في مثل هذا اليوم 4 نوفمبر 1956م..
العدوان الثلاثي أو حرب 1956 كما تعرف في مصر والدول العربية أو أزمة السويس أو حرب السويس كما تعرف في الدول الغربية أو حرب سيناء أو حملة سيناء أو العملية قادش كما تعرف في إسرائيل، هي حرب شنتها كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر عام 1956، وهي ثاني الحروب العربية الإسرائيلية بعد حرب 1948،ا العرب، وتقليص تمويل السد ثم إلغاؤه بالكامل في وقت لاحق.
المرحلة الأولى 29 ـ 31 أكتوبر (مرحلة العدوان الإسرائيلي)
مرحلة العدوان الإسرائيلي. وقد استغرقت هذه المرحلة 50 ساعة فيما بين الخامسة عصر يوم 29 أكتوبر، والسابعة مساء يوم 31 أكتوبر، عندما صدر الإنذار الأنجلو ـ فرنسي لمصر بوقف النيران تحت زعم الرغبة الحميدة في حماية قناة السويس، وانحصر القتال خلال تلك المرحلة داخل سيناء بين القوات الإسرائيلية التي يدعمها مجهود جوي وبحري فرنسي متفوق، وبين القوات المصرية.
وقد بدأ بإسقاط قوة من المظلات في منطقة تخلو من أي بشر، وعلى مسافة نحو 60 كم من قناة السويس، ثم زجت إسرائيل باسم القناة عمداً في بيان أذاعه المتحدث الرسمي للجيش الإسرائيلي في الساعة التاسعة ليلاً، للإيهام بوجود حالة صراع مسلح على مشارف قناة السويس تهدد سلامة وانتظام سير القوافل البحرية فيها.
وانتهت تلك المرحلة بنجاح القوات المصرية في حصر العدوان الإسرائيلي ودفع الاحتياطات التعبوية إلى سيناء، وتأهبها لتوجيه ضربة لاستعادة الأوضاع في سيناء.
2. المرحلة الثانية 31 أكتوبر ـ 4 نوفمبر (اكتشاف التواطؤ وسحب القوات المصرية)
اكتشاف التواطؤ، والعمل على سرعة سحب القوات المصرية من سيناء. واستغرقت هذه المرحلة 84 ساعة فيما بين الساعة السابعة مساء يوم 31 أكتوبر، والساعة السادسة من فجر يوم الأحد 4 نوفمبر، عندما بدأ التمهيد الجوي الأنجلو ـ فرنسي لعملية الغزو البحري.
فقد كانت الساعة السابعة من مساء 31 أكتوبر هي اللحظة الحاسمة في سجل حرب العدوان الثلاثي، عندما انقضت الطائرات الأنجلو ـ فرنسية بغتة على مطارات مصر لتدمير ما بها من طائرات، فانكشفت للتو حقيقة المؤامرة الثلاثية التي حيكت أطرافها ليلاً بضاحية "سيفر"، وما بيته محور العدوان لندن ـ باريس ـ تل أبيب من نوايا حقودة ضد مصر وجيشها وزعامتها لتحطيم ذلك الجيش، وإسقاط تلك الزعامة التي أعلن إيدن أن عليها أن تختفي.
وصدر قرار توحيد الجبهة المصرية غرب قناة السويس في الساعة العاشرة من مساء نفس اليوم لإنقاذ القوات الموجودة في سيناء من الشرك المدبر لها هناك، بعد أن استدرجها جيش إسرائيل داخل أعماق سيناء، لتنزل قوات الغزو الأنجلو ـ فرنسي في ظهرها. وتقفل عليها المؤخرة على امتداد القناة حتى تفقد الزعامة المصرية جيشها فلا يصبح أمامها بعد ذلك إلا الرضوخ لرغبات المعتدين وشروطهم المجحفة.
ولتجنب ذلك صدر قرار سحب قوات مصر من سيناء وتوحيد جبهة القتال غرب القناة، لتحقيق الاتزان الإستراتيجي في مسرح العمليات والاستعداد لمواجهة الغزو الأنجلو ـ فرنسي المتوقع، بتركيز حشد الجيش وقوى النضال الشعبي داخل مثلث الدفاع الحيوي "بورسعيد ـ السويس ـ القاهرة".
وبمجرد صدور هذا القرار، تحولت الصورة العامة للحرب من مجرد قتال داخل منطقة محدودة إلى صراع مسلح على صعيد مصر كله، ففقدت خطة العدوان أهم ركائزها وهي القضاء على غالبية القوات المسلحة المصرية بعد استدراجها بواسطة جيش إسرائيل داخل الشرك، الذي أعده لها في أعماق سيناء الشرقية.
واستهلت مصر أعمالها العسكرية في تلك الفترة بسحب قواتها من سيناء مع ترك عناصر خفيفة الحركة لستر عملية الانسحاب السريعة، وقد صاحب ذلك عملية إخلاء بعض طائرات القوات المصرية من قواعدها الجوية المعرضة إلى قواعد أخرى أقل تعرضاً في صعيد مصر، ثم إلى قواعد دول صديقة.
وقد تعرضت مصر خلال تلك المرحلة للقصف الجوي المركز من جانب القوات الجوية البريطانية والفرنسية، شمل معظم أرجاء مصر في مرحلته الأولى، قبل التركيز على شاطئ الغزو البحري ببورسعيد قبيل عملية الإبرار وأثناءها.
ولم يكن ساحل بورسعيد يوفر في نظر الجنرال "هيوستوكويل" قائد قوات الغزو البرية المكان الأمثل لتنفيذ عملية "الفارس النهائية المعدلة"، فالقوات التي تنزل إلى الساحل لن يكون من السهل انطلاقها من جيب بورسعيد الضيق نحو الجنوب، نظراً لانحصار الطريق الوحيد بين قناة السويس وبحيرة "المنزلة" بما لا يترك سوى عشرات الأمتار فقط للتحركات العسكرية الضخمة التي يمكن عرقلتها، بل وإيقافها تماماً ببعض الكمائن والحفر وحقول الألغام.
3. المرحلة الثالثة 4 ـ 7 نوفمبر (تركيز الدفاع غرب قناة السويس)
اتُخذ قرار تركيز جهد الدفاع في اتجاه جبهة قناة السويس، استعداداً لمواجهة الغزو الأنجلو ـ فرنسي الوشيك. وقد استغرقت هذه المرحلة 68 ساعة فيما بين الساعة السادسة من فجر يوم الأحد 4 نوفمبر والساعة الثانية من فجر يوم الأربعاء 7 نوفمبر، وبدأت بالتمهيد الجوي لعملية الغزو البحري الأنجلو ـ فرنسي لشاطئ بورسعيد، ثم تنفيذ الاقتحام الجوي والبحري لإنشاء رأس شاطئ فيما بين منطقة "الجميل" غرباً و"بورفؤاد" شرقاً، توطئة للانطلاق منه في محاولة يائسة نحو الإسماعيلية، والسويس ثم القاهرة على نحو ما فعل الجنرال "ولسلي" في عدوان سبتمبر 1888، الذي انتهى باحتلال مصر وكبت الثورة العرابية.
وانتهت تلك المرحلة بتأمين رأس الشاطئ في بورسعيد، وما أعقبها من صدور قرار وقف إطلاق النار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، ثم رضوخ حكومات دول العدوان لهذا القرار بعد تسويف ومماطلة هزيلة، ومن ثم توقف القتال في مسرح العمليات.
4. المرحلة الرابعة 7 نوفمبر 1956 ـ 6 مارس 1957 (الضغط السياسي والعسكري وانسحاب العدوان)
مورست الضغوط السياسية والعسكرية على حكومات محور التواطؤ. وقد استغرقت هذه المرحلة 120 يوماً فيما بين 7 نوفمبر 1956 و6 مارس 1956، عندما أتمت القوات الإسرائيلية الانسحاب من شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة، بعد أن كانت القوات الأنجلو ـ فرنسية قد سبقتها بالانسحاب من رأس الشاطئ ببورسعيد يوم 22 ديسمبر 1956.
خلال تلك المرحلة حسمت القضية لصالح مصر فيما عدا قبولها وضع قوة طوارئ دولية في مدخل خليج العقبة عند شرم الشيخ، لتقوم بتأمين حرية الملاحة في الخليج لجميع السفن بما فيها الإسرائيلية أو تلك التي تحمل بضائع لإسرائيل.!!