د. جهاد عودة
يخبر إسفانديار باتودي ، الرئيس السابق لتحليل وكالة المخابرات الباكستانية وهو الجنرال المتقاعد في الجيش الباكستاني محطة إن بي آر كيف أخطأت الولايات المتحدة في حربها التي استمرت 20 عامًا في أفغانستان. وقال أعتقد أنه في النهاية سيكون من مصلحة الولايات المتحدة المغادرة ، لكن ليس مغادرة أفغانستان بالطريقة التي تركتها بها. إنه غير عادل لأفغانستان ، وهو غير عادل لنا جميعًا في المنطقة لأننا دعمنا الولايات المتحدة في هذا الشأن. وهكذا بالنسبة لنا ، كان الأمر مخيبًا بعض الشيء لأنك لم تترك بلدًا مستقرًا بعد 20 عامًا من الاحتلال. والآن يكافح الناس من أجل المغادرة. الاقتصاد في حالة من الفوضى. لا يوجد قانون ونظام. أعني ، كيف ستعمل هذه الدولة؟ امريكا لم تعدها بأي منح أو مساعدات للمستقبل. فى اول اسبوع بعد استيلاء الطلبان على الحكم وخلال عطلة نهاية الأسبوع ، زار رئيس وكالة المخابرات الباكستانية كابول.
عبوما بعد نيل باكستان لاستقلالها عن بريطانيا في عام 1947، تم إنشاء جهازي استخبارات أطلق عليهما اسما: - جهاز المخابرات ، وقد أدى ضعف أداء المخابرات العسكرية (MI)، خلال الحرب الباكستانية- الهندية ، إلى إنشاء مديرية استخبارات الخدمات البينية المشتركة (ISI) في عام 1948، وأوكل أمر هذه المديرية إلى ضباط تم تجميعهم من فروع الخدمة العسكرية الثلاثة الرئيسية: القوات البرية، والبحرية، والجوية . وتكون مجال تخصص المديرية هو جمع وتحليل المعلومات، وإعداد تقديرات الموقف الاستخباري الخارجي والداخلي فيما يتعلق بالشؤون العسكرية وغير العسكرية، وكانت أنشطة المديرية تركز على إقليم كشمير، والمحافظات الباكستانية الشمالية الغربية، ولكن خلال فترة حكم الرئيس الباكستاني أيوب خان تم توسيع نطاق اختصاصات المديرية، وأصبح مجال تركيزها يقوم على أساس اعتبارات حماية المصالح الباكستانية، وتعقب المعارضة السياسية، وحماية الدور العسكري للجيش الباكستاني . تمت إعادة تنظيم مديرية المخابرات الباكستانية في عام 1966 بعد الفشل الاستخباري في الحرب الباكستانية- الهندية الثانية التي اندلعت عام 1965م، ثم أعقب ذلك في عام 1969 إجراء المزيد من التحديثات والتطويرات في المديرية. فقد جهاز المخابرات الباكستانية (ISI) أهميته خلال فترة نظام ذو الفقار على بوتو، والذي كان من أشد الأعداء المنتقدين لدور الجهاز في الانتخابات الباكستانية العامة التي تم إجراؤها في عام 1970م، وأدت إلى نشوء المزيد من الخلافات والنزاعات بين الباكستانيين بشكل ترتب عليه انفصال باكستان الشرقية ضمن دولة مستقلة أصبحت الآن تُعرف باسم بنجلاديش. عادت الأهمية للجهاز مرة أخرى في عام 1977 بعد قيام نظام الرئيس الباكستاني الجنرال ضياء الحق، والذي وسع مهام الجهاز ليكون مسؤولاً عن مراقبة الحركات الشيوعية، ثم أعقب ذلك توسيعه بقدر أكبر ليكون مسؤولاً عن رصد ومراقبة الحركات والمنظمات الشيعية في المنطقة بعد قيام الثورة الإسلامية الإيرانية. وخلال حقبة ثمانينيات القرن الماضي، خلال فترة الغزو السوفييتي لأفغانستان تضخمت مهام جهاز المخابرات الباكستانية، بسبب التحالف الباكستاني- الأمريكي الذي نما واشتد عوده في المنطقة، على النحو الذي أدى إلى قيام شراكة استراتيجية بين جهاز المخابرات الباكستانية (ISI) ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)، أصبح جهاز المخابرات الباكستانية يقوم بدور الوكيل في تنفيذ العمليات الاستخبارية نيابة عن ولصالح وكالة المخابرات المركزية الأمريكية داخل أفغانستان وإيران، وجمهوريات آسيا الوسطى التابعة للاتحاد السوفييتي آنذاك، بالاضافة الى الهند التي كانت حليفة للاتحاد السوفييتي.
يهدف الجهاز الى : 1- - شن الحرب السرية داخل الهند : وذلك عن طريق تخطيط وتنفيذ الكثير من الصراعات الاثنية والطائفية داخل المدن والمناطق الهندية .2- - شن الحرب السرية داخل أفغانستان : وذلك عن طريق دعم حركات المقاومة الإسلامية للوجود العسكري السوفييتي وللحكومات الأفغانية اليسارية آنذاك .3- - شن الحرب السرية داخل الصين : وذلك عن طريق دعم حركات مسلمي الايغور الانفصالية داخل منطقة سينكيانج الموجودة في أقصى غرب الصين . 4- - شن الحرب السرية داخل الاتحاد السوفييتي السابق، وذلك عن طريق دعم الحركات الانفصالية التي كان ناشطة في منطقة آسيا الوسطى التي تضم كازاخستان، أوزبكستان، قيرغيزستان، وتركمانستان. - شن الحرب السرية ضد إيران : وذلك عن طريق مساندة الحركات السنية الموجودة في جنوب شرق إيران. 5 - التجسس على البعثات الدبلوماسية الأجنبية الموجودة في باكستان . 6- - الدخول في أكبر شراكة استخبارية : وذلك مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ( CIA )، ووكالة الأمن القومي الأمريكي ( NSA )، ووزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون ) . 7- - تنفيذ العديد من العمليات الاستخبارية النوعية : والتي كانت في معظمها بالمشاركة مع أجهزة المخابرات الأمريكية، مثل: إدارة شبكات تهريب الأسلحة وتبييض الأموال وعمليات تهريب المخدرات، والمواد النووية المحظورة .
المجهود الرئيسي الحالي نظريا لجهاز المخابرات الباكستانية (ISI)، يرتبط بقدر كبير بالمجهود الرئيسي لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)، ووكالة الأمن القومي الأمريكي (NSA)، ويمكن رصد اتجاهات هذا المجهود على النحو الآتي: اولا: الاتجاه الشمالي: يعمل جهاز المخابرات الباكستانية على دعم وتعزيز وإسناد جهود الحرب ضد الإرهاب التي تخوضها أمريكا وقوات الناتو حالياً في أفغانستان، وقد استطاع هذا الجهاز، تقديم الكثير من المعلومات عن أفغانستان والحركات الإسلامية في أفغانستان وآسيا الوسطى، بل وداخل باكستان نفسها خصوصاً في منطقة القبائل ووزيرستان الشمالية والجنوبية، وبلوشستان إلى أجهزة المخابرات الأمريكية، كذلك استطاع هذا الجهاز اعتقال ( 700 ) مقاتل عربي في مناطق الحدود الباكستانية- الأفغانية، وقام بتسليمهم لمسؤول محطة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التي قامت بنقلهم إلى المعتقلات السرية ، وغيره من معتقلات ومراكز الاستجواب التي تشرف عليها أجهزة الأمن العربية المتحالفة مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ، ثم تم نقل هؤلاء المعتقلين لاحقاً إلى سجن غوانتانامو، وإلى السجون السرية التابعة للمخابرات الأمريكية في بلدان شرق أوروبا، مثل: بلغاريا، وبولندا، وتشيكيا - الأمر الذي أدى انكشافه إلى فضيحة السجون السرية وعمليات نقل السجناء السرية التي نفذتها بعض شركات الطيران التجارية الخاصة لمصلحة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية . ثانيا : الاتجاه الجنوبي والجنوبي- الشرقي: وتعمل المخابرات الباكستانية بالتعاون مع وكالة المخابرات الأمريكية في كافة بلدان جنوب شرق آسيا، خاصة وأن عناصر المخابرات الباكستانية أكثر قدرة من عناصر المخابرات الاسترالية والنيوزيلندية والكورية الجنوبية واليابانية في اختراق بلدان جنوب شرق آسيا المسلحة مثل أندونيسيا وماليزيا وسلطنة بروناي وبنغلاديش والتغلغل فيها.. وقد لعبت المخابرات الباكستانية دوراً هاماً في القضاء على الحركات الإسلامية الموجودة هناك، مثل تنظيم أبو سياف الإسلامي وغير ذلك. كذلك تقوم المخابرات الباكستانية بدعم اضطرابات السيخ في إقليم البنجاب الهندي المجاور لباكستان، وأيضاً في الحرب الأهلية الدائرة في سيريلانكا بين " السنهال " ( بوذيين يسيطرون على الحكم ) و" التاميل " ( هندوس معارضون للنظام ). ثالثا :لاتجاه الشرقي: تقوم المخابرات الباكستانية بالتعاون مع وكالة المخابرات الأمريكية بدعم حركة متمردي الايغور الإسلامية التي تنشط داخل إقليم سبكيانج الصيني وذلك من أجل فصل الإقليم وتكوين دولة إسلامية مستقلة في غرب الصين. رابعا : الاتجاه الغربي: وبدأ هذا الاتجاه يكتسب أهمية بقدر أكبر خاصة في فترة الحرب الأمريكية ضد الإرهاب التي بدأت بعد هجمات الحادي عشر من أيلول، ويمتد النطاق الحيوي لجهود اهتمامات المخابرات الباكستانية بما يشمل إيران، بلدان الخليج العربي، الشرق الأوسط، شمال افريقيا، والقرن الافريقي. ويتركز مجال اهتمام المخابرات الباكستانية على جمع المعلومات الاستخبارية الخاصة بهذه المنطقة إما بشكل مباشر عن طريق العناصر الباكستانية المنتشرة في هذه المناطق، وبالذات في الخليج العربي حيث الوجود الباكستاني البشري المكثف أو بطريق غير مباشر عن طريق تقارير بعثات الدبلوماسية الباكستانية التي ترصد المنطقة، أو عن طريق المعتقلين العرب الذين يتم استجوابهم بواسطة المخابرات الباكستانية. تقوم المخابرات الباكستانية حالياً بالتعاون مع المخابرات الأمريكية ونظام الرئيس الأفغاني حامد كرازاي السابق بشن حرب سرية ضد إيران ، عن طريق استخدام الحركات السنية الموجودة في إقليم بلوشستان الشرقية ودفعهم لتنفيذ العمليات المسلحة داخل إيران عن طريق الانتقال من بلوشستان الشرقية (الموجودة في باكستان) والتغلغل في بلوشستان الغربية (الموجودة في إيران).. وقد بدأت معدلات هذه العمليات تزداد في الفترة الأخيرة. ويقال بأن المخابرات الباكستانية استطاعت تجميع الكثير من المعلومات عن المنشآت والأوضاع الإيرانية الداخلية خلال الفترة السابقة، وهي معلومات وبيانات أصبحت متاحة للأمريكيين في الوقت الحالي.
برغم الارتباط القوي والتحالف الاستراتيجي بين جهاز المخابرات الباكستانية (ISI)، ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)، ووكالة الامن القومي الأمريكي (NSA)، والبنتاغون، فإن هناك الكثير من الشكوك حول مصداقية جهاز المخابرات الباكستانية (ISI) في هذه الشراكة، وذلك بسبب انكشاف الكثير من الأدلة على أن جهاز المخابرات الباكستانية (ISI) ظل يقوم خلال فترة عملياته السرية المشتركة م ع الأجهزة الأمريكية، بعمليات سرية أخرى خاصة به، ويعتقد بأن أبرزها يتمثل في الآتي: 1- - إجراء المزيد من المفاوضات والاتصالات السرية بزعماء القاعدة. 2- - تورط عناصره في عمليات تهريب الأسلحة وتمرير المعلومات لحركة طالبان وتنظيم القاعدة. - تورط عناصره في عمليات تحويل الأموال داخل أمريكا لعناصر القاعدة التي يقال بأنها نفذت هجمات الحادي عشر من أيلول وبالذات المصري محمد عطا. وحتى الآن لم يظهر أي تفسير أو تحليل للعلاقات والروابط الاستثنائية التي ظل يقوم بها جهاز المخابرات الباكستانية (ISI).. هل هي بإيعاز وتكليف أمريكي من أجل تحريك الأحداث والوقائع في اتجاه معين، أم أنها عمليات سرية باكستانية خالصة تهدف إلى الالتفاف والمناورة وتحقيق بعض المكاسب التكتيكية المؤقتة من حساب الشركاء الأمريكيين.
اتُّهِمت وكالة الاستخبارات الداخلية الباكستانية بالتورط بشكل كبير في أفغانستان في تشغيل برامج استخباريةٍ عسكريةٍ سريةٍ منذ مدة طويلة تسبق حتى الاجتياح السوفيتي لأفغانستان في عام 1979، وحدثت أولى تلك العمليات في عام 1975، وكانت انتقامًا للحرب التي تشنها أفغانستان ولدعمها الميليشيات المناهضة لباكستان، قبل تلك الواقعة لم تجرِ باكستان أي عمليات في أفغانستان وتلك العملية أتت ردًا على عقد كامل من انتهاكات أفغانستان ضد باكستان. لاحقًا وفي ثمانينيات القرن المنصرم وفي خضم عملية سايكلون، كانت الاستخبارات الداخلية هي المسؤولة عن توزيع السلاح والمعونات المادية التي تقدمها الولايات المتحدة لفصائل المجاهدين الأفغان مثل فصائل قلب الدين حكمتيار وأحمد شاه مسعود، وبعد انسحاب الاتحاد السوفيتي من أفغانستان، تصارعت تلك الفصائل مع بعضها واندلعت حرب أهلية دامية مزقت البلاد، وخلال الأعوام بين 1992 و 1994 كانت الاستخبارات الداخلية والولايات المتحدة بالتعاون مع حكومة بنازير بوتو الداعم الأكبر لقوات حكمتيار في حربها ضد الدولة الإسلامية في أفغانستان. بعد فشل حكمتيار في الوصول إلى السلطة عملت الاستخبارات الداخلية كما هو معروف على تأسيس حركة طالبان من أجل الوصول إلى الحكم ودعمتها ماديًا وسياسيًا وعسكريًا ولوجستيًا، واستمر الدعم حتى وقوع هجمات (سبتمبر)، ومن المعروف أيضًا أن الاستخبارات الداخلية قدمت ملجأً آمنًا لطالبان في داخل باكستان ودعمت تمردات طالبان في أفغانستان بعد وقوع الهجمات، ينكر المسؤولون الباكستانيون هذه التهم، لكن مسؤولين دوليين ومحللين سياسيين بل وحتى عسكريين باكستانيين أثاروا مزاعم حول توفير الدعم واللجوء لحركة القاعدة من قبل الاستخبارات الداخلية وبالاشتراك مع القيادة العسكرية، وتزايدت هذه الاتهامات بشكل كبير بعد قتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن في مدينة آبوت باد الباكستانية.
أجبر الدعم الأفغاني للمليشيات المعادية لباكستان، رئيس الوزراء الباكستاني حينها ذو الفقار علي بوتو ووزير الداخلية نصير الله خان بابر، والذي كان حينها مسؤولًا عن حرس الحدود على تشكيل وحدة قتال على شكل عصابات تتألف من خمسة آلاف رجل أفغاني، والتي ستخرّج فيما بعد قادة مستقبليين مثل حكمتيار وشاه مسعود وبرهان الدين رباني، وكانت مهمة هذه القوة هي مهاجمة الحكومة الأفغانية. في عام 1979 انخرط الاتحاد السوفيتي في الحرب الأهلية الأفغانية، وعملت كل من الاستخبارات الداخلية ووكالات الاستخبارات المركزية على تجنيد المسلمين في جميع أنحاء العالم للمشاركة في الجهاد ضد القوات السوفيتية، وعلى الرغم من ذلك، لم تتصل وكالة الاستخبارات المركزية بشكل مباشر مع المجاهدين، لأن المخابرات الباكستانية كانت هي الجهة الرئيسية التي تتعامل مع المجاهدين، كانت تفضل أكثر الجماعات تطرفًا، أي الحزب الإسلامي بقيادة قلب الدين حكمتيار، والذي حاول أن يقيم حكومة عاصمتها مدينة جلال آباد بعد الانسحاب السوفيتي من أفغانستان ولكنه فشل في ذلك. في عام 1992 بعد انهيار النظام الشيوعي في أفغانستان برئاسة محمد نجيب الله، اتفقت الأطراف الأفغانية على السلام وتقاسم السلطة في اتفاقٍ دعي اتفاق بيشاور، والذي أنتج ما يدعى الدولة الإسلامية في أفغانستان، تلقى حكمتيار دعمًا كبيرًا من باكستان من أجل الإطاحة بهذه الدولة، بحلول عام 1994 تيقنت باكستان أنه غير قادر على الفوز على الدولة الإسلامية وأنه كان خيبة أمل مريرة لرعاته. تأسست طالبان إلى حد كبير من قبل وزارة الداخلية الباكستانية في عهد نصير الله خان بابر والاستخبارات الداخلية في عام 1994، وفي عام 1999 أقرّ نصير الله بابار الذي كان وزيرًا للداخلية في عهد بوتو خلال فترة صعود طالبان للسلطة، بدوره في إنشاء طالبان.
في عام 1994، ومع فشل قلب الدين حكمتيار في الإطاحة بحكومة رباني، وجدت باكستان نفسها في موقف حرج، فاستخدمت الاستخبارات الباكستانية طالبان لإقامة نظام في أفغانستان يكون مواليًا لباكستان، في محاولة من باكستان لاكتساب عمق استراتيجي، ومنذ إنشاء طالبان، قدمت المخابرات الباكستانية والجيش الباكستاني الدعم المالي واللوجستي والعسكري بما في ذلك الدعم القتالي المباشر، كما ذكر المؤرخ بيتر تومسن أنه حتى وقوع أحداث 9/11 كان ضباط الجيش الباكستاني وضباط المخابرات الباكستانية بالإضافة إلى الآلاف من أفراد القوات المسلحة الباكستانية النظاميين يشاركون في القتال في أفغانستان.
في عام 2000، فرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حظراً على توريد الأسلحة لحركة طالبان، وخصّ مسؤولو الأمم المتحدة حينها باكستان بكلامهم، كما انتقد الأمين العام للأمم المتحدة باكستان لدعمها العسكري وأعلن مجلس الأمن عن شعوره بقلق عميق إزاء التقارير التي تشير إلى تورط الآلاف من غير الأفغان في القتال إلى جانب طالبان. في يوليو 2001، اتهمت العديد من الدول بما فيها الولايات المتحدة باكستان بأنها تنتهك قرارات الأمم المتحدة بسبب مساعدتها العسكرية لحركة طالبان. بعد هجمات 11 سبتمبر، ادعت باكستان أنها أنهت دعمها لطالبان، ولكن مع سقوط كابول في أيدي القوات المناهضة لطالبان في نوفمبر 2001، عملت قوات الاستخبارات الداخلية الباكستانية مع ميليشيات طالبان التي كانت في حالة انهيارٍ تام، وفي نوفمبر 2001، نُقل مقاتلون من طالبان والقاعدة بالإضافة إلى المخابرات الباكستانية وغيرهم من العملاء العسكريين بأمان من مدينة قندوز الأفغانية على متن طائرات شحن تابعة للجيش الباكستاني إلى قواعد سلاح الجو الباكستاني في المناطق الشمالية بباكستان ضمن عملية أطلق عليها اسم جسر الشر الجوي.
تملك الاستخبارات الداخلية الباكستانية روابط وثيقة مع شبكة حقاني، وتساهم مساهمة كبيرة في تمويلها، وفي عام 2011 وصف رئيس هيئة الأركان الأمريكية الأدميرال مايك مولن شبكة حقاني (العنصر الأكثر تدميراً لطالبان الأفغانية) بأنه ذراع حقيقي لجهاز الاستخبارات الباكستاني، وأضاف مولن، أن لدى الولايات المتحدة أدلة على أن الاستخبارات الداخلية الباكستانية خططت بشكل مباشر وتزعّمت هجوم حقاني 2011 على السفارة الأمريكية، وهجوم حقاني في 28 يونيو على فندق انتركونتيننتال في كابول، وغيرها من العمليات. من المعتقد على نطاق واسع أن الهجوم الانتحاري على السفارة الهندية في كابول كان مخططًا له أيضًا بمساعدة الاستخبارات الداخلية الباكستانية، فقد ذكر تقرير صدر عام 2008 من مدير الاستخبارات الوطنية أن الاستخبارات الداخلية الباكستانية توفر معلومات استخباراتية، وتمويلًا للمساعدة في الهجمات ضد القوات الدولية، وضد الحكومة الأفغانية والأهداف الهندية.
إلى جانب دعم الحزب الإسلامي بقيادة قلب الدين حكمتيار، دعمت الاستخبارات الداخلية الباكستانية بالاشتراك مع دول عربيه بقوّة فصيل جلال الدين حقاني (شبكة حقاني) والجماعات العربية المتحالفة كتلك المتكتلة حول الممول بن لادن، والمعروفة اليوم باسم تنظيم القاعدة، في الحرب ضد السوفييت والحكومة الشيوعية الأفغانية في أفغانستان في الثمانينيات. في عام 2000، ذكرت المخابرات البريطانية أن الاستخبارات الداخلية الباكستانية لعبت دورًا نشطًا في العديد من معسكرات تدريب القاعدة منذ التسعينيات فصاعدًا، وساعدت الاستخبارات الداخلية الباكستانية في بناء معسكرات تدريب لكلٍ من طالبان والقاعدة، وبين عامي 1996 و2001، أصبحت قاعدة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري دولة داخل دولة طالبان المدعومة من باكستان، وأرسل بن لادن متشددي القاعدة من العرب ومن سكان آسيا الوسطى للانضمام إلى قتال طالبان وباكستان ضد الجبهة المتحدة (التحالف الشمالي) ومن بينهم لواءه 055.
شاركت الاستخبارات الداخلية الباكستانية في اغتيال كبار القادة الأفغان الذين كان يُعتقد بأنهم سيلعبون دورًا محوريًا لمستقبل أفغانستان، ومن بين هؤلاء القادة، أحمد شاه مسعود زعيم المقاومة والبطل الوطني لأفغانستان، وعبد الحق زعيم المقاومة البشتونية المعادي للسوفييت والمناهض لطالبان. واتُّهمَت الاستخبارات الداخلية الباكستانية بالتورط في اغتيال برهان الدين رباني رئيس إدارة الرئيس الأفغاني السابق ورئيس مجلس السلام الأعلى والعديد من القادة الآخرين المناهضين لطالبان، كان معروفًا عن كلا الزعيمين، شاه مسعود وعبد الحق أنهما مستقلين بشدة عن النفوذ الأجنبي، وخاصة الباكستاني، وكان كلاهما من أنجح قادة المقاومة المناهضة للسوفييت، والرافضين للمطالبة الباكستانية بالهيمنة على المجاهدين الأفغان. قُتل مسعود على يد اثنين من الانتحاريين العرب قبل يومين من هجمات 11 سبتمبر 2011 في الولايات المتحدة. مُنح القتلة -الصحفيين المفترضين- تأشيرات دخول متعددة صالحة لمدة عام في أوائل عام 2001 من قبل السفارة الباكستانية في لندن، وكان هذا النوع من التأشيرات المتعددة لمدة عام غير مألوف بالنسبة للصحفيين عادة، وسهّلت الاستخبارات الداخلية الباكستانية فيما بعد مرور الرجلين عبر باكستان، ثم عبر الحدود الأفغانية إلى أراضي طالبان.