هاني صبري - المحامي
جريمة الإختلاس هى الاستيلاء على المال العام من قبل من أوكل إليه، أو أمر إدارته أو جبايته أو صيانته.
 
وتعد جريمة الاختلاس من الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة العامة حيث إن المشرع يميل فيها الى التشديد بشكل عام لأن دور الدولة حماية الأموال والمصالح العامة وضرورة تأمين الحماية اللازمة للأموال التي تسلم إلى العاملين  فيها، مهما اختلف شكل النظام السياسي أو البنيان الاقتصادي والاجتماعي. فإن تجريم فعل الاختلاس هذه الأموال شكل مهم من أشكال الحماية للمصالح العامة و الخاصة في آن واحد، وأن سلوك هذا الجاني في هذه الجريمة يعبر عن خطورة إجرامية في استغلال مركزه لارتكاب الجريمة، إضافة إلى أن يده على المال يد أمانة يسهل الاستحواذ على المال لنفسه.
وقد نظم قانون العقوبات المصرى عقوبة جريمة الإختلاس فى المادة 112 فنصت على (كل موظف عام اختلس أموالا أو أوراقاً أو غيرها وجدت فى حيازته بسبب وظيفته يعاقب بالاشغال الشاقة المؤقتة وتكون العقوبة الاشغال الشاقة المؤبدة فى الاحوال الاتية :-
1- إذا كان الجانى من مأمورى التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة وسلم إليه المال بهذه الصفة .
2- إذا ارتبطت جريمة الاختلاس بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطا لا يقبل التجزئة .
3- إذا ارتكبت الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها اضرار بمركز البلاد الاقتصادى أو بمصلحة قومية لها . 
ولابد من توافر ثلاث أركان أساسية لوقوع جريمة الاختلاس 
١- الركن المفترض يتطلب القانون أن يكون مرتكب جريمة الإختلاس موظفاً عاماً أو من في حكمه وعددتهم المادة 119 من ذات القانون بالموظف العام ، ولا تقوم جناية الإختلاس إلا إذا كان المال قد سلم إلى الموظف بحكم وظيفته وبذلك لابد من توافر عنصرين لتحقيق هذا الركن في جناية الاختلاس:
الأول: أن يكون المال في حيازة الجاني.
 
الثاني: أن تكون حيازة المال بسب الوظيفة التي يمارسها. 
 
ويكفى لإدانة الموظف أن يكون حاملاً صفته مؤدياً عمله وقت إسناد فعل الإختلاس إليه ، فإذا انتقت الصفة تغير وصف الجريمة.
 
٢-  الركن المادى هو الفعل المادى المكون للجريمة و هو إختلاس أموال أو أوراق أو غيرها وجدت فى حيازة الموظف أو من فى حكمه بسبب وظيفته ويتحقق فعل الاختلاس بأي بالتصرف بالمال وكأنه مملوك له ولا فرق بين أن يقع الفعل على كل المال أم جزء منه ، ولاتنتفى الجريمة برد الموظف الشىء المختلس لأنه لا يلزم أن يترتب على الإختلاس ضرر فعلى بالدولة أو الفرد إذا كان صاحب الشىء المختلس فرداً، ويلزم أن يكون المال المختلس فى حيازة الموظف بسبب الوظيفة فيكفى لتوافر الجريمة بالنسبة للموظف أن يكون من خصائص وظيفته وجود المال فى متناول حيازته المادية، أما إذا لم تكن حيازة الفاعل للمال المختلس من مقتضيات وظيفته فلا يعتبر مرتكباً لجناية الإختلاس .
 
٣- الركن المعنوى فيجب أن تنصرف إرادة الفاعل إلى فعل الإختلاس أى إلى التصرف فى الشىء تصرف الملاك وأن يكون عالماً أن هذا الشىء ملك للدولة أو لأحد الأفراد، فإذا أنصرفت إرادة الفاعل إلى إستعمال الشىء فقط دون تملكه فلا يعد مرتكباً لجناية الإختلاس .
 
تجدر الإشارة أنه يثبت قصد الإختلاس بمختلف وسائل الاثبات كالألة والقوائن، ويستخلص الدليل على قصد الإختلاس من ظروف القضية وان كان هذا الدليل يستشف غالباً من عدم إعادة الشيء الذي هو في حيازة الجاني عندما يطلب منه ذلك.
 
 حيث بينت عقوبة الإختلاس المادة 112 و118 فالمادة 112 قررت عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة، غير أن المادة 112 قد نصت فى فقرتها الثانية على عقوبة السجن المشدد إذا توافرت فى الجانى صفة خاصة وهى أن يكون من مأمورى التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة وسلم إليه المال بهذه الصفة . 
 
بينما نصت المادة 113 من القانون على أن «كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة 119، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن.. وتكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد إذا ارتبطت الجريمة بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة أو إذا ارتكبت الجريمة في زمن حرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها، وتكون العقوبة الحبس والغرامة التي لا تزيد على خمسمائة جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين إذا وقع الفعل غير مصحوب بنية التملك.. ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص أو أوراق أو غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت».
 
وأن جريمة إضرار الموظف بالمصالح المعهوده إليه فنظمتها المادة 116 مكرر  من قانون العقوبات فنص على
 
" كل موظف عام أضر عمداً بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم عمله أو بأموال الغير أو مصالحهم المعهود بها إلى تلك الجهة يعاقب بالسجن المشدد .فإذا كان الضرر الذي ترتب على فعله غير جسيم جاز الحكم عليه بالسجن.
 
ويجب التعامل بكل حزم وفقاً للقانون في جريمة الإختلاس لعدم المساس بالحق الذي يحميه القانون وهو حق المجتمع في سلامة أمواله ، وحماية الثقة في علاقة الموظف أو من حكمه بالجهة التي يعمل لمصلحتها، واحترامه لواجب الأمانة والنزاهة عند أدائه للعمل المنوط به وحماية للفرد والمجتمع.