وسيم السيسي
أنا أحد أجدادكم، وثانى ملوك الأسرة العشرين، حكمت مصر من ١١٩٢ ق. م إلى ١١٦٠ ق. م، أى مدة حكمى كانت ٣٢ عامًا، أردت أن أحدثكم اليوم عن هذه الفترة الحزينة من تاريخ مصر، لأنه ليس كالتاريخ عبرة، وأخاف أن يعيد التاريخ نفسه معكم خصوصًا أنه يبدو لى أنكم لا تتعلمون منه.
توافد الآسيويون على بلادنا منذ أيام إخناتون، وكان منهم رجال ذوو نفوذ فى بلاطه، كانت هجرات الشعوب الهندوأوروبية مثل البلست «الفلسطينيين»، الشردان، الثكر، قضوا على مملكة خيتا، حاولوا غزو مصر فى السنة الخامسة من حكمى، ولكنى انتصرت عليهم، وأصبحت جثثهم أكوامًا كما ترونهم فى معبد مدينة هابو، وبعد ثلاث سنوات، تعرضت مصر لهجوم برى بحرى من شعوب البحر هذه، وكانوا من البلست، الشردان، الثكر، الماشوش، الشاكروشا، الرشاش، كانوا كالجراد، ولكنى هزمتهم، حطمت أسطولهم، مزقت جيوشهم، وتُعتبر هذه المعركة أول معركة فى التاريخ بين مصر وأوروبا ١١٨٤ ق. م، وفى السنة الحادية عشرة من حكمى هاجمنى الماشوش من ليبيا، فكانت نهايتهم كما كانت نهاية قائدهم مششر الليبى.
لم أستفد من انتصاراتى وسمعتى كبطل قومى أنقذ مصر عدة مرات، تركت كهنة آمون حتى توحشوا، حاولت إرضاءهم دون جدوى، أصبحوا دولة داخل الدولة، كان إقدامهم من تراجعى، وقوتهم من ضعفى، حتى أصبحت أنا والرعامسة من بعدى لعبة فى أيديهم، فاستولوا على العرش، وأسسوا الأسرة ٢١، وأصبح كبير كهنتهم حريحور ملكًا على مصر.
لماذا لا تتعلمون من فولتير قوله: إن الذى يقول لك اعتقد ما أعتقده وإلا لعنك الله، لا يلبث أن يقول لك حين يعتلى السلطة: اعتقد ما أعتقده وإلا قتلتك!. كما تمنى فولتير لو أنه خنق آخر رجل دين بأمعاء آخر سياسى إذا تحالف الاثنان ضد الشعب!. تدهورت الحالة الاقتصادية بسبب الفساد، والإسراف وتدخل الأجانب فى حكم البلاد، هذا فضلًا عن النساء والفتيات الجميلات من حولى، قامت الإضرابات والثورات والمؤامرات حتى فى داخل قصرى، أرادت كل زوجة أن يكون ابنها وارثًا للحكم، دبرت أم الأمير بنتاؤر قتلى، وكانت المحاكمة من خمسة عشر قاضيًا، حكموا بإعدام الأمير بنتاؤر، وثلاثة من حوله، ولما اكتشفت المحكمة أن اثنين من القضاة كانا يسهران ويشربان الخمر فى القصر، حكمت بإعدام القاضيين، فانتحر القاضيان قبل تنفيذ الحكم.
كنت قد أوصيت بالحكم لابنى الأصغر «رمسيس الرابع»، فادعى الابن الأكبر أنى أوصيت بالحكم له، فاستدعوا كهنة من معبد إيزيس «الدير المحرق الآن»، وكانت المدرسة السحرية فى هذا المعبد قادرة على شفاء الأبرص وإحياء الموتى!، فأقامونى من الموت، وأتوا بالابنين الأصغر والأكبر، وسألونى: لمَن أوصيت بالعرش من بعدك؟، فأشرت بإصبعى إلى الابن الأصغر، فأصبح ملكًا على مصر باسم رمسيس الرابع، كان فى مصر خمس مدارس سحرية، منها تحويل العصىّ إلى ثعابين، وكلها كانت تعتمد على التنويم المغناطيسى الجماعى.
تولى حكم مصر من بعدى ثمانية من الرعامسة (جمع رمسيس)، وانتهت هذه الأسرة الحزينة بالرغم مما تركه لنا تحوتمس الثالث مؤسس الإمبراطورية، ورمسيس الثانى صاحب أول معاهدة سلام «قادش»، ودخلنا فى نفق مظلم رهيب بحكم رجال الدين.
أنتم مُحاطون بمؤامرة كبرى بدأت منذ ١٩٠٧ على يدى رئيس وزراء إنجلترا سير هنرى كامبل بانرمان، وتحالفه مع حاييم وإيزمان، وما زالت المؤامرة مستمرة، خذوا حذركم من الثعالب، «مخطئ مَن ظن يومًا أن للثعلب دينًا» (أمير الشعراء)، كما قالها أبوالعلاء المعرى:
تستروا بأمور فى ديانتهم/ وإنما دينهم دين الزناديق
نُكذب العقل فى تصديق كاذبهم/ والعقل أولى بإكرام وتصديق
نقلا عن المصري اليوم