سحر الجعارة
صدمتُ عند رؤيتى للدكتور يونس مخيون، رئيس حزب «النور» السلفى، مشاركا فى مؤتمر الشباب الذى عقد بالإسكندرية الأسبوع الماضى.

لم أكن أتخيل أننا نقدم للشباب نموذجًا للحض على الكراهية وتكفير الأقباط ومعاداة المرأة، أو أننا نقول لهم رسالة مختصرة: (نحن لا زلنا نسدد فواتير ٣٠ يونيه، ونمنح الشرعية لمن قفزوا من مركب الإخوان وهو يغرق ليلحقوا بسفينة الثورة الشعبية)!

أحسست أن مجرد وجوده ضمن نخبة من العقول المصرية المتفتحة والمثقفين والوطنيين ممن خدموا البلد دون مقابل، ووضعوا رءوسهم على أكفهم لتخليص مصر من الفاشية الدينية للإخوان، إنه «نشاز» يقطع كل حبال الأمل الممدودة للمستقبل.

تصورت الفتيات الواعدات مثل ورود ندية تستقبل الغد بابتسامة، ويبذلون جهدًا مضنيًا فى التنظيم والإدارة لإنجاح «مؤتمر الشباب»، مهددون بدعاوى وأد المرأة التى يتقنها «مخيون وحزبه»، وأن الزمان سوف يقذف بهن إلى الخلف لتتحقق فتاوى «مخيون» من الختان إلى عدم تعليم الإناث أو عملهن، وتحريم توليهن مراكز القيادة العليا، التى تعتبرها الأحزاب السلفية من «الولاية العامة» التى لا تجوز للنساء!

لم يكن وجود وزيرات حكومة دكتور شريف إسماعيل كفيلا بمحو لحيته بلون الحنة الفاقع من مخيلتى، ولا كان تكريم النساء من المبدعات فى حفل الختام، (بدءًا من الإعلامية الراحلة صفاء حجازى حتى أصغر مبدعة)، كافيًا لأشعر أن الكارثة هينة وأن الدولة المدنية «على مرمى حجر»!

لقد قضت المحكمة الإدارية العليا بعدم قبول دعوى حل الأحزاب الدينية (وهى الحرية والعدالة، والفضيلة، والأصالة والبناء، والتنمية، والنور).. لأن الدعوى أقيمت من محام «غير ذى صفة»، أما صاحب الصفة الوحيد فى حل أى حزب سياسى، فهو رئيس لجنة شئون الأحزاب، بعد اتباع الإجراءات المشار إليها فى المادة «١٧» من القانون رقم ٤٠ لسنة ١٩٧٧.

وهذه الإجراءات تتلخص فى أن يجرى النائب العام تحقيقًا حول ما نسب إلى الحزب المطلوب حله، وأن يقدم النائب العام تقريرًا بنتيجة التحقيق الذى أجراه فى شأن المخالفات المنسوبة إلى الحزب، يتضمن رأيه القانونى الذى يُعرض على لجنة الأحزاب السياسية.. وأخيرًا: أن توافق لجنة الأحزاب السياسية، بعد استعراض تقرير النائب العام والتحقيق الذى أجراه، على التقدم بطلب إلى المحكمة المختصة لحل الحزب، وبالتالى لا يحق لأى شخص طلب حل أى حزب، إلا لجنة شئون الأحزاب. لكن لجنة «شئون الأحزاب» تعاملت عن عدم دستورية الأحزاب الدينية، وجمدت حكم محكمة القضاء الإدارى الصادر فى سبتمبر ٢٠١٥، والذى يقضى بإلزام لجنة شئون الأحزاب بمراجعة موقف ١١ حزبا دينيا، وتسامحت الدولة مع التاريخ الإرهابى لها.

ثم أفاقت الدولة على انتخاب الإرهابى طارق الزمر رئيسا لحزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، وبعدها قامت أربع دول عربية هى: مصر والسعودية والإمارات والبحرين، بوضع طارق الزمر ضمن قوائم الإرهاب.. فهل اكتشفت الدولة أنها ربت «الثعابين» فى حضنها؟ والحقيقة أنه خلال فترة «العمى السياسى» والتجاهل المتعمد الذى يصل إلى حد الجريمة، كانت الأحزاب الدينية قد التهمت «الدولة المدنية»، ودهست بفتواها القاتلة النساء والأقباط، ونشرت أفكار التكفير الجهادى والإرهاب والفتنة الطائفية، بل وتولت تجنيد الإرهابيين (أى المجاهدين بمصطلحاتهم) بعد سيطرتها على عقول البسطاء بأذرعها الإعلامية!

الآن لم يعد هناك مجال لعصف لجنة شئون الأحزاب بالمادة (٧٤) من «الدستور»، التى تحظر تكوين الأحزاب على أساس ديني، ولا بإهدار قانون الأحزاب السياسية الذى يشترط لتأسيس الحزب واستمراريته: (عدم تعارض قيادى الحزب وسياساته مع مقتضيات حماية الأمن القومى المصرى والحفاظ على الوحدة الوطنية). الأحزاب الدينية خطر على «الأمن القومى» للبلاد وهى الأراضى الخصبة للإرهاب.. امنعوها بالقانون إن كنتم جادين فى مكافحة التطرف والإرهاب..

فى الحرب: من ليس معنا فهو ضدنا!
نقلا عن البوابة نيوز