بقلم / أشرف ونيس
* يقولون إنه لا توجد لغة تعيش الى الأبد ، فلابد لها ان تندثر مع مرور الوقت ، لابد أن تدخل مهما طال بها الزمن الى سجلات التاريخ و ما أكثرها وما أجزلها من سجلات .
* الموت هو ناموس الوجود و قانون الكون الذى لا يسقط بالتقادم ولا يبطل بالمزامنة ، بل هو الخالد الى أبد الدهر ، يندثر و يموت الجميع بينما يبقى هو على قيد الحياة .
* فلا توجد لغات حية متلاسنة بين البشر يمتد عنقها فى جسد الخلود ، بل إن التلاشى هو قانون بل دستور الكل . مهما تمددت اللغة فى رحب الزمن فلابد لها من الانحصار و من ثَم الزوال .
* و لكن ان كانت اللغة هى وليدة ألسنة البشر و ما يصدر عنها من ضجيج ؛ فهناك لغة هى وليدة الصمت و نبتة أوج السكون ، هى لغة العيون و ما أصدقها من لغة ، فحين تتحدث يبطل امامها أبلغ الكلام و حين تفصح تنحنى أمامها أعتى الحروف .
* فهل للأعين لغة ؟ نعم ؛ فهى لغة حية بل إنها خالدة لا تعرف الموت ولا تعترف به ، تصدر عن عيون البشر لتقول و تفصح عن كثير و كثير مما تعجز عنه الألسنة .
🥀 تنبثق من رحم القلوب و تولد من احشاء المشاعر ، تخرج من باطن الإنسان لتذهب أينما شاءت دون قيد أو غلال .
🥀 تخرج من جوف فطرتنا دون حاجة إلى علم او استذكار ، أبجدياتها عقل يفكر ، و نفس تشعر ، و قلب ينبض بالحياة .
🥀 تحوى كثيرا من الكلام دون التفوه ، و تروي العديد من الحروف دون التحدث ، كما انها تحكى المزيد من النصوص دون ان تنطق ببنت شفة .
🥀 لا حاجة لها الى قدر كبير من الزمن ، تأتى فتعبر فى برهات قليلة و فى عبورها تصل الى خفايا الأرواح فى عمقها ، و بواطن النفوس فى غورها ، كما انها تدرك حس المشاعر فى قرارها .
🥀 لا تُكتب ، و لكنها تُقرأ ، لا تُنطق ولكنها تُفهم جيدا ، تنطلق من أعين صاحبها دون حاجة الى وسط للانتقال من خلاله ، و مع ذلك فهى فى قوتها و تأثيرها تفوق كل ضجيج البشر و صخبهم .
🥀 كانت و مازالت و ستظل المادة الخصبة لإلهام الشعراء و كل مرهفى الحس على مر الأزمان و العصور ، فيها أنشد العاشقون ، و بها تغنى المحبون ، و لها نادى كل ذى قلب يخفق بخفقات الحب و الحنين .
🥀 انها لغة العيون ؛ الحروف غير المكتوبة ، و الرسائل غير المنطوقة ، و الحديث غير المسموع ، كما انها الكلمات غير الملفوظة . لغة العيون !!!