ترجمة وإعداد : بولس ساويرس 

تثير مجموعات سرية فى مصر قائمة بسيناء المخاوف ، حتى المسلمين المتطرفين أنفسهم يخشون هذه الفرق ، لأنها تعمل على إحياء الإصولية الإسلامية بصورة كبيرة ، وخاصة مع القوة التسليحية الكبيرة التى أصبحت لهذه الجماعات السرية ، فهذا يؤدى إلى تعقيد الأمور فى مصر تلك البلد المضطربة وخاصة هذه الأيام .
 
يعرف أتباع هذه المجموعات  السرية بإسم " التكفير والهجرة " وقد أطلق عليهم إسم " التكفيريين " والسمة الرئيسية لهذه المجموعات هو السرية الشديدة ، فهم يميلون إلى العزلة عن المجتمع ، ويتهمون كل من لا يلتزم بتفسير القرآن تفسير حرفى وخاصة بحسب معتقدهم وتفسيرهم المحدود فهو مهرطق وقد وقع فى هرطقة بسبب تفسيره  القاصر ، 
 
وأهم ما يحلمون به ويتطلعون إليه هو إقامة دولة إسلامية متشددة فى سيناء ليمارسوا فيها معتقداتهم الجهنمية . على الرغم من أيدولوجية التكفيريين الذين " يقاتلون بإسم الله "  أو ما يعرف ب" الجهاد فى سبيل الله " أو " الحرب المقدسة "، والتى تخلق أيدولوجيتهم تلك الهوة العظيمة فى المجتمع ، لكن يستبعد أن يكونوا هم المسؤلين الوحيدون وراء الهجمات التى حدثت سواء لإسرائيل أو التى حدثت مؤخرا فى سيناء بمصر .
 
وقد إزداد عدد هذه المجموعات التكفيرية ، وخاصة فى الأشهر الأخيرة بعد قيام الثورة المصرية العام الماضى التى أطاحت بالنظام القديم بأكمله ،  فبعد أن كان عددهم لا يتجاوز بضع مئات يعيشون فى المد ن الصغيرة الفقيرة فى شمال سيناء ، أصبح عددهم الآن على الأقل أربعة ألاف شخص ، هذا حسب ما ورد عن المسؤلين الأمنيين وزعماء القبائل البدوية .
 
وقد حان الوقت الآن لتحل مشاكل طال أمدها ، وقد ظهرت مشكلة أجور الجيش المصرى إلى الواجهة ، وخاصة بعد العملية التى تمت ضد القوات المسلحة وراح على إثرها ستة عشر من أفرادها ، بسبب هجوم الإسلاميين المتشددين ، على نقطة حدودية مع إسرائيل فى سيناء  فى رفح ، والآن يعمل الجيش المصرى على التوسع فى سيناء لإقتلاع تلك الجماعات الإسلامية المتشددة .
 
فى الماضى القريب كانت القبائل البدوية هى التى تسيطر على المنطقة بأكملها فى سيناء من خلال الأعراف التقليدية ، ولكن فى الأشهر الأخيرة تم سيطرة الإسلاميين المتشددين على المنطقة ، وخاصة الدعوة السلفية الأكثر تشددا فى مصر من خلال الدين الإسلامى وهذه الجماعات السلفية تدعو إلى تفسير الإسلام تفسيرا حرفيا ، متشبهين بذلك المملكة العربية السعودية ، فمثلا يدعون للفصل بين الجنسين والصرامة فى تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية والدعوة إلى هذه الأمور معتبرين هذا قدوة وإسوة بالسلف الصالح أى يقصدون  بالنبى محمد نبى الإسلام .
 
ويذهب التكفيريين إلى أبعد من ذلك ، فهم على إستعداد تجنب المعاملة مع أفراد عائلتهم ،لو لم يكونوا ضمن معتقدهم وجماعتهم التكفيرية، ويرفض التكفيريين الإتصال بأى شخص لا ينتمى لجماعتهم لأنهم يهتبرونه كافر وهرطوقى ، وتتم الإتصالات من خلال وسطاء .
 
وأضاف " الشيخ عودة أبو الملحوس " أحد شيوخ قبائل شمال سيناء قائلا : أن هولاء الأشخاص التكفيريين لا يرون الناس فهم من وجهة نظرهم كفار ، وحتى لا يحضرون جنازات ذويهم حتى لو كانوا والديهم فهم أيضا من الكفار ما داموا لا ينتمون لهذه الجماعات التكفيرية.
وأضاف قائلا : إنه حتى " الولاءات القبلية " التى تعتبر بمثابة الشىء المقدس جدا  فى شمال سيناء ،  فتأتى فى المرتبة الثانية بالنسبة لهولاء الأشخاص .وأكمل قوله : إنهم لا يأكلون اللحوم إذا تم ذبحها على أيدى أحد غير التكفيريين ، حتى لو كان هذا الأحد والديهم ما داموا لا ينتمون للجماعة ، 
 
وهم لا يفضلون أن يذهب أبنائهم إلى المدارس ، فهم يعتبرون أن التعاليم التى فى المدارس تعاليم خارجة ومثيرة للفتن ومغايرة لتعاليمهم التى يعتقدون إنها تعاليم سامية .
 
ومن أهم النقاط التى أشار إليها الشيخ عودة قائلا : أن أكثر الأمور التى تقلقه بشأن هذه المجموعة هو صعوبة تقييمهم ، من حيث إعدادهم للتسليح ، وتدريباتهم على القتال ، بسبب إنعزالهم الشديد ، فهذا يجعل التعامل معهم صعب لعدم معرفة رد الفعل .
والرجال المنتمين لهذه الدعوى لا يذهبون إلى صلاة الجمعة التقليدية التى تقام فى المساجد ، فهم يعتبرون دعاة المساجد وأئمتها هراطقة ينبغى تجنب تعاليمهم. وهم لا يؤيدون جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين فى إنخراطهم فى الحياة السياسية التى تعتبر من وجهة نظرهم تجديفا وكفر .
 
ويؤكد إسم هذه المجموعة أيدولوجيتها الإنعزالية ، حيث تعنى كلمة " التكفير " فى اللغة العربية " شخص كافر " ، وكان إسم هذه الجماعة الأصلى هو " جماعة آل المسلمين " أو " جمعية المسلمين " وكانوا يقصدون بهذه التسمية الإيحاء ضمنا بإنهم المسلمين الحقيقيين .
 
أخيرا يجب أن نعرف أصل القصة ومتى بدأت .
فقد ولد الفكر التكفيرى عام 1960 م ، فى زنزانات السجون المظلمة والمعتقلات التعذيبية التى كانت فى عهد الرئيس الراحل " جمال عبد الناصر " ، ولد بين أعضاء  جماعات الإخوان المسلمينعلى يد " شكرى مصطفى " ، الذى شهد إعدام النشطاء الإسلاميين المتطرفين ، وتعذيبهم على أيدى رجال الشرطة حتى الموت فكان السجون المهد الأول لهذه الجماعة التكفيرية .