هاني لبيب
«أرسل لى فى البداية أدعية، ثم تطور الأمر إلى أغانٍ وفيديوهات عاطفية، ثم رسائل تحمل تعديات كثيرة، لم أعلق ولم أهتم.. تجاهلت رسائله.. عملت بلوك بعد أن انتبهت لتجاوزاته فى الكلمات.. جاب رقم تانى.. عملت بلوك.. ولما استنفد كل حيله وأساليبه الدنيئة.. عاش فى دور الدنجوان.. وبدأ يتهمنى بالبخل فى المشاعر، وأن كلنا بنى أدمين، من حقنا نحب ونتحب.. ونسى تماما أنه يعمل سائقا لدى عائلتنا - وهذا لا يعيبه - ونسى الأهم أنه متزوج، وابنه الأكبر يصغرنى بخمس سنوات.. وأنه أكبر منى بـ 27 سنة».
جاءتنى هذه الرسالة هذا الأسبوع تعقيبًا على مقالى «لايك فـ رسالة فـ صورة.. نزوة إلكترونية!»، الذى نشرته على صفحات «المصرى اليوم» فى 13 أغسطس الماضى.. وأود أن أشتبك مع ما جاء بها بشكل محدد على النحو التالى:
أولًا: ما تحمله الرسالة السابقة من مواقف هو نموذج حقيقى لما تعانيه المرأة فى مصر بشكل غير معلن، وهو المسكوت عنه فى ملف الجندر «المساواة فى النوع الاجتماعى».. وهو نوع من أنواع التحرش الذى يمثل أحد أشكال العنف ضد المرأة، هذا العنف الذى يرفض المجتمع الاعتراف به، ويرفض تجريمه بشكل حقيقى.. رغم تجريم الدولة والقانون له.
ثانيًا: تمثل تلك التصرفات الذكورية انتهاكًا للمجال الشخصى للمرأة دون إرادتها، وانتهاكًا لحقها فى الحياة بسلام وأمان، وانتهاكًا لحقها فى الاختيار دون أن يفرض شخص نفسه عليها، ودون أن يجبرها أحد على ما تفعله تحقيقًا لرغباته، مستغلًا أزماتها أو احتياجاتها أو حالتها الاجتماعية كأرملة أو مطلقة.. ليخطط لها كفريسة يجب قنصها، وباعتباره الصياد الذكر الماهر.
ثالثًا: هناك نظرة استباقية لدى العديد من الذكور للتحرش بأى سيدة مطلقة أو أرملة.. وهناك اعتقاد وهمى افتراضى أنها «صِيدة» أو «لُقطة» للشقط، حسب التعبير الذكورى، بل يزيد البعض ويتوهم أنه مبعوث العناية الإلهية المنقذ لها لتلبية احتياجاتها العاطفية والنفسية والجنسية المتخيلة فى عقله المريض الذى يتعامل مع المرأة باعتبارها أداة للتفريغ الجنسى له ولأقرانه الذكور.. حسبما يريد.
رابعًا: المؤسف فيما سبق أن العائلات بشكل عام، والمجتمع بشكل خاص، يرفضون أن تفصح المرأة عن رفضها أى تجاوز ضدها بشكل معلن، وما يترتب على ذلك قطعًا برفض اتخاذها أى خطوات قانونية يكفلها لها الدستور والقانون لاسترداد حقوقها تحت بند عدم التشهير بها.. ونسوا تمامًا أنهم بذلك منحوا لكل متحرش ومتجاوز رخصة رسمية مجتمعية لتكرار أفعاله والاستمرار فيها دون رادع.
خامسًا: قامت الدولة بدورها فى حفظ مكانة المرأة المصرية، ولكن يتبقى دور المثقفين والمفكرين والكتاب والإعلام والتعليم والدراما لتثبيت هذه المكانة، ومواجهة هذه الأفكار فى التعامل مع المرأة، باعتبارها ملكية شخصية للرجل.. مع الانتباه جيدًا إلى أن من صدّر لنا هذه الأفكار بشكل تم تسويقه باحترافية شديدة لم يطبق هذه الأفكار وتخلى عنها لدرجة النقيض.
نقطة ومن أول السطر..
تمكين المرأة المصرية يحتاج إلى تغيير فى العقلية الذكورية، للتعامل معها كامرأة وليست كأنثى تحت الطلب لنزوات طائشة لذكرٍ يرى فى نفسه ديك البرابر.
نقلا عن المصرى اليوم