بقلم : الدكتور مجدى شحاته
فى البداية أود ان اعبر عن تقديرى وتعاطفى للشعب الاثيوبى الصديق الجريح ، فأحيانا ما تدفع الشعوب الثمن باهظا ، نظير سياسات فاشلة غير واعية اوغير عادلة أوغير مخلصة .
باتت حكومة ابى أحمد رئيس وزراء أثيوبيا فى موقف لاتحسد علية ، بل يمكن لنا ان نقول ان ابى أحمد وحكومته فى واقع الامر تبدو ريشة فى مهب الريح ، بعد تصاعد وتطور الاحداث بشكل كبير بخصوص الصراع المسلح الشرس بين جبهه تحرير تيجراى واجبهات اخرى حليفة لها ضد الجيش الاثيوبى الحكومى . ظلال داكنة السواد تغلف الموقف السياسى والعسكرى للعاصمة الاثيوبية أديس أبابا والشعب الاثيوبى الصديق المغلوب على امره ... بعد ان وصلت الحرب فى أثيوبيا مرحلة حرجة مع اعلان جبهه تحرير تيجراى والفصائل المتحالفة معها سيطرتهم على عدة مدن استراتيجية شمال العاصمة أديس أبابا وتقدمهم نحو العاصمة بشكل كبير . هناك تطورات أوقرائن مثيرة على أرض الواقع تؤكد على تفاقم الاوضاع على الارض الاثيوبية ، وان العاصمة الاثيوبية أصبحت قاب قوسين أو أدنى من السقوط . من بين تلك التطورات أو القرائن ، سعى الحكومة الاثيوبية لتجنيد مزيد من الشباب لمواجهه زحف جبهة تحرير تيجراى وحلفائها ، يلازم ذلك اعلان حالة الطوارئ وحث السكان المدنيين على حمل السلاح للدفاع عن العاصمة . ومن التطورات الملفتة ، توجه رئيس الوزراء أبى أحمد الى جبهة القتال الامامية للمشاركة وحث المقاتلين على الصمود فى المعركة ضد جبهه تحرير تيجراى بعد ان سلم كافة المهام الحكومية لنائبه . تطور آخر يؤكد خطورة الاوضاع داخل البلاد ، حيث دعت عدة دول اوروبية من بينها المانيا وفرنسا سويسرا ايطاليا وانجلترا بجانب الولايات المتحدة الامريكية واستراليا دعت تلك الدول رعاياها بسرعة مغادرة البلاد ، كذلك نفس الاجراء دعت اليه الامم المتحدة نظرا لتفاقم الاوضاع داخل العاصمة أديس ابابا . على ضوء تلك التطورات . هناك سيناريو يلوح فى الافق تتناولة وكالات الانباء عن لجوء الحكومة الاثيوبية والاستعانة بمرتوقة أجانب أو اقامة تحالفات مع دول الجوار مثل اريتريا بغرض شن هجمات مضادة من الشمال على اقليم تيجراى لدفع قواته الى التراجع للخلف والدفاع عن عاصمتهم .
ما الذى يمكن ان يقال حتى يمكن خروج اثيوبيا ذلك البلد الافريقى الصديق ، من تلك الورطة المؤلمة أوالضيقة الصعبة التى فرضها صاحب جائزة نوبل للسلام ؟؟؟ لم يعد أمام ابى أحمد رفاهية الاختيار ... نعم ... فهناك خيارين لا ثالث لهما ... أما الاستمرار فى ذلك النفق المظلم حيث الخيار العسكرى الذى لا يضمن عقباه ، بل كافة الدلائل تؤكد انه الخيارالاكثر بشاعة والذى يقود البلاد الى التقسيم الى دويلات متناحرة !! واما الجلوس الى طاولة المفاوضات مع المتحاربين ضده ، وحينها سيكون مجبرا ومضطرا على تقديم المزيد من التنازلات القاسية والمؤلمة للوصول الى السلام ... السلام المفقود منذ ان حصل على جائزة نوبل للسلام !!!
أبى أحمد الذى قال عندما نال جائزة نوبل للسلام " الحرب تخلق رجالا عنيفيين ومتوحشين بلا رحمة " !!! وها هوالان صاحب نوبل للسلام، يخوض أقبح واشرس حرب ضد الاثيوبيين .. من قتل .. ومجاعات .. وتهجير .. واغتصاب .. واجبار الاطفال والنساء على حمل السلاح بدون اى خبرة اوتدريب !!
أماعن مشروعه ( السياسى ) سد النهضة ، أصبح هو الآخر قاب قوسين ، فهناك محاولات حثيثة لفصل اقليم بنى شنقول المقام عليه سد النهضة للانفصال ( بنى شنقول أرض سودانية مصرية ) بعد ذلك تطالب السودان استرداد اقليم بنى شنقول السودانى وفقا لاتفاقية عام 1902 . هذا مع احتمال انجراف الدولة نحو مستنقع التقسيم الى ستة دويلات منفصية ، علاوة على ذلك .. فالمشروع أساسا مصنف عالميا ضمن المشروعات الاكثر خطورة فى العالم ، واحتمال انهيارة أمر وارد فى أى وقت . وتشير تقارير فنية دولية ان السد تم بنائه فى موقع جيولوجى يضم أعظم فالق أرضى حيث الاخدود الافريقى الشرقى المعروف بنشاطه الزلزالى ، فضلا عن الاخطاء الانشائية التى تم الاعلان عن بعضها والتكتم عن اخرى . وأكدت تقارير أخيرة عن حدوث تغيرات مناخية غير مسبوقة ، فوصلت كثافة الامطار الى 6 آلاف متر مكعب فى الثانية الواحدة والقادم أشد ضراوة ، والتى يترتب عليها احتمال حدوث نحر وتصدعات فى الممر الاوسط للسد مع احتملات لموجة من الفيصانات الخطرة .
فى ظل هذه الاحدات المتلاحقة بالغة الاهمية ، وما يترتب عليها من توابع فى القريب العاجل، أصبح لدى قناعة كاملة ، ويقين ثابت ، وثقة مطلقة ، بان أصحاب القرار من الجانب المصرى بخصوص سد النهضة ، لديهم رؤية سليمة كاملة متكاملة ، سواء على المدى القصير والبعيد ، يرصدون النفق المظلم الذى تسير فيه حكومة ابى احمد نحو المجهول ، والايام القادمة ستكشف لنا عن هذا المجهول .