حمدي رزق
لفتتنى بشدة مظاهرة حب فيسبوكية تتكرر سنويًا فى يوم ١٦ نوفمبر من كل عام، الأحباب يحتفلون بعيد ميلاد السير مجدى حبيب يعقوب، مواليد ١٦ نوفمبر ١٩٣٥، يطول عمره، قولوا آمين.
فرصة تسنح سنويًا فى موعد معلوم للتعبير الجماعى عن المحبة التى يحوزها الحكيم يعقوب، من يحبه ربه يحبب فيه خلقه.
ما تيسر من سيرته، مسيحى أرثوذكسى، مصرى حتى النخاع، شرقاوى من بلبيس، درس الطب فى جامعة القاهرة، قبل أن يرحل إلى شيكاغو، ثم انتقل إلى بريطانيا فى عام ١٩٦٢ ليعمل بمستشفى الصدر بلندن، ثم أصبح إخصائى جراحات القلب والرئتين فى مستشفى هارفيلد (من ١٩٦٩ إلى ٢٠٠١)، ومدير قسم الأبحاث العلمية والتعليم (منذ عام ١٩٩٢)، عًين أستاذًا فى المعهد القومى للقلب والرئة فى عام ١٩٨٦.
يعقوب ليس جراحًا عاديًا، جراح قلب، واهتم بتطوير تقنيات جراحات نقل القلب منذ عام ١٩٦٧.
فى عام ١٩٨٠ قام بعملية نقل قلب للمريض «دريك موريس»، الذى أصبح أطول مريض نقل قلب (أوروبى) على قيد الحياة حتى موته فى يوليو ٢٠٠٥.
من بين المشاهير الذين أجرى لهم عمليات كان الكوميدى البريطانى «إريك موركامب». منحته الملكة إليزابيث الثانية لقب «فارس» فى عام ١٩٦٦، ويُطلق عليه فى الإعلام البريطانى لقب «ملك القلوب». حين أصبح عمره ٦٥ سنة اعتزل إجراء العمليات الجراحية واستمر كاستشارى ومُنظر لعمليات نقل الأعضاء.
فى عام ٢٠٠٦ قطع الدكتور مجدى يعقوب اعتزاله العمليات ليقود عملية معقدة تتطلب إزالة قلب (مزروع) فى مريضة بعد شفاء قلبها (الطبيعى)، حيث لم يزل القلب الطبيعى للطفلة المريضة خلال عملية الزرع السابقة التى قام بها السير يعقوب.
وقطعها ثانية، عندما عاد إلى البلد الذى فيه وُلد، ذهب بعيدًا إلى أسوان ينشر سلاسل الأمل، يُصلح ما أفسده الدهر فى قلوب الصغار، الكبير يُصلح القلوب الصغيرة، كان يستعيض عن فتح عقول الكبار بعلاج قلوب الصغار، العقول الكبيرة تيبست، القلوب الصغيرة لاتزال قادرة على الخفقان، يخفق قلب يعقوب سعادة مع خفقة فى بطين طفل طالبًا الحياة.
قُبلة الحياة هى ما كان يدخره يعقوب لصغار الوطن، ويعقبها بالشكر، أنا بشكر كل واحد فيكم، لطيف سير يعقوب، الطب عند السير يعقوب رسالة، لم يدخل فى معارك جانبية، ولم يرتكن إلى حكومة، ولم يرذل- من الرذالة- على وزارة الصحة، ولا استنكف تخلفًا، ولا استبطن كيدًا، ولا عصر ليمونًا، ولا استحلب مرارة، بل قرر وفعل ونفذ حلم عمره، وحلم عمر يعقوب أن يعالج قلوب أطفال مصر، يا له من حلم جميل.
يعقوب لم يزاحم أحدًا، اتخذ مَكَانًا قَصِيًّا، بعيدًا عن زحام القاهرة، ولم يفتح مستشفى استثماريًا، ولا تعاطى معنا على طريقة حسنة وأنا سيدك، يقبل الأطفال السمر، ويريحهم من العذابات.
هناك يقيم كراهب فى قلايته، ويرتدى لباس العمليات، ويضع الكمامة على أنفه، ويُمسك مبضعه ويغرسه فى القلوب شافيًا بإذن الله.. كل سنة وسيادتك طيب، أطال الله فى عمرك معلمًا، ونتعلم منكم الوفاء، والإيثار، والتفرد.. بُوركت.
نقلا عن المصرى اليوم