الأنبا موسى
ونحن نستقبل عامًا ميلاديًا جديدًا، لابد أن تكون لنا وقفة جادة مع أنفسنا، لنتعرف على ما أنجزناه فى العام الماضى على مختلف المستويات، وكذلك ما نأمل أن نحققه فى العام الجديد إن شاء الله.
لذلك فى بداية سنة جديدة نحتاج إلى وقفتين:
1- وقفة فى ميدان السلبيات التى يجب أن تُقوّم.
2- المسؤوليات التى يجب أن نقوم بها.
أولًا: بالنسبة للسلبيات:
يحتاج الإنسان أن يراجع نفسه على الأقل فى ثلاث نقاط:
1- السلبيات الفكرية
2- السلبيات الوجدانية
3- السلبيات السلوكية
1- السلبيات الفكرية: نراجع أنفسنا حول: ما أكثر أفكار كانت سائدة فى العام الذى مضى، وفى أى اتجاه كانت تسير، وهل كنا نحرص على نقاوة أفكارنا وقداستها؟! وهكذا نطلب من الله فى العام الجديد أن يقدس أفكارنا وينقيها، فتصير أفكارًا إيجابية وروحية. وهذا يأتى من الفكر والشبع الدائم الروحى، والحياة مع الهنا العظيم، والقراءة البناءّة.
2- السلبيات الوجدانية: أى المشاعر والعلاقات: نسأل أنفسنا ماذا كان شكل علاقاتنا: داخل البيت، ومع أقاربنا، وزملائنا، وجيراننا، هل يوجد خصام مع أحد؟ وفى بداية العام الجديد لابد أن يتم الصلح مع الكل، ولا نسمح بأن يكون لنا خصومة مع أحد، بسبب أى ماديات أو أى شىء آخر. يقول القديس أغسطينوس «اترك حقك للفقير ماديًا والفقير روحيًا»، يجب أن نتخلى عن المادة والذات، ونقدم الحب للناس، وندخل أعتاب السنة الجديدة بطاقة حب جديدة ومتجددة، تأتى لنا من السماء. وكما يقول أحد الآباء «إنه إذا دخلت الكراهية قلب الإنسان خرج الله من الباب الآخر»؛ فلنبدأ دائمًا بالحب.
3- السلبيات السلوكية: نسأل أنفسنا: ماذا اكتسبنا من عادات فى العام الماضى؟ هل تسللت إلينا عادات جديدة فى العام الماضى سواء فى الكلام أو السلوك؟ ماذا فيها من سلوكيات سلبية مثل: الغضب- التذمر- النميمة- أخطاء اللسان- أخطاء الفعل- أخطاء الحواس.. أو أى سلوكيات لا ترضى الله؟ ونطلب منه أن يساعدنا للتخلص منها. وماذا عن العادات... هل هى عادات محمودة نرغب فى استمرارها؟ أم هى عادات سيئة نرغب فى قطعها؟ وإذا كنا نرغب فى قطعها.. فلماذا لا نتخذ القرار الآن بتركها والتخلص منها بنعمة الله، فلنراجع سلوكيات العام الماضى.
ثانيًا: المسؤوليات التى يجب أن نقوم بها:
يجب أن يراجع الإنسان حياته فى دوائر متتالية مثل مسؤوليتى:
1- نحو نفسى
2- نحو أسرتى
3- نحو المجتمع
1- مسؤوليتى عن نفسى: فى أى شىء قضيت وقتى فى العام الماضى؟ على المستوى الروحى: أسأل نفسى ماذا كان نصيب الله منه؟ هل كنت منتظمًا فى صلواتى، وهل كنت أنمو فى المحبة وطاعة الوصية؟! وهل اكتسبت أو نميت فى فضيلة جديدة؟ وعلى المستوى العلمى: ماذا كان نصيب الدراسة؟ هل نجحت فى دراستـى وكنت من المتفوقين أم العكس؟.. وعلى المستوى الثقافى: هل أضفت إلى نفسى ثقافة ومعرفة جديدة؟ هل أستطيع حقًّا أن أقول إننى استفدت من وقتى الاستفادة المرجوة؟
إن الإنسان المتدين الحقيقى يحسن استغلال وقته، ويعرف كيف يوزعه توزيعًا سليمًا، بحيث لا يأخذ جانب من الحياة نصيب جانب آخر.
- هل نسير فى الحياة ولنا هدف واضح؟
الإنسان المؤمن الحقيقى ينبغى أن يكون هدفه الأول هو معرفة الله والحياة الأبدية. قال الكتاب المقدس: «اطلبوا أولًا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم» (متى 33:6).. وأى أهداف أخرى هى أهداف ثانوية تخدم هذا الهدف وتحققه. فهل أنا أسير فى الحياة ولى هذا الهدف الأسمى؟.
2- مسؤوليتى عن بيتى وأسرتى: هل أقوم بدورى كابن أو ابنة وكـأخ أو أخـت... هـل لى دور إيجابى داخل أسرتى؟ وهل أقوم بزرع الحب والسلام بين أفراد الأسرة، أم أنى سلبى أعيش فى الأسرة غريبًا عنها؟ وهل نراعى أولادنا ونطمئن عليهم من حيث: حياتهم الصحية والروحية والدراسية.. إلخ؟ وهل يذهبون إلى دور العبادة أم لا؟ ليت لنا جلسة مع بعض فى بيوتنا حول الحياة المقدسة والسير حسب مشيئة الله.
3- مسؤوليتى عن المجتمع:
أ- داخل مجموعة الأصدقاء:
- هل لى دور مؤثر مع أصدقائى لدفعهم إلى الإيجابية والاستقامة فى الحياة؟
- أم أنى أتأثر ببعض الأصدقاء السلبيين، وأترك نفسى بين أيديهم، فأتعلم عادات ضارة تؤذى حياتى؟
ب- داخل الشارع الذى أسكن فيه:
- هل أرتبط بجيرانى بعلاقات المحبة والاحترام والتقدير، أم أنى منصرف عنهم لا أقوم معهم بأى مجاملات أو مودة؟
- مطلوب من كل واحد فينا أن يكون قدوة فى المجتمع، وكل واحد مسؤول أن يكون ملحًا يطهر المجتمع، ويزيل فساده، ونورًا للعالم، وسفيرًا يشهد للمملكة السمائية. أسأل نفسى ما دورى فى المجتمع؟ هل أقدم صورة طيبة للآخر فى العمل، وفى الشارع، وفى وسط الجيران؟.
ليت الله يعطينا سنة جديدة، نسعد بها وتسعد بنا، ويكون لنا دور ورسالة مع الجميع. وكل عام وجميعكم بخير.
نقلا عن المصري اليوم