فى أوراق أخرى غير معلنة مثل شهادة الميلاد او حتى فى الباركود غير المعلن فى البطاقة الشخصية .
ونحن قد أوردنا فى دعوانا المقامة حاليا أمام مجلس الدولة بإلغاء خانة الديانة من الرقم القومي تحمل رقم 16601 لسنة 75ق والذي انضم إليها كثير من المفكرين والمثقفين ودعمنا ايضا الفتاوى الشرعية لعلماء من رجال الدين وأوردنا أسبابا بأن هناك أضرار بالمجتمع قد حلت من وجود هذه الخانة التميزية التى تبعث على الفرقة وتسبب كثيرا من الاحتقان بين أبناء الشعب الواحد .
وربما ايضا أوردنا ان وجود مثل هذه الخانة هى شكل من أشكال الدولة الدينية وحسنا فعل السيد الرئيس بإرادة سياسية قوية وغير مسبوقة ليعلن ويعلى مفهوم الدولة المدنية الديمقراطية الجديدة ويعلن ان عام 2022 هو عام المجتمع المدني وعام ثقافة نشر حقوق الإنسان والذى تشرف منظمتنا منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان بأن تتبنى ونعد السيد الرئيس ان تكون منظمتنا هى رائدة فى تنفيذ توجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى .
صحيح ان إزالة خانة الديانة قد لا يؤثر كثيرا بسبب الأسماء الواضحة التى تحتاج الى جهدا فى معرفة ديانة أصحابها ولكن على الأقل هى خطوة هامة وجريئة فى دعم الدولة المدنية وغلق وسد الذرائع عن الذين يتحججون بوجود مضاره من وجود هذه الخانة .
نعم ان إعلان السيد الرئيس الى الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان احد انتصارات لإرادة الشعب المصري ونقلة كبيرة ونظرة دولة عظيمة لمصر والمصريين كما أشادت المفوضية الدولية لحقوق الإنسان لهذه الإستراتيجية أمس .
فعلا ليس هذا تمجيد للرئيس وانما فعلا ان الرئيس عبد الفتاح السيسى هو أول رئيس مصرى منذ أربعينات القرن الماضى يخرج ويطرح إستراتيجية حقوق الإنسان كمقوم أساسي من مقومات المجتمع بعد ان كانت مسألة ثانوية بسبب كثيرا من الاستهجانات للشعب المصري .
وأعتقد ان أطلاق هذه الإستراتيجية لم ولن يكون مجرد اطروحة لشرح مفاهيم ليقام حقوق الإنسان وإنما سوف يتلوها خطوات كبيرة وجريئة فى مسألة إزالة اى قيود على الحريات المنضبطة وإزالة اى شوائب تعوق بطبيعة الدستور خاصة فى باب الحريات والواجبات وربما أيضا بقاء النظر لما كان الحديث أمس فى المطالبة فى إعادة النظر فى مسائل الحبس الاحتياطي .
حقا ان مصر خطت خطوات غير مسبوقة على طريق المجتمع الدولي تتباهى وتفخر ويزهو كل مصري بقيادته السياسية ذات الإرادة القوية والجادة فى الارتقاء بالشعب المصري فى جميع مناحي الحياة .
القاهرة في 12 / 9 /2021
د. نجيب جبرائيل
سفير النوايا الحسنة
رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الانسان