سليمان شفيق

نحتفل في "البوابة نيوز" كأهل وزملاء وفي مقدمتنا د عبد الرحيم علي رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير ، والاستاذة داليا عبد الرحيم علي رئيسة التحرير التنفيذي  بتأبين الانسان النبيل والصحفي الفارس اسامة عيد ، مرت اربعين يوما علي رحيلك ، ولم يبقي الا دموعي علي جدارما تبقي من قلبي المريض ونظرت الي صورتك المعلقة علي الحائط فوجدتك في القرب وفي البعد جميلا ، بكيت كثيرا فارتحت قليلا ، لا اصدق ان الموت طالك !!
 
كان اسامه كالنهر الذي يروينا بفيض عذوبتة ، من عمق النهر هناك في مغاغة ، ولد في مهد الروحانية و الوطنية والثقافة في رحاب مدينة قدمت للوطن والانسانية بأعمدة الثقافة والحرية ، دطه حسين عميد الادب العربي ، والشيخان مصطفي وعلي عبد الرازق اول من اسسوا خطاب ديني معاصر عبر كتاب "الاسلام واصول الحكم " ، و د لويس عوض صاحب الرؤية التنويرية العظيمة ،ومن عمق روحانية دير الجرنوس حيثما قدست ام النور المكان ، ومن امتداد مسار العائلة المقدسة نال اسامة نعمة العماد في كنيسة السيدة العذراء بقرية ابا البلد مسقط راسة ، من كل هذا التعميد الروحي والثقافي والوطني ،  ورضع أسامة من صدر  عائلتة حليب الإنسانية الوطنية، حيث  تمحورت شخصية اسامة من عائلة آل عيد، التي جمعت بين التدين والبطولة، وجدل العلاقة بين العدل والقوة، وأدرك أن الحق لا يتأتى إلا بالعدل.
 
 هكذا نما  الفتي اسامة ..خادم العدالة للفقراء فكان  صوفي القلب يعطى بمجانية، ولا يسأل المظلوم عن اتجاهه ولا رد أو شكر، ورأيت أسامة بأم عينى يدفع كل ما يملك من أجل السفر لمساندة فقير او مظلم  حتي من يختلف معهم في الرأي أو يختلفون معة فى الدين، وحينما رقد الفارس علي فراش المرض  من كثرة الترحال والمعارك ثم رحل  بكاة الفرسان الفقراء والزاهدين والنبلاء.
 
كتبت بعد دخولة المستشفي بايام.. أسامة عيد سينتصر في معركة المرض كما انتصر دائمًا، لكن إرادة الله قد حكمت، ولم يستطع الفارس أن ينتصر في معركته مع الفيروس اللعين
أسامة ذلك الرجل الذي يحمل قلب طفل كما كتب عنه الدكتور عبد الرحيم علي: "أسامة عيد.. تلك الروح الطفولية التي رسمت على القلب أحزانا وذكريات.. عم سلاما يا صديق.. سلم على أهلنا هناك.. وانتظرني".
رأيت فى شخصيته كما عايشته فى حياته وأعماله، كظاهرة إنسانية تجسد عذوبته كالنيل أمام الشط في مغاغه، ذلك النيل الذى لا يشرب منه المرء مرتين، ومن أراد أن يبحث فى أغواره يغرق فى المصب قبل أن يدرك البحر، وكالحجر الكريم الذي كلما سقط عليه الضوء عكس ألوانا متعددة، ولكن من أراد أن يكسره ينكسر، ما لم يعرفه أحد حتى الآن أنه كان مثالا ونموذجا لـ المثقف الحقيقي .".
وكنت حاضرا لعدة مواقف لأسامة؛ المرة الأولى رأيته من خلال كتاباته، ابتسامة مجلجلة كإلهة الأوليمب وأحفاد زيوس راس، يحمل من جينات أخناتون وجمال نفرتيتي، وجبهة عريضة كجبل المنيا الشرقي، صامد مثل أبيه عيد المقاتل، وعيون تتسع لرؤية الحقيقة كوجوه الفيوم، هناك رأيته للمرة الأولى أثناء زيارته لي بالمستشفى أثناء مرضي، هكذا وكلما اقتربت من تلك الظاهرة التى تتجسد فى إنسان يسمى أسامة شعرت بأننى أعرفه  كما أعرف وأحب ابني البكر.
 
لم يكن أسامة سوى قلم ينطق بالعدل،  وقاد معارك حقيقية دفاعا عن الوطن والفقراء  بالقلم ، وخاض مواقف مشهودة حتى في ساحات النيابات والمحاكم  حتى صار يعرق التفاصيل والقانون كمحامي أكثر منه صحفي  في فروسية أصحاب الرأى، كذلك كان أسامة أكثر من استخدم "السوشيال ميديا" بإيجابية ضد الاستخدامات السلبية لها حتى ربط بين حرية الضمير وحرية "الكيبورد"، حول استخدام الهواتف المحمولة والاتهامات التى توجه من خلالها ولاستخدام الإنترنت، وقدم في ذلك نموذجا رائدا حول  الدفاع عن حرية الرأى والتعبير من خلال السوشيال ميديا

خرج النعش فى فيضان من الدموع في عيد الصليب، وكأنه يتبع قول المسيح: 
"إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي، فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ كُلَّ يَوْمٍ، وَيَتْبَعْنِي." (لو 9: 23 )
هكذا تخلص أسامة من قيود المرض، وحمل صليبه نحو المسيح  في فجر ليلة حزينة بكى فيها القمر وهو يتوارى قبل بزوغ الشمس مثل فراشة تطير إلى آخر المدى، ليتركنا نبحث عنه في أحزان القلب، وذكريات حواراته وكتاباته ومواقفه مع كل مظلوم أو محتاج، كنت دائمًا أتلمس ريح مضاربه، أزوره، أقرأ له، أتزود من حواراته، أسامة مثل الحجر الكريم كلما سقط عليه ضوء عكس شعاعًا مختلفًا عن الآخر، صحفي، مناضل، مقاتل، رجل مواقف فارس وإنسان ومواطن.
 
طبت حيا وميتا يا رفيق كنت وستظل تعيش فينا عبر كتاباتك وروحك وابانوب عيد الذ يكمل مسيرتك معنا لعلنا نظل نستنشق عطرك وعطر الاحباب والفرسان .