هاني لبيب
تمكين المرأة المصرية '> المرأة المصرية يحتاج إلى تغيير فى العقلية الذكورية للتعامل معها كامرأة وليست كأنثى تحت الطلب لنزوات طائشة لذكرٍ يرى فى نفسه ديك البرابر.. وهو ما تعانيه المرأة بشكل غير معلن.. وهى التصرفات الذكورية التى تمثل انتهاكًا للمجال الشخصى للمرأة دون إرادتها، وانتهاكًا لحقها فى الحياة بسلام وأمان من خلال نظرة استباقية لدى العديد من الذكور للتحرش بأى سيدة مطلقة أو أرملة، ارتكازًا على اعتقاد وهمى افتراضى أنها «صِيدة» أو «لُقطة للشقط»، حسب التعبير الذكورى.
ومن الواضح أن هذا الملف متخم بالمشاكل والقصص التى تحتاج إلى الرصد والتحليل. ومن ضمنها رسالة وصلتنى بخصوص حوار تم تداوله على الفيسبوك مؤخرًا. وبغض النظر عن أبطاله أو عن حقيقة تفاصيله بدقة، فمحتوى الحوار ومضمونه هو ما يستحق التأمل.
القصة ببساطة أن أحد الشباب من اليمن أرسل رسالة غزل لمذيعة مشهورة على إحدى القنوات العربية، ومن الواضح أنها كانت تحمل العديد من المشاعر والأحاسيس تجاه تلك المذيعة التى يراها فقط على الشاشة، لدرجة أنه بكلماته تجاوز أحزان ما يحدث فى بلاده، بقدر ما عبر عن حالته العاطفية. الطريف فى الأمر أن المذيعة قد تفاعلت مع الرسالة، وقامت بالرد عليها بشكل راقٍ جدًا، لا يحمل كالمعتاد سخرية أو استهزاءً بقدر ما عبر عن معاناة المرأة بشكل حقيقى وإنسانى.
رد المذيعة حمل قدرًا كبيرًا من ثقتها فى نفسها أولًا، وقدرتها على التفاعل مع المشاعر الإنسانية لشاب لم تقابله من الأصل من خلال سردها لمعاناة تختفى خلف الشاشات الفضائية وخلف «المكياج» ثانيًا. اعترفت المذيعة الجميلة فى ردها بسعادتها كأنثى بكلمات الغزل والثناء، وحزنها على ما أطلقت عليه «لعنة الجمال» التى تصيب الرجال بمرض العشق، وتصيب النساء بمرض الغيرة والحقد، وتصيب الجميلة بمرض الوحدة والاكتئاب.. فالجميع يتسابق إليها، لكنهم يظلون فى ميدان السباق ولا يصل إليها أحد.. وإن وصل يتعس من تعاستها.. يحب امرأة هى فى قلوب الجميع، حتى يشعر أنها لم تعد ملكه الخاص فقد صارت للجميع. الجميلات هن أتعس الفتيات.. يكسرن قلوب البسطاء الذين تعلقوا بهن، ويكسر قلوبهن الأثرياء الذين يشتروهن كتحفة منزلية.
وأزيد على اعتراف المذيعة الحكيمة أن ما سبق جعل هناك البعض ممن أرادوا للمرأة أن تكون تحفة منزلية، باعتبارها ملكية شخصية، لتكون بالتعبير المجازى ضمن حريم السلطان أو حريم القصر، فى نظرةٍ دونيةٍ لها باعتبارها أداة للترفيه الجنسى، دون أى اعتبار لمكانتها وفكرها وشخصيتها وآرائها التى ربما تتجاوز الكثير من الشخصيات الذكورية وتكون أكثر تميزًا منهم.
الطريف فى الأمر أن ما سبق يتناقض مع العديد من التصرفات المعلنة لهؤلاء من أشباه الرجال من أصحاب السلطة والنفوذ المالى الذين يتعاملون أمام الشاشات ومن على المنصات مع المرأة بشكل راقٍ يصل إلى حد المبالغة، وفى الخفاء يتعاملون بحقيقتهم باعتبارها سلعة تُباع وتُشترى حسب العرض والطلب والتنافس لمن يدفع منهم أكثر.
نقطة ومن أول السطر..
يتناسى أشباه الرجال أنهم أبناء امرأة، وأخوات لامرأة، وآباء وأجداد لامرأة.. لا يتخيلون أن نظرتهم الخبيثة للمرأة باعتبارها «صيدة ولقطة» هى نظرة غيرهم نفسها لأمهاتهم وبناتهم.
كسر هيبة المرأة ومكانتها واستغلال شكلها أو جمالها أو احتياجاتها أو أزماتها هو نوعٌ من الثقافة الذكورية الرجعية التى لا ترى فى نفسها سوى الكمال الوهمى المتخيل أنه يمكن أن يحقق رغباته ونزواته بحفنة من الدولارات.
نقلا عن المصرى اليوم