د. أسامة الغزالى حرب
كنت أتمنى أن ينأى الأزهر الشريف بنفسه عن الجدل الذى أثاره البعض حول فيلم «أصحاب ولا أعز»، وهو ما بدا من البيان الذى أصدره مركز الفتوى العالمى للأزهر، وأيضا ما نسب للدكتورة إلهام شاهين، الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية. قال مركز الفتوى إن الضمائر اليقظة تدفع أصحابها نحو الإبداع المستنير الواعى الذى يبنى الأمم ويحسن الأخلاق ويحقق أمن واستقرار المجتمعات... وأن التمرد على الفضيلة والتنكر لقيم المجتمع السوية بمخططات وحملات ممنهجة ليس حرية أو تحررا أو إبداعا بل هو إفساد وإضعاف للمجتمعات وغمس لها فى أوحال الرذيلة... إلخ. أما الدكتورة شاهين فدعت المصريين للتقدم ببلاغات للنائب العام لمنع الفيلم، قائلة خلونا نقول للعالم «المصريين أهمة»! إن أحدا لن يختلف مع المبادئ العظيمة التى يتحمسون لها، والتى ينطوى عليها ديننا، ومعهم بالقطع كل الحق، ولكن من قال إن رسالة الفيلم ــ أى فيلم ــ ينبغى إن تكون هى أيضا رسالة دينية...على العكس تماما، الفيلم ــ أى فيلم ــ يعكس الجانب الآخر، جانب الحياة الدنيا.. بما فيها من خطايا وفضائل، من مشكلات وحلول، من صراعات بين الخير والشر، بين الفضيلة والرذيلة... الفيلم ــ أى فيلم، وأى عمل فنى سينمائى أو مسرحى يقدم لنا العالم كما هو بشروره وفضائله. وفيلم أصحاب ولا أعز لا يختلف عن تلك القاعدة على الإطلاق! وأتحدى أن يقول أحد المعترضين على الفيلم، أن النماذج الواردة فيه لا يوجد لها أمثلة حولنا فى كل مكان، بما فى ذلك أكثرها تحللا!

تلك حقائق بدهية توحى لنا بهشاشة وضعف حجج أولئك الذين يصرخون حرصا على أخلاق وقيم مجتمعنا، وكأننا مجتمع من الملائكة والاخيار، لا.. أيها السادة نحن مجتمع طبيعى فينا ــ مثل كل مجتمع فى الدنيا ــ كل الأنماط! وبعد ذلك...الا يعرف التراث العربى ــ الإسلامى العديد من الأعمال الأدبية الشهيرة العديدة وأشعارا من الأدب المكشوف!

ذلك كان هو الفن الأشهر فى الأزمنة القديمة. إن أول ما أتذكر أننى قرأته من ذلك النوع من الأدب، هو ما كنت أتلصص فى صباى لأقرأه ــ فى غياب والدى خارج المنزل ــ كان هو كتاب الأغانى للأصفهانى، وما أدراك ما قرأته فيه! وبكلمة واحدة أقول للصارخين والمحتجين، ابحثوا عن موضوعات أهم وأجدى!
نقلا عن الأهرام