دينا عبدالكريم
ما نراه من واقع فى مصر الآن يجعلنا نتحلى بكثير من اليقين ونصدق أننا نعيش ما حلم به وتمنته أجيال سبقتنا، فلقد توفرت لمصر إرادة التغيير وتحقق الإصلاح بشكل غير مسبوق.. والأجمل أننا كمصريين لا نختلف عليه!.
الأمر الذى رفع سقف التوقعات حتى السماء وتخيل البعض اليوتوبيا وأننا لن نرى إحباطات ولا محبطين ولن نواجه فسادًا ولا مفسدين! وهؤلاء مثاليون حد الحلم أو مجاملون حد الزيف!.
والحقيقة أنه لا يضيِّع الفرص إلا مثل أولئك وهؤلاء!. فقد كنت شخصيًّا من دعاة الفكرة المثالية التى تفترض أنه إن توافرت الإرادة والإدارة نجحت أى مؤسسة أو فكرة أو كيان، ولكن يبدو أن هناك صغارًا لا يسمحون بذلك أو يعطلونه قدر ما استطاعوا. هل تعلم أنك مهما أصدرت من قوانين عادلة ومهما غيرت من قيادات لإعمال العدل، فقد يستطيع موظف فى مؤسسة أن يعطل كل ذلك وأن يمطرك بالسلبية ويجعلك تشك فى عدالة التطبيق، ويقول لك بفم ملىء بالجرأة والوقاحة: ده كلام للشو؟! «يحدث بالفعل». هل تعلم أن أصغر موظف فى ديوان عام يستطيع أن يعطل قرارات بل رؤية الدولة فى إنفاذ القانون وحماية حق المواطن فى حياة أفضل؟! وهو الهدف الذى تدور حوله كل مشروعات التنمية. «يحدث بالفعل». هل تعلم أنه فى دائرة الموظفين يقوم أقلهم كفاءة بدور «العصفورة» ويستطيع الإطاحة بأى موظف مهما كانت درجته وخبرته من خلال الشائعات!! وهكذا تهدم أكبر المؤسسات! «يحدث بالفعل». هل تعلم أن المؤسسات الدينية فيها من البصاصين ما يضمن دائمًا أن تكون الدائرة المقربة من صانع القرار دائرة المصالح والنفوذ وتبقى دوائر المهتمين بالدين والعبادة أكثر بعدًا مما نتخيل.. حتى تعاق كل محاولاتهم للإصلاح! «يحدث بالفعل».
ما أسوقه هنا من أمثلة لأحداث حقيقية ليست من خيالى، إنما حدثت معك ومعى، شاهدناها وشهدنا عليها.. وصمتنا عنها كثيرًا!. لقد صنعنا وسمحنا بقانون «الصغار» الذى سمح لهؤلاء بأن يكونوا حجر عثرة فى أى مسيرة وأى خير، وصدقنا أنه لا مفر من دوام هذا الحال! الخير يأتى أحيانًا.. وأحيانًا أخرى يكون علينا أن نذهب إليه!. نسميهم «المفسدين» ونسميهم «المعرقلين» وأصحاب المصلحة فى تشويه نجاح الدولة.. لكن أنا وأنت وغيرنا كثيرون.. لا تعنينا المسميات.. كل ما يعنينا أننا مواطنون منتسبون لهذه الأرض مولدًا ومنتمون إليها قلبًا وحبًا ونقدم لها عملًا وإخلاصًا وندفع ضريبة التغيير ونشارك فيه بقلوبنا وعملنا.. وحقنا عليها الخير!. نحن المصريين كبار.. تغضبنا تصرفات الصغار، ويزعجنا أحيانًا صمت الكبار. لهذا نتابع باهتمام حديث الرئيس كثيرًا عن ملاحقة المفسدين ويثلج قلوبنا ثبات رؤيته، لأننا نعلم أن الصورة الكاملة لا يفسدها الآن سواهم! ولا يعرقل تنفيذ الرؤى الكبرى سوى أصحاب المصالح الصغيرة. يستقيم البشر لأنهم يريدون ذلك! وإن لم يريدوا فلتقوِّمهم الرقابة، وإن لم يريدوا فليقومهم العقاب!. ركزوا جهودكم مع صغار الفاسدين كما مع كبارهم.. فظلمهم أقسى وتأثيرهم أوسع؛ حتى وإن ظننتم عكس ذلك؛ لأنهم بعيدون عن دوائر الرقابة الإعلامية والإدارية أحيانًا.
أصدق أن التغيير ممكن.. وأن رقابتنا عليهم ستؤتى ثمارها عن قريب.
نقلا عن المصري اليوم