أطلقت قوات الأمن السودانية الخميس غازات مسيلة للدموع في مواجهة عشرات آلاف السودانيين الذين نزلوا مجددا إلى الشارع في الخرطوم ضد الحكم العسكري رغم الاغلاق الأمني لمناطق عدة في العاصمة، بحسب صحافيين من فرانس برس.

 
وأطلقت الغازات المسيلة للدموع على المتظاهرين على بعد بضع مئات الأمتار من القصر الرئاسي، مقر الفريق أول عبد الفتاح البرهان قائد الجيش الذي انقلب على شركائه المدنيين في السلطة قبل أكثر من شهرين.
 
وقام متظاهرون باجلاء الجرحى فيما كانت صفوفهم تتقدم وتتراجع مع كل رشقة من الغازات.
 
وأفاد شهود أن تظاهرات مماثلة انطلقت في مدن سودانية أخرى وخصوصا كسلا وبورسودان (شرق) وكذلك في مدني (جنوب).
 
ومع كل دعوة جديدة للتظاهر تحت شعار "الثورة مستمرة"، تستحدث السلطات السودانية تقنيات جديدة في محاولة لاجهاض الاحتجاجات الني يبدو حتى الآن أن لا شيء يردعها.
 
فبالإضافة الى قطع الانترنت الذي اعتادت عليه السلطات منذ انقلاب الخامس والعشرين من تشرين الأول/اكتوبر، تم الخميس قطع الاتصالات الهاتفية المحلية ولكن الجديد هذه المرة هو قطع الاتصالات الهاتفية التي ترد من الخارج أيضا، ما يشكل ضربة قوية للناشطين الذين يسعون للحصول على دعم دولي لقضيتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال السودانيين في المهجر.
 
ومنذ مساء الأربعاء، أغلقت السلطات الطرق المؤدية إلى الخرطوم ووضعت حاويات على الجسور التي تربط العاصمة السودانية بضواحيها.
 
ولم يمنع هذا عشرات آلاف المتظاهرين من النزول إلى الشارع مجددا الخميس هاتفين "لا لحكم العسكر" و"العسكر الى الثكنات".
 
وقالت متظاهرة في الخرطوم لفرانس برس إنها تشارك في الاحتجاجات من أجل "إسقاط الحكم العسكري" وخصوصا "ضد الاتفاق السياسي" الذي تم أخيرا بين البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك والذي عاد الأخير بموجبه الى منصبه بعدما أقاله قائد الجيش، غير أنه ضمن في الوقت ذاته تمديد بقاء البرهان على رأس السلطة الانتقالية لعامين اضافيين.
 
واعتبر متظاهر آخر في العاصمة أنه لم يكن على المدنيين قبول الشراكة مع العسكريين من الأساس مؤكدا أن "التوقيع مع العسكريين كان خطأ منذ البداية" لأن قادة الجيش الذين يتولون السلطة هم بظره "رجال البشير".
 
وكانت القوى المدنية السودانية اتفقت مع الجيش في آب/أغسطس 2019، بعد بضعة اشهر من اسقاط عمر البشير اثر احتجاجات عارمة استمرت اربعة أشهر، على تقاسم السلطة لفترة انتقالية تعقبها انتخابات حرة تأتي بسلطة مدنية منتخبة ديموقراطيا.
 
واليوم عمدت قوات الأمن (الشرطة والجيش والقوات شبه العسكرية من قوات الدعم السريع) للمرة الأولى إلى نصب كاميرات على المحاور الرئيسية في الخرطوم لرصد تجمعات المتظاهرين، وفق ما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس.
 
وطالبت السفارة الأميركية الأربعاء "بضبط النفس الشديد في استخدام القوة"، بينما أسفرت التظاهرات المناهضة للانقلاب العسكري خلال شهرين عن مقتل 48 متظاهرا وإصابة المئات بالرصاص.
 
ودعت السفارة السلطات إلى "عدم اللجوء إلى الاعتقالات التعسفية" بالتوازي مع اعلان النشطاء مداهمة منازلهم ليلاً، كما يحدث عشية كل تظاهرة.
 
وفي 19 كانون الأول/ديسمبر الموافق للذكرى الثالثة للثورة التي أسقطت عمر البشير، اتهمت الأمم المتحدة قوات الأمن باغتصاب متظاهرات لمحاولة تهشيم حركة لطالما حشدت عشرات آلاف السودانيين.
 
ورغم إعادة حمدوك الى منصبه، ما زال السودان من دون حكومة وهو شرط لاستئناف المساعدات الدولية للبلد الذي يعد من أفقر دول العالم.
 
بالإضافة إلى ذلك، وعد البرهان بإجراء أول انتخابات تعددية منذ عقود في تموز/يوليو 2023 لكن هذا لم يُقنع أنصار الحكم المدني في بلد عاش تحت حكم الجيش دون انقطاع تقريبًا طيلة 65 عامًا بعد الاستقلال.
 
واليوم يرفض المتظاهرون سلطة البرهان ويصفون حمدوك بأنه "خائن".