سليمان جودة
ما كاد حى الزمالك يلتقط أنفاسه بعد إلغاء مشروع «عين القاهرة» الشهير، حتى وجد نفسه فى مواجهة مع أزمة جديدة اسمها حديقة الأسماك!.. وفى منتصف الطريق بين الأزمتين، كان قد واجه أزمة ثالثة مع مشروع «ممشى أهل مصر» الذى لابد أن يميز بين شاطئ عام على النيل يمتد عليه الممشى، وشاطئ خاص تطل عليه البيوت، ولا يجوز أن نجرح خصوصيتها بممشى لا خلاف على أهدافه النبيلة !
فجأة، استيقظ الحى الهادئ الجميل.. أو الذى كان كذلك.. على مشروع تتبناه الحكومة ويقوم على أساس اقتطاع مساحة من الحديقة لإقامة جراج عليها !
وبالطبع سوف يجرى افتتاح محلات فى الحديقة لحساب المستثمر الذى سيقيم الجراج !
هل هذا كلام؟!.. وهل ضاق الحى بكامله عن مساحة يقام فوقها الجراج، فلم تجد الحكومة إلا هذه الحديقة التى عاشت ولاتزال من معالم الزمالك الأساسية؟!.. وحتى إذا لم تكن من معالم الحى، فهى رئته الوحيدة تقريبًا التى يتنفس منها، ولا يجوز مس ورقة واحدة فى شجرة من أشجارها، لأن البديل هو أن تختنق الزمالك، ويختنق الذين يسكنون الزمالك، ويختنق الذين يمرون عابرين فى الزمالك !
منذ متى كنا أعداءً للشجر إلى هذا الحد، ومنذ متى كنا خصومًا للخُضرة إلى هذه الدرجة، ومنذ متى كنا ضد الهواء النظيف إلى هذا المدى؟!.. ألا يكفى أن يكون فى الزمالك هذا العدد من الفنادق، ومن المدارس، ومن النوادى التى تحاصرها وتخنقها؟ !
إننى أقدّر تفكير الحكومة فى تشييد جراج يخفف الزحام عن الناس فى المكان، وأقدّر كل خطوة حكومية ترفع عن المواطنين بعضًا من عناء الحياة، ولكن إذا كان لابد من جراج فى الزمالك.. وهو أمر لابد منه طبعًا.. فليس على حساب حديقة عامة هى جزء من الذاكرة العامة لملايين المصريين، وليس على حساب حديقة هى مساحة يحبها ويحن إليها كل مواطن يقيم فى الحى أو حتى يعبره زائرًا.. لا.. ليس على حساب الحديقة، ولا على حساب شبر واحد فيها.. وفى إمكان الحكومة أن تنقل الجراج المقترح خطوات ليقام تحت أرض نادى الجزيرة على غرار جراج هايد بارك فى لندن.. وعندها، سننقذ حديقة الأسماك، وسيستفيد النادى، ومعه الحى الذى ستتخلص شوارعه من الصخب والزحام !
منتهى الأمل أن تعيد الحكومة دراسة الموضوع بجد على هذا الأساس، لأن البلد الذى سيستضيف قمة المناخ فى العام المقبل، كما أعلن مبعوث المناخ، جون كيرى، قبل أيام، مدعو إلى التعامل مع حدائقه، وخُضرته، وأشجاره، بطريقة مختلفة تمامًا !.
نقلا عن المصرى اليوم