مفيد فوزي
لعله، بل من المؤكد أنه عنوان صادم!.
فالقراء يتصورون، وهم مُحِقُّون، أنى أكتب مقالًا عن دليلك للنجاح، أما أن أكتب عن خطوات الفشل فى الحياة، فهذا من غير المعقول أو المتوقع!.. ولكن برنارد شو يرى أن «غير المتوقع ضرورى فى الحياة». وهذا فى تقديرى الأسباب التى تقودك- حتمًا- للفشل:
أولًا: انضم لحزب أعداء النجاح، فهذا يُسهِّل عليك الفشل، حيث إنك تنفذ ما يُمليه عليك الحزب.. وأهم ما فى منشوره الأول «قف متفرجًا ولا تشارك». والفرجة هنا جهد سلبى يجعلك مُعطَّل الحواس، عديم وجهة النظر، ولا تشتبك مع الحدث. إن عدم الاشتباك يُريح رأسك وأعصابك ولا يسبب لك أى صداع، وهذا النموذج البشرى نصيبه من الطموح صفر، ورغبته فى المغامرة صفر، ومجرد شرف المحاولة صفر!.
ثانيًا: اطلع سلم النجاح ويداك فى جيوبك، وبالطبع مصيرك السقوط.. الصعود على هذا السلم يحتاج لاتزان ما، وصفاء ذهن ما، وهدف ما، ولكن الصعود للصعود هو أمر عبثى ونتائجه وخيمة!.
الذى يصعد هذا السلم مُسلَّح بعقل وثّاب متسائل، وعقلك نائم مستغرق فى النوم، فليس فى حياته «أجندة» أو «واجبات»، ولهذا لا يعمل، وربما يعيش طويلًا وربما يموت شابًا، لأن الحياة ليست نزهة على كورنيش المعادى، بل اشتباك ومغامرة وتجربة. هات إنسانًا «منزوع التجربة» ومنزوع «دسم المعاناة» وكلِّفه بعمل، سيفشل قبل الخطوة الأولى. الفاشل لا يحس بفشله لأنه لا يشعر بالمعاناة التى هى «لهب النجاح المشتعل».
ثالثًا: الفاشل، فاشل فى كل شىء. فقد افتقد تمامًا الوازع الشخصى، وافتقد الرغبة فى مجرد المحاولة، وافتقد العامل الأهم «المخ» الذى يفكر. وليس ضروريًا أن يكون الفاشل جاهلًا، ولكن هناك المتعلم الذى «أظلمت بصيرته»!. والحياة معادلة، جئناها لنكون أحد أطرافها وإلا كنا «أمواتًا» ليس لنا أى نشاط بشرى، نحن والجماد سواء. والفشل- بالمناسبة- مُعدٍ. وتجنُّب الفاشلين ضرورة لأن الفاشل لديه قناعة بعبثية الحياة وعدم جدواها!.
رابعًا: من صفات الفاشل أنه «دائم المقارنة» بالآخرين، فى حين أن الشخصية الناجحة لا تلتفت إلى الوراء ولا تقارن، بل إن المقارنة بآخر ليست مطروحة لديها. ذلك أن الفاشل يلقى بالتبعة على آخر!، يتصور أنه أكفأ من غيره، ويتصور أن ظروفًا ما عطلته عن النجاح، وقلبه لا يُضمر إلا الحسد والحقد!.
والفاشل يعتقد أن عوامل جانبية قد باعدت بينه وبين شاطئ النجاح، وأهمها عنده «قرابة لآخرين بيدهم الأمر، أو عدم استلطاف الرؤساء فى العمل له». وأحيانًا كثيرة يتصور الفاشل كراهية الجميع له، وإن كانت هذه النماذج من الفاشلين تدخل فى الحزام النفسى والأمراض النفسية!.
خامسًا: طبيعة الفاشل يحددها عناده وعدم مرونته، وبالتالى عدم قبول رأى آخر. وهذا النوع من البشر يتفاخر كذبًا بعبقريته، وأن لا أحد يحبه، وأنه مغبون بل مجنى عليه!، ذلك أن النجاح يتطلب المرونة الذهنية وقبول وجهة نظر أخرى.. ويتطلب درجة من الرؤية الخاطئة لأمر ما. فالحياة هى الخطأ والصواب والمثابرة. إن مَن يفتقد المثابرة ينجح نصف نجاح!. إن فيلسوفًا هنديًا كتب عن أخيه الطبيب «انشغل بما يُشتِّته، أو أعطى مساحة من الاهتمام بالتفاصيل، ولم يستفِد من أخطائه، ولذلك لم يحقق فى الطب أى مهارة تُذكر».
نعم، إن النجاح هو القدرة على الوصول للغايات، والفشل هو «التعثر» والسقوط فى شخصنة الأسباب لفشله!. هناك نوعيات للفشل فى الحياة: فشل فى الدراسة، وربما فشل فى الحياة الزوجية، وأيضًا فى تكوين صداقات فاشلة تتحطم فى مراحلها الأولى.
سادسًا: الفشل أمر وارد فى الحياة، بل إن عظماء المشاهير لهم تجارب فاشلة، ولكن هذا الفشل- بعد استيعاب أسبابه- صار سُلمًا للنجاح. إن الفاشل يملك موهبة فى خلق «الأعذار» لفشله، لأنه لا يتحمل نتيجة فشله، وظنى أن عدم الاعتراف بفشل التجربة يكرر الفشل، وهنا يصعب تجاوزه!. هو أيضًا يضخم الفشل ويدعو إلى تهويله!.
سابعًا: لا تجلد نفسك، فإن جلد الذات المستمر وإلقاء اللوم الدائم على الذات يسبب الوقوع فى الخطأ، ومِن ثَمَّ الفشل!.
ثامنًا: أنا من المؤمنين أن النجاح ليس «ضربة حظ» ولكنه جهد مستمر، واشتباك دائم، والقدرة على التركيز، وبعض من المرونة الذهنية «فى حضن موهبة» يؤدى إلى النجاح. ولا يملك الفاشل- عديم الموهبة- أن يقول عن الناجحين فى الحياة إنها ضربات حظ!.
نقلا عن المصري اليوم