( بقلم / أشرف ونيس )
هل يمقت الله الشر ؟ نعم ، هل أعطى الله للإنسان حرية إرادة يغعل بها ما يريده كل فى محيطه و إمكانياته ؟ هذا صحيح ، هل علم الله السابق يقتضى علمه بما ستؤول إليه الأمور جرَّاء شر البشر و اثامهم ؟ نعم بالطبع  .

و هكذا صار إصبع الاتهام مصوَّباً نحو الله فيما هو حادث و جارى بين أطراف العالم الذى يضج بأنات الخلائق عامةً و البشر خاصةً ، و صار سؤال كل العصور منهك القوة مترنحاً بين ألسنة هؤلاء و أولئك ممن يتلونه و يرددونه ليل نهار ؛ لماذا لا يمنع الله الشر قبل حدوثه طالما قدرته و علمه و صلاحه تحيط به علماً و تحكماً و رفضاً له ؟؟؟!!!!

لقد تحينت جهالة البشر غياب الوعى لدى الكثيرون بما هو كائن فى ذاته من صفات لله ، خالطين فى ذلك بين مشيئة الخالق و مقاصده تعالى ، مما أدى الى نبت بذرة الإلحاد و ترعرعها فى قلوب الكثيرين و الكثيرات إلى أن أمست شجرة يستظل تحت ظل أفرعها المكتظة بأغصانها الكثرة ممن ينكرون وجود خالق أو صانع للكون بكل ما يحتويه .

هل من إحصاء لنقاط مياه الأرض ؟ و هل من تقصٍ لأعداد رمال البحر ؟ هل من تعداد لخطى البشر على مدى الدهور و الأزمنة ؟ و هل من معرفة بكم تحمل الأشجار بكل  أغصانها من أوراق و ثمار فى كل بقاع المسكونة على مدى الخط الذى يبدأ عنده تاريخ الأرض فنهايته ؟ ...... فما أسهل معرفة إجابة هذه الاسئلة و غيرها على قبول مشيئة الله الصالحة للشر المنافى لها و المعادى لطبيعتها على خط مستقيم ، فإن كانت قداسة الله لا تستحسن السماء بكل نقائها ؛ فما موقف مشيئته من اقتراف البشر و اجترارهم على شرهم و تعدياتهم الآثمة ؟!

 فكم إستخدمت المشيئة الإلهية الفرص المتاحة فى أعمار البشر و حياتهم للنصح و التوجيه و الإرشاد نحو الصواب مستخدما فى ذلك شتى الطرق و الوسائل ، و كم من أناس إستخدمهم الله لإعلان غضب الله الذى يطل بوجهه المرعب على تعنت الخاطئ لارتكاب خطأه بل أخطاءه ...... ، و بهذا الشكل كانت و مازالت و ستظل مشيئة الخالق كارهة للشر و الإثم بكل جوانحها و إرادتها الغير محدودة ، لا تطيقه كما إنها لا تستطيع النظر اليه نظراً لقداستها المطلقة .

و يبقى السؤال ؛ إن كانت مشيئة الله تدير وجهها غير متطلعة لأثام البشر باغضةً إياها ، فلماذا تترك الشر و لا تحجزه قبل حدوثه ؟ و لماذا لا يحجِّم الله تسلط و قساوة قلب هؤلاء الذين حوَّلوا جنة الارض الى جحيما و عذاب ؟

كانت الإجابة فيما تكنه مقاصد العلى من علو و إرتفاع و تعظم ، و هو ما سوف نسترسل فى الحديث عنه ماسين باطراف تلك الحكمة الازلية لعلنا نرتشف منها فنروى ظمأ قلوبنا التى لطالما سألت و تسألت عن ماذا و كيف و لماذا ؟ ..... ( يتبع ) .