بقلم بولس رمزي

 
          عذرًا عزيزي القارئ علي استخدامي تلك الجملة الشهيرة المأخوذة عن أحد أفلام الفنان الراحل "إسماعيل يس" واستخدامها في مقالًا سياسيًا حول موضوع في منتهي الأهمية ... وهو موضوع "مراقبة أموال الكنيسة"
 
     في الآونة الأخيرة كثر الجدل واللغط حول موضوع مراقبة أموال الكنيسة وتوابعه، ونظر لأهمية هذا الموضوع وردود أفعال الشارع السياسي القبطي الرافض تمامًا لعملية فرض هيمنة الدولة علي الكنيسة وإخضاعها بطريقة غير مقبولة لنظام حكم حوله خليط من علامات الاستفهام والتعجب، والكثير من المحاذير والتخوفات والتكهنات وللخوض في هذا الموضوع الشائك من خلال المحورين التاليين :
 
المحور الأول: كيف يتم رقابة الدولة علي أموال الكنيسة ؟
المحور الثاني: المخاوف التي يرددها البعض لدفع الدولة بالإقدام علي هذه الخطوة
 
     وفيما يلي عرضًا موجزا لكل محور من هذه المحاور 
 
المحور الأول: كيف يتم رقابة الدولة علي أموال الكنيسة :
 
هناك العديد من طرق الرقابة المالية، ولكن المتبع في مصر نوعان من الرقابة يطبقان في الأجهزة الحكومية للدولة عن طريق ثلاثة حكوميه وهي:
 
1- إدارة الرقابة والمتابعة ،وهي وحده إداريه تابعه للجهة الحكومية وتعرف بما يسمي بالرقابة الداخلية أو الرقابة الذاتية. 
2- وزارة المالية التي تقوم بإلحاق مندوبي المالية للعمل كمراقبين ومديرين ووكلاء حسابات بالوحدات الحسابية للجهات الحكومية، وتعرف بما يسمي بالرقابة السابقة علي الصرف. 
3- الجهاز المركزي للمحاسبات ويعرف بما يطلق عليه الرقابة اللاحقة علي الصرف. 
 
مايهمنا من خلال هذا الموضوع هو الرقابة المالية علي الكنائس والأديرة والمزارات .
 
تعتمد الكنيسة علي النوع الأول من الرقابة وهي الرقابة الداخلية أو الرقابة الذاتية بمعرفة المتخصصين من المجالس الملي الفرعية والعامة التي تقوم بالرقابة السابقة واللاحقة علي الصرف. 
 
 ولكن عندما نتحدث عن رقابه الدولة علي أموال الكنيسة فنحن نعني الرقابة السابقة واللاحقة علي الصرف فانا لا استبعد أن تقوم الدولة بتعيين مندوب لها في كل كنيسة  ودير ومزار  تكون مهمته متابعة الإيرادات والتحكم في نواحي الصرف كما هو متبع في مندوب المالية الملحق  بالجهات الاداريه للدولة .... وبالطبع سوف يتمتع هذا المندوب السامي للدولة الملحق بالكنائس بالنفوذ والسيطرة علي جميع تصرفات الكنيسة المالية , وقد يمتد هذا إلي النواحي الاداريه والاجتماعية والرعوية والروحية ومن الممكن مستقبلا أن يقوم مندوب الدولة بتحديد وفرض العظة التي سوف يلقيها الكاهن في صلاة الأحد . 
 
وخلال فترات ربع سنوية يكون هناك نوع آخر من الرقابة اللاحقة علي تصرفات الكنيسة المالية بما يعرف بتفتيش الجهاز المركزي للمحاسبات الذي من صلاحياته إحالة أي مسئول في الكنيسة إلي النيابة للتحقيق فيما قد يراه مخالفا لقواعد الصرف حتي وان كان هذا المسئول هو رأس  الكنيسة نفسه ايا كانت الطائفه التي تنتمي إليها .
 
المحور الثاني: المخاوف التي يرددها البعض لدفع الدوله بالاقدام علي الرقابه:
 
     يري البعض من الاخوه المسئولين أن هناك غموضا وشكوكا حول حجم الإيرادات السنوية للكنيسة ومصادرها ونواحي الصرف ويرون انه من حق الدولة متابعة ما يدور علي أراضيها داخل هذه الكنائس ومتابعة نواحي الصرف المختلفة والانشطه التي تقوم بها وطرق استخدام الأموال وماهو علي شاكلة هذا . وأنا أري في هذا التبرير حق يراد به باطل .
 
     فان الدافع الحقيقي وراء المطالبة بالرقابة علي أموال الكنيسة ليست تلك الشعارات الرنانة التي يطلقونها ولكن هناك تخوفا حقيقيا لدي السادة المسئولين من حجم هذه الإمكانات المالية التي يعتقدون انها هائلة ... وإمكانية الأقباط في استخدامها في شراء أسلحه متطورة والتدريب علي استخدامها لتكون هذه الاسلحه في المستقبل موجهه في وجه اخوتنا المسلمين . وهذه الشكوك مردود عليه من خلال النقاط التالية :
 
أولا- في البداية لابد وان أوضح انه لولا وطنية الأقباط وحرصهم علي وطنهم وحبهم لإخوتهم في الوطن من المسلمين لأمكنهم الحصول علي احدث الاسلحه التي لم تصل بعد إلي يد اكبر جيوش المنطقة بموجب مكالمة تليفونيه واحده دون الحاجة إلي أي تدابير ماليه أي مجانا وبلا أي مقابل . 
 
نحن جميعا نعرف جيد أن هناك العديد ممن يتربصون بمصر ولا يريدون لها خير ولديهم الاستعداد التام لتوصيل الطلبات مجانا في سبيل الوصول إلي أهدافهم الرامية إلي تفتيت وتقسيم هذا الوطن وهنا يكون التسليح بلا أي مقابل .
 
ثانيا-  دعنا نكون صادقين مع أنفسنا في انه لايمكن أن  تنجح أي عمليات رقابه علي دور العبادة بصفه عامه والكنائس بصفه خاصة , فمن الممكن ان تترك دور العبادة بضعة ملاليم في البنوك لكي يراقب الجهاز الإداري في الدولة عليها , وسوف يكون هذا المندوب او المفتش المفروض علي الكنيسة جسما غريبا في جسد الكنيسة , وسوف يكون وحيدا ولن يتعاون معه احد ,  وكما نحن نعرف طبائع المصريين بصفه عامه والموظفين بصفه خاصة فان الذمم معروضة للبيع وأنا هنا أتكلم عن نفسي .. "إذا كنت انأ مسئول إداري عن احدي الكنائس وارغب في شراء سلاح فبطريقة شراء الذمم استطيع استخدام مندوب الدولة الرقابي في أن يقوم هو نيابة عني في عملية الشراء وحملة هذا السلاح علي أكتافه وإيداعه في مخازني نيابة عني"... لذلك انصح السادة المسئولين بأنه لاجدوي من هذه الأفكار الغير منتجه مطلقا 
 
ثالثا- مما تقدم يتضح لنا انه لا جدوى أو فائدة مرجوة يمكن تحقيقها من عملية مراقبة أموال الكنيسة , لكن في حقيقة الأمر فان هناك هدفا خبيثا سوف يتحقق كنتيجة مباشرة لفرض مثل هكذا قانون , وهذا اتساع الفجوة بين الأقباط والمسلمين مما يهدد الوحدة الوطنية ويضربها في الصميم , فان من ينادون بمثل هذا القانون هم لايهدفون إلي الرقابة بمعناها الحقيقي،  ولكنهم يهدفون إلي خلق فتنه طائفيه مما يخلق شرخا عميقا في المجتمع المصري , ففي الوقت الذي نحن فيه بحاجة إلي إعادة أللحمه الوطنية إلي وضعها الطبيعي عن طريق قرارات تعقبها أفعال جادة تزيد من طمأنة الأقباط علي مستقبلهم في مصر نجد من يحاولون محو أي سبيل إلي اطمئنان الأقباط ولذلك فأنني اتهم من يدعون إلي مثل هذه القوانين في هذا التوقيت الحساس بان هؤلاء هم المحرضون الحقيقيون علي الفتنه الطائفية والداعون إلي هدم وتفتيت هذا الوطن الغالي علينا جميعا مصر. 
 
أخيرا:
 
      إلي دعاة الفتنه انظروا إلي بلدكم كيف كانت وكيف أصبحت وماذا ستكون في حال استمرأكم ودأبكم علي النفخ في رماد الفتنه وإشعال نيرانها من جديد ؟ وهنا يكون سؤالي إلي هؤلاء : ماذا ستستفيدون إذا حرقت هذه البلد ؟ .. هل انتم تكرهون بلدكم إلي هذا الحد؟ .. أم انتم عملاء تعملون لحساب جهات أخري لاتريد خيرا لمصر؟ ... عودوا إلي رشدكم وحافظوا علي وطننا جميعا مصر ؟ كنوز الدنيا لاتعوضنا حبنا لمصر .
 
     إلي الحاكم ،, مسئولية هذا البلد في أعناقكم ولن يرحمكم التاريخ إذا انقسمت هذه الدولة في عهدكم , انظر كيف التاريخ القديم العالق في عقولنا يمجد ذلك الفرعون "مينا" موحد الوجهين البحري والقبلي .... نحن شعب تاريخنا يمجد الموحدين... ويلعن المقسمين , ولذلك يجب عليكم السعي لان تكونوا من الممجدين وليس ممن لعنهم التاريخ ولم يرحمهم , عليكم من ألان تطهير مصر من هؤلاء الداعين إلي الفرقة والتقسيم،وأن نري منكم قريبا قرارات من شأنها دعم الوحدة الوطنية ودحض أقوال الداعين إلي هدم الوطن