سحر الجعارة
"رانيا خلعت الحجاب" .. كانت هذه الجملة كفيلة لنهش لحمها والخوض في عرضها .. منتهى القهر والسادية والفاشيه.. مجرد خلع قطعة قماش صارت تستدعي الضرب المبرح وتكسير الأسنان.. تكفير ونفي ومطاردة واغتيال معنوي : إنها أحكام "القرية الظالمة" !.
فى قرية الشواشنة بالفيوم تعيش "رانيا رشوان" الشابة العشرينية ، يتيمة الأبوين، ظهرت تستغيث بالرأى العام فى فيديو قبل عدة أشهر : ( أ هل قريتي اضطهدوني بعد ما قلعت الحجاب) .. وبعد بث الفيديو إلتف نشطاء السوشيال حول قضيتها ، وكأننا أصبحنا طرفا فى تراجيديا إغريقية : السعار الديني دفع أهالى قريتها لمطالبتها بالرحيل، بعد إخراجها من ديانته .. فالجميع يلهث ليأكل من لحمها لنصرة الدين!!.
تعرضت "رانيا" لشائعات من المتهم الرئيسي بالقضية "أحمد تحيف" بأنها تلقت أموالا من الكنيسة لخلع الحجاب، وبسبب الفيديو الذي نشرته قام تحيف واعوانه بالتحرش بها واحتجازها والحصول على هاتفها بالقوة.. حتى جاء حكم المحكمة : أصدرت دائرة جرائم العنف ضد المرأة بمحكمة جنح الشواشنة بالفيوم حكمها بحبس المتهم بالاعتداء على "رانيا رشوان" 6 أشهر، إضافة إلى تغريمه 28 ألف جنيه بتهمة التنمر على الضحية، إضافة إلى تعويض مدني مؤقت قدره 100 الف جنيه.
هل هذا الحكم يكفى رادعا لمن يتنمر بغير المحجبة أو يعتقد أن خلع الحجاب وصمة عار لا يمحوها إلاالدم .. وهل يمكن تبرير العنف ضد المرأة بهوس الدفاع عن الدين "كل حسب فهمه وبيئته ونضجه" .. وإن كان الحساب بالعلم والنضج ، ماذا نفعل فى الدكتور "مبروك عطية"، الذى برر التحاقه بكلية الشريعة والقانون : ( أحد الدعاة قال مبروك تخصصه لغة عربية، فكان قدامي حل من اتنين يا إما اشلق أو أدرس) .. طبعا ( أشلق واتنيلى يابت.. وما إلخ من مفردات سوقية هو القاموس الخاص به).
بغض النظر عن خطابه المتدنى وهو يحدث سليلات الملكات ، خرج علينا فجأة مبروك الشهير بـ "أبو وردة" يقول أن الحجاب ( فريضة إنسانية لا علاقة لها بالدين، فهو لا سنة ولا واجب ولا غير واجب، بل هو واجب بشري، لأن الله سبحانه وتعالى قال في سورة الأعراف: "يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ"، ويعلق عطية قائلًا: "المتعرية دي لازم تروح مصحة نفسية مش يتقالها حلال وحرام، فأي واحدة بشعرها دي محتاجة مستشفى أمراض نفسية"، إذ يؤكد عطية أنه من الآدمية أن يستر الإنسان عورته، موضحًا أن الإسلام أوضح أن بدن الحرة جميعها عورة إلا وجهها وكفيها)!!.
لم يكتف "عطية" بالتحريض على العنف ضد المرأة ، بل وجردها من أهليتها بصفتها "مجنونة" ، أصبح الوكيل الحصرى للإسلام "حسب رؤيته" والطبيب النفسي الذى يحكم بسلامة قوانا العقلية .. لأنه بإختصار لا يٌحاسب ولا يٌحاكم!.
حاكموا "مبروك" بتهمة التنمر بغير المحجبات والتحريض على إيذائهن الذى رأينا أنه يتراوح ما بين التكفير والإحتجاز القسرى والتحرش.. الآن "كلنا رانيا" بعد أن بدد "عطية" سلمنا الإجتماعى وأصبحنا مستباحات لكل مهووس دينيا أو تكفيرى.. ما قاله "مبروك عطية" حزام ناسف حول خصر كل إمرأة غير محجبة حتى لو كانت مسيحية ، قنبلة موقوتة على "طرحة" لا تستر قدر ما تعرى !.
هذه الألغام التى تتربص في الطرقات بنا بنكهة إستظراف "بت يا زينبو" وباقة ورد من المقابر المقصود بها الدولة المدنية .. ما يفعله عطية "إرهاب معنوى" ضد توجهات نظام 30 يونيو .. الآن صدور النساء مستباحة لطلقات "عطية" بالإزدراء والتكفير "وأنا أولهم" .. لكن الوطن يستحق .
نقلا عن المصرى اليوم