سحر الجعارة
هى «إيزيس» التى تملك تعويذة الشفاء للبسطاء، توزّع محبتها على أبناء قريتها، على القطط والكلاب.. حياؤها ينافس ملامحها الجميلة.. تذوب رقة من فرط «القهر» وهى تخاطب قلوباً تحجرت من تكرار الاعتداء على الصبايا، لأنهن بـ«غير حجاب».. فى عينيها نظرة حائرة تفتش عن ضمائرنا تلك التى تختبئ خلف نبضات الكيبورد بعدما نُخدّرها بكلمتين، ثم نواصل حياتنا فى تبلّد!.
«إيزيس مصطفى»، صيدلانية شابة، 27 عاماً، تعمل بالوحدة الصحية بقرية كفر عطا الله سلامة، محافظة الشرقية، وحيدة «بلا ذكر» فى قرية تُعادى النساء وتكره الجمال.. ونسوة شريرات متنمرات.. إحداهن فاسدة تنافس الشابة الصغيرة على موقعها المهنى.. ذهبت إلى النيابة الإدارية تتّهم عدداً من الموظفين الإداريين زملاءها بالتعدى عليها بالضرب لكونها غير محجبة.. وقالت فى فيديو مصور (يظهر ما تعرّضت له) إنها تعرّضت للضرب والسحل والتحرّش بعد تعمد «الأبلة» مديرتها اضطهادها، لأن «ابنة الأبلة أولى بوظيفتها»!.
عار علينا أن تكون «إيزيس» مصرية ونعجز عن حمايتها وصون كرامتها.. ونظل عاجزين فى مواقعنا لا نملك أن نحمى عرض البنت وأمها!.
الدكتور «ممدوح غراب»، محافظ الشرقية، استقبل الدكتورة الصيدلانية «إيزيس مصطفى إبراهيم»، ونصحها (بالتحلى بالحكمة والصبر وأخلاق مهنة الصيادلة والتغلب على المشكلات، والاستفادة من التجارب الحياتية لصقل مهارتها فى التعامل مع الآخرين)!.
لم يقل الدكتور المحافظ إن من واجبه توفير «بيئة عمل آمنة» لها ولغيرها، ولا استنكر الاعتداء عليها (انتظاراً لتحقيقات النيابة العامة فى الواقعة)، وهذا واجبه ولكن رد اعتبار الشابة لن يعيق سير العدالة!.
«غير محجبة».. إنه القيد الذى يكبل أى مسئول عن إقرار الحق، لأنه ليس جهة اختصاص ما دام فى مصر مؤسسة دينية رسمية تحتكر الإسلام، ومن خلفها أحزاب دينية ومئات الآلاف من خريجى المعاهد الأزهرية وقاعدتهم الجماهيرية من السلفيين وفلول الإخوان.
كان لا بد لسيادة المحافظ أن يسأل، قبل استقباله لإيزيس، عن رأى شيخ الأزهر فى ترك الحجاب مثلاً.. يقول الدكتور «أحمد الطيب»، شيخ الأزهر: (إن الحجاب بمعنى غطاء الرأس أُمر به نساء المسلمين فى القرآن الكريم، وأجمعت الأمة عليه، ولكن المرأة التى لا ترتديه ليست خارجة عن الإسلام)، مشيراً إلى أن حكمها أنها امرأة عاصية آثمة كبقية المعاصى، وهذه المعصية ليست من الكبائر، فترك الحجاب كالكذب أو أقل.
هل يرضيكم هذا الرأى لوضع ضوابط لمصطلح «الحرية»؟.. أم أن الحرية هى فرض النقاب، وهو لا سنة ولا فرض، حسب «الطيب» أيضاً، واستغلاله فى تهريب المجرمين «محمد بديع نموذجاً» وتهريب الأسلحة، ومخالفة كل القيم التعليمية والتربوية للتدريس به فى الجامعات، وفرضه على المستشفيات التعليمية واختلاس حق المريض فى رؤية وجه طبيبته!.
هذه حرية استعراض قوة الإسلام السياسى فى الشارع المصرى، حرية «إرهاب المسالمات» فى دولة متعددة الأديان.. حرية الحزب الذى يضع «وردة» مكان مرشحته فى الانتخابات النيابية.. حرية وأد النساء من الحياة العامة ودفنهن بنقاب!.
تلك حرية التنمر والتمييز، وتكريس «زى طائفى» بزعم أنه «ركن من أركان الإسلام».. أما حرية غير المحجبة فلا يحميها «القانون»، بل وتدينها العادات والتقاليد نتيجة زنّ الكهنة على البسطاء ووصاية العمائم على عقول البشر.
عار عليكم جميعاً نزع الستر والأمان عن «إيزيس» وكل إيزيس.. عار عليكم دهس كرامتها واستباحة عرضها من حزب الكراهية وأعداء الحياة.. فاليوم «إيزيس» وغداً كل بناتنا!!.
نقلا عن الوطن