«غادِروا إثيوبيا فورًا، بينما تظل الرحلات الجوية التجارية متاحة.. لن يتم إرسال الجنود الأمريكان لعمليات إجلاء جماعية كما حدث فى أفغانستان»، بهذه الكلمات حثّت الخارجية الأمريكية مواطنيها، مرة أخرى، على مغادرة إثيوبيا فورًا، مشددة على أنه لا توجد خطط لإرسال جنود الجيش الأمريكى لتنظيم عمليات إجلاء جماعية كما حدث فى أفغانستان سبتمبر الماضى.
يأتى هذا فى ظل تقدم قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى Tigray People›s Liberation Front (TPLF) باتجاه العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، مع تراجع القوات الحكومية الإثيوبية. وحذر مسؤول رفيع المستوى بالخارجية الأمريكية- خلال إحاطة صحفية أمس الأول، فى العاصمة الأمريكية واشنطن، تابعتها «المصرى اليوم»- من أن سفارة الولايات المتحدة فى أديس أبابا قد لا تكون قادرة على مساعدة مواطنى الولايات المتحدة فى إثيوبيا فى المغادرة إذا أصبحت خيارات الرحلات التجارية غير متاحة، منبهًا إلى أن السفارة الأمريكية فى العاصمة الإثيوبية يمكن أن توفر قروضًا للمواطنين الأمريكيين الذين لا يستطيعون تأمين رحلات طيران لهم ولذويهم.
وحول أعداد المواطنين الأمريكيين فى إثيوبيا، أوضح متحدث باسم الخارجية الأمريكية، لـ«المصرى اليوم»، أنه عادة لا يُطلب من المواطنين الأمريكيين تسجيل سفرهم إلى بلد أجنبى، كما لا تحتفظ الخارجية الأمريكية بقوائم شاملة للمواطنين الأمريكيين المقيمين فى الخارج، مستدركًا بأن الخارجية الأمريكية لديها تقديرات من خلال المشاركين فى برنامج STEP التطوعى، الذى يسمح بتسجيل بيانات المواطنين الأمريكيين فى بلد أجنبى لتلقى النصائح والإرشادات، مضيفًا أن سفاراتنا فى الخارج لديها تقديرات تقريبية لإجمالى المواطنين الأمريكيين فى بلدانهم لأغراض التخطيط للطوارئ، لكن يمكن أن تختلف هذه التقديرات وتتغير باستمرار، وفى الوقت الحالى لا نريد تقديم أرقام لا يمكن اعتبارها موثوقة.
وعاد المبعوث الأمريكى الخاص للقرن الإفريقى، جيفرى فيلتمان، مؤخرًا، من رحلته الثامنة إلى المنطقة، حيث أكد مجددًا أن الدبلوماسية هى الحل الوحيد لحل الأزمة فى إثيوبيا، داعيًا جميع الأطراف المتحاربة هناك إلى العودة مجددًا لطاولة المفاوضات.
من جانبها، حذرت السفيرة الأمريكية السابقة فى إثيوبيا، باتريشيا هاسلاش، من أن هناك فرصة حقيقية أن تتمكن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى وحلفاؤها من الإطاحة بالحكومة فى أديس أبابا مرة أخرى مثلما حدث عندما أطاحوا بمجلس الأمن الاتحادى قبل سنوات عديدة.
وأوضحت السفيرة الأمريكية فى إثيوبيا خلال الفترة من 2013 إلى 2016 فى تصريحات خاصة لـ«المصرى اليوم»، أن رئيس الوزراء الإثيوبى، أبى أحمد، أهدر فرصة الحوار الوطنى لتسوية الأمور فى إثيوبيا، والآن يدفع الثمن، مشيرة إلى أنه بعدما «فاز» حزب أبى فى الانتخابات الأخيرة كان عليه أن يفى بوعده بإجراء حوار وطنى شامل، والذى سبق أن تعهد به، وبدلًا من ذلك حاول الفوز فى ساحة المعركة ومنع معظم المساعدات الإنسانية من الوصول إلى تيجراى، حيث يواجه ما يقرب من نصف مليون شخص المجاعة الآن، وبينما طرد وكالات الأمم المتحدة هو الآن يحتجز عمال الإغاثة كرهائن.
ونبهت «هاسلاش» إلى أن الشيوعيين حاولوا تجويع التيجراى لإخضاعهم وخسروا، واختارت إريتريا الخروج من اللعبة فى الوقت الحالى، معربة عن أسفها من استمرار النزاع الذى لا طائل منه ومعاناة ملايين من الشعب الإثيوبى، محذرة فى الوقت ذاته من أن التهديد الحقيقى هو للاستقرار فى القرن الإفريقى إذا استمرت إثيوبيا فى التدهور.
وحول تأثير الحرب الأهلية فى إثيوبيا على قضية سد النهضة، أشار السفير تيبور ناجى، مساعد وزير الخارجية الأمريكى للشؤون الإفريقية خلال إدارة الرئيس ترامب، لـ«المصرى اليوم»، إلى أنه فى الوقت الراهن تأتى أزمة سد النهضة كأولوية أقل نظرًا للصراع المحتدم فى إثيوبيا، لافتًا إلى أنه بغض النظر عن كيفية خروج الحكومة الإثيوبية من الصراع مع المتمردين، فإن قضية سد النهضة ستكون القضية الوحيدة التى توحد الإثيوبيين خلفها.
وشدد الدبلوماسى الأمريكى المخضرم، الذى سبق له أن عمل فى عدة عواصم إفريقية وعالمية، من بينها أديس أبابا، على أنه من الحكمة أن تظل مصر بعيدة عن الأضواء خلال الصراع فى إثيوبيا، على أن تنتظر لترى كيف يتم حل النزاع الداخلى هناك. وحول دعوات بعض الخبراء والمراقبين إلى ضرورة إرسال قوات المارينز الأمريكية إلى إثيوبيا لتجنب تدهور الأوضاع أكثر من ذلك وحفظ السلام فى البلد الإفريقى، استبعد «ناجى» قيام إدارة الرئيس بايدن بإرسال أى قوات أمريكية لحفظ السلام إلى إثيوبيا، قائلًا: «بعدما حدث فى أفغانستان.. هذا ببساطة أمر غير واقعى».
وكان الأميرال جيمس ستافريديس، القائد الأعلى سابقًا لحلف الأطلنطى، الأميرال المتقاعد بالبحرية الأمريكية، قد دعا خلال وقت سابق الإدارة الأمريكية إلى إرسال القوات الأمريكية إلى إثيوبيا لإنهاء الصراع وحفظ السلام، مؤكدًا أن هذه الخطوة هى الوحيدة القادرة على وقف تدهور الأوضاع فى إثيوبيا وإنهاء الصراع هناك.