تلقى «درويش»، الرجل الخمسيني، اتصالاً من ابنه «عبد الله» قبل منتصف ليل الجمعة الماضي، يخبره: «خلاص يا بابا راجع أنا وأصحابي من عند الحلاق، بس بنجيب أكل».

الأب اطمئن وخلد إلى النوم، لكنّ سرعان ما استيقظ على اتصال من أسرة «عمر»، صديق ابنه: «يا درويش محدش بيرد من العيال على التليفونات».
 
بحث في أقسام الشرطة
«عبدالله»، خرج إلى محل الحلاقة بالشيخ زايد مع 3 من أصدقائه- طلاب ثانوي- يوسف سباعي، وعمر حمدي، وسعيد حسن، كانوا يستقلون سيارة أحدهم، وصدمتهم سيارة كريم الهواري، نجل رجل أعمال شهير، من الخلف والذي كان يقود تحت تأثير مٌسكر وبسرعة جنونية.
 
الأصدقاء الـ4، لقوا مصرعهم في حادث مروع، أضحى مثار اهتمام الرأي العام على مدار الساعات الماضية.
 
لم يكن والد «عبدالله» قلقًا، حين تلقى الاتصال الهاتفيّ: «قلت يمكن العيال راحوا قسم الشرطة، يعني حد وقفهم على الطريق، واصطحبهم للقسم لأنهم سايقين عربية وسنّهم يمكن صغير».
 
راح الرجل إلى الأقسام الشرطية بهذا التصور، وحين اتعبه البحث عن ابنه وأصدقائه، توجه لمستشفى الشيخ زايد التخصصي كانت المفاجأة الصادمة في انتظاره.
 
أحدهم ألقى بالخبر المشؤوم في وجه الأب
قابل أفراد الأمن، وسألهم: «هو في شاب أو شباب صغيرة جت لكم هنا؟»، باغته أحدهم وألقى بالخبر المشؤوم في وجهه كالصاعقة: «في 4 صغيرين جايين المستشفى في حادثة»، لم يمهل الأب يلتقط أنفاسه ويسأل حتى: «طيب حالتهم إيه؟» أضاف: «كلهم في التلاجة، الله يرحمهم»، ثم راح يقرأ على الأب أسماء الضحايا وكان من بينهم فلذة كبده.
 
الدنيا دارت بالأب، وهو يردد: «دا ابني الوحيد.. ولدي اللي شايل اسمي»، وأمسك هاتفه المحمول متصلاً على زوجته، لم يمهد لها: «تعالٍ ابننا مات.. مات في حادثة هو وأصحابه».
 
لم يستطع والد الضحية، الدخول لـ«التلاجة»، فيما دخلت زوجته لتوديع ابنها لكن ما رأته جعلها في حالة لا يُرثى لها، لم تتصور ابنها «مهندس المستقبل»، مسجيًا هكذا أمامها والدماء تنزف من كل أنحاء جسده، واختفاء الابتسامة التي لم تفارق وجهه أبدًا.
 

مشهد جنائزي مهيب
جثامين الضحايا الـ4، خرجت من المستشفى وسط مشاعر حزن بالغةٍ، مئات من الأصدقاء والأهل والجيران والنّاس العاديون، شيعوا الجثامين، كانت الأمهات تبكي وتلطم الخدود ويتعرضن لإغماءات والآباء تمسك بالنعوش في مشهد مهيب.
 
دفنت الجثث ليلاً، وعاد الأهالي إلى منازل لم يتصوروا أن ينقص أحد أفراد الأسرة فردًا.. كان والد «عبدالله» يطل على حجرة نوم ابنه، ويبكي: «معقول مش هتنام على سريرك تاني».
 
وفي عزاء ابنه، حضر الرجل للسرادق مستندًا على يد النّاس، لا تقوى قداماه على حمله، لدرجة جلوسه على الكٌرسي طيلة العزاء، فيما كان أشقائه يأخذون العزاء ويرحبون بالحضور.
 
تفاصيل حادث الشيخ زايد
لم يكن والد «عبد الله»، يعرف بتفاصيل الحادث الأليم: «كنت فاكر إن عربية مقطورة خبطت العيال»، لكنه حين توجه للنيابة العامة لسماع أقواله تقابل مع 3 شهود عيان، حكوا له التفاصيل التي تضمنتها أوراق التحقيقات.
 
الشهود قالوا للأب المكلوم، إنّ «كريم الهواري»، كان يسير بسيارته الفارهة بسرعة جنونية ربما تجاوزات الـ 180 كيلومترًا، بطريق النزهة بالقرب من فرع النادي الأهلي بالشيخ زايد، وحين شاهدوه على هذا النحو تحدثوا إلى بعضهم: «الراجل دا لازم هيعمل حادثة».
 
المتهم في حالة سُكر
صدق حدسهم، واصطدم «الهواري» بسيارة الطلاب الـ4، ووصفوا المشهد والد «عبدالله»: «عربيتهم اتقلبت على الأرض 4 مرات، وبعدين كريم الهواري طلع من سيارته وحضرت واحدة ست وخدته بسيارة تانية ومشوا، وتركوا الضحايا لم يتصلوا بالإسعاف، وكان باين على المتسبب بالحادث إنه في حالة سٌكر».
 
والد الضحية يناشد النائب العام
«عاوزين حق الولاد، دول فيهم حفظة قرآن، وابني كان عاوز يبقى مهندس ومتفوق».. يطالب والد «عبدالله»، مناشدًا المستشار حمادة الصاوي، النائب العام، بإحالة المتهم إلى المحاكمة الجنائية العاجلة، وتوقيع أقصى عقوبة عليه من قبل المحكمة المختصة: «عرفنا إنه عمل حوادث قبل كده، يعني الحادثة مش الأولى له، وإنه مستهتر بأرواح النّاس»، مضيفًا: «اعتبرهم عيالك يا أفندم وإحنا واثقين في القضاء المصري».