حمدي رزق
من المرويات ذات الدلالة أن شخصًا رأى ثلاثين كلبًا تحيط بقطيع من الغنم؛ فنادى فى الراعى: يا هذا، ألا يكفى كلبان لحراسة غنمك؟، فأجابه الراعى: كلا يا أخا العرب، بل هذه ذئاب، فرد الرجل: عجبًا أمركم، أوَ ترعى ذئابكم الغنم؟.
قرأت المروية فى سير العرب قديمًا، وتذكرتها منقولة بحرفها وأنا أطالع بيان «النيابة العامة» بشأن «ذئب طلخا»، ما نصه «وتهيب النيابة العامة بالمواطنين إلحاق أبنائهم بالمؤسسات الدينية والتعليمية الرسمية، والكف عن تعليمهم فى الأماكن غير المخصصة أو غير المرخص لها بذلك، فإذا كان الحرص على تعليم الأبناء واجبًا، فإن حُسن اختيار أماكن تلقيه أوجب».
يستوجب الأمر الوقوف أمام هذه الفقرة الواردة فى بيان النائب العام المحترم، المستشار حمادة الصاوى، بشأن حبس (ذئب طلخا أبوطاقية وجلابية)، المتهم بهَتْك عِرْض طفلة، فى محل تحفيظ قرآن!!.
مستوجب التوفيق بين الواجب والأوجب، فإذا كان الحرص على تعليم الأبناء واجبًا، فإن حُسن اختيار أماكن تلقيه أوجب، خلاصته: لا تلقوا بأفراخكم الصغيرة للحدادى والغربان.
تفاصيل البلاغ وتحقيقات النيابة أوجبت على المستشار المحترم، محامى الشعب، أن يحذر من الذئاب متربصة فى الدغل تنتظر الفريسة، برز الثعلب يومًا فى ثياب الواعظينا.. والخطير أن الأسرة تقدم أطفالها فَرَائِسَ (جمع فريسة) دون أى حذر كافٍ.
سطور البلاغ مؤلمة، «النيابة العامة» تلقت بلاغًا من والدة الطفلة المجنى عليها، فى غضون سبتمبر الجارى، بهَتْك المتهم (أبوزبيبة الملتحى) عِرْض ابنتها، خلال تواجدها بمسكنه بغرض تعليمها، بمركز طلخا بالدقهلية، وأنها تيقنت من حدوث الواقعة بكشف طبى أجرته على ابنتها!.
وسمعت النيابة أقوال الطفلة المجنى عليها ووالدتها، فأكدتا حدوث الواقعة على النحو الوارد بالبلاغ، وأضافت الطفلة اعتياد المتهم ارتكاب تلك الجريمة معها مرات عدة، فأمرت «النيابة العامة» بضبطه، وباستجوابه أنكر ما نُسب إليه، وعليه قررت «النيابة العامة» حبس المتهم أربعة أيام احتياطيًّا على ذمة التحقيقات، وانتدبت «الطبيب الشرعى» لتوقيع الكشف الطبى على المجنى عليها، وقررت «المحكمة المختصة» مدّ حبس المتهم خمسة عشر يومًا، وجارٍ استكمال التحقيقات.
تفاصيل مؤلمة، الذئاب تعوى عواء مخيفًا، وتحوم. بعض الحذر، ليس هكذا تُورَد الإبل، الأسرة مسؤولة أولًا، كيف تأتمن أى رجل ولو كان ملتحيًا على ابنتها دون رقابة صارمة؟!، تخيل الذئب مارس دناءته مرات، وخالَ على الأم صلاحه وتقواه، ولم تفقه الصغيرة أغراضه الدنيئة.. وافتضح أمره.. مفضوح الله يفضحه ويسوِّد وشه فى الدنيا والآخرة.. آمين.
الذئب الرمادى المخادع استمرأ اللحم الطرى، واستفرد بالضحية وخان الأمانة، مستوجب تحرك الأجهزة المعنية لإغلاق مثل هذه الخلاوى غير المرخصة، الفوضى الضارية فى الشارع تُغرى بالخديعة، عندما يرعى الذئبُ الغنم، مستوجب الحذر. الذئاب سارحة تتربص بفرائسها الدوائر!.
نقلا عن المصري اليوم