( بقلم / أشرف ونيس🥀) .
ليس بغريب ان يتضاءل المرتفع ليعلو المنحط او قل الهابط بل غير المميز على أقل تقدير ، و أى المستويات بين البشر التى يرنو إليها الجميع ؟! فلقد ضاع جُل الأهداف و عظيم الاختيار متماهين بين عظيم التملق من احدى الاتجاهات ليصطدم باحجام المعرفة و إقدام الجهل و سوء الاختيار من الاتجاه الآخر !!!!

لم يكن سوء الذوق و قلة الوعى هما السببين الرئيسيين لاختيار هذا دون ذاك ، مفضلين السفيه عن السامى ، كما لم يكن ضعف التعليم و قليل التعلم باعثين لهما من مركز الصدارة فى شيء لتفضيل الأدنى على الأعلى بين الكثير من الذى يتصف بالوضوح و البيان - للأكفاء و ذوى الأبصار على السواء - ما لم يكن التصنع و الانجذاب البصرى ذريعتين يجب الأخذ بهما فى الاعتبار عند الفصل فى هذا الأمر و الحكم على هذا الشيء .

لقد ذاغت و تاهت كما تشوشت الرؤى و صفاء النظر إليها لرفيع المواهب و من يمتلكها ، حين اختلط الغث بالثمين ، و تداخل ما ليس له قيمة بحسيب القيمة و صفوها ، فانهارت شواهق المبادئ و تقوضت أعدمتها ، فانعدم حق التقييم من المصفقين زورا و بهتانا و جهلا مخدوعين و خادعين من تبختر بهتانا و زورا و جهلا سواء بسواء !

سبح الكثيرون فى محيط الفراغ الروحى و بحور اللاشيء ، فنتج عن حركتهم الساكنة هذه  خطا مستقيم كانت إحدى نقاطه هى التنازل إراديا عن كل ما هو انسانى - شعورا و احساسا و وجدانا - الى اللانهاية من صور التقهقر الثقافى و من ثم الاجتماعى ، فصاروا أشباه بشر بل مجرد كائنات حية كل ما يعيرونه هو الإشباع الفطرى المادى غير مكترثين بالجانب الإنسانى ، فتعملق بكيان أذهانهم و بذهن كيانهم الجسد البهيمى الذى مآله هو لحد الاندثار و قبر و اللاوجود ، فانقلبت أثاثات الأرض ، و تهدم أساس العالم بأركانه و صارت الأرض هى أرضا جديدة ، كما أصبح العالم هو عالمًا جديدًا بل قل قديمًا و عفنًا ، لا ظهور فيه لأصحاب الفكر و القلم و الإبداع و الجمال و الخير و الحق بل غدت الفاقة فكرا و قلما و إبداعا و جمالا و خيرا و حقا هم المتسيدون على غيرهم ، حتى بات الإنسان فى كهف الاحتضار بينما أمسى العنصر الحيوانى بذلك الإنسان فى رحب العيش و رغد الحياة !!

فماذا عسانا أن نقوم به ؟ هل لنا أن نحرك المياه الراكدة بقلب أنهار القيم و أعالى المُثل ؟ أم سنبقى قابعين بغور الانتظار متوهمين أن يهبط علينا المصلح من أوج السماء ؟ هل لنا أن نأخذ على عاتقنا بادئين من ذواتنا بإعلاء  ما هو عزيز و كريم ، غير عابئين بالتيار العاصف الذى همَّ ليبيد كل ما هو غال و نفيس ؟ أم ليس لنا إلا أن نحنى الهامات لمرور البخس و الردئ ، رافعين أبصارنا للنظر عليه من بعيد متألمين متحسرين بينما يأخذه العنان لفعل مايشاء و قتما شاء حتى تحول قمة الخليقة - الإنسان - إلى شيطان ؟

ليتنا نشد على أيدينا ، و نثنى على أنفسنا ، متمنطقين بأحقاء التغيير و التغير ، بدءا من الصغير و كل ما هو فى رحاب نطاقنا و بين أيدينا ، و من المؤكد رويدا رويدا ستنهدم حصون الكبير فيما بعد و تتذرى قلعته فى هوة العدم و طى الذاكرة ، فهل لنا أن نفعل ذلك ، أم مازلنا ماكثين بين شقوق التكهن و الارتقاب ، تحت إمرة و رهن إشارة كلمتي" لعل و عسى " ؟!