ألفى شند
 
ففى حديث أمام الاكاديمية البابوية في أكتوبر 2014 حول خلق الكون، ودور الله فى تكوينه، والخلاف حول النظريات العلمية  ، صرح البابا فرنسيس : "عندما نقرأ عن عملية الخلق في سفر التكوين يتهيأ لنا أن الله عبارة عن ساحر مع عصا سحرية قادرة على الاتيان بكل شيء، لكن الأمر ليس على هذا النحو".
 
وتابع إن " نظرية التطور لدارون  لا يتعارض مع مفهوم الخلق، لأن التطور يتطلب خلق كائنات تتطور". 
 
لم تكن تصريحات البابا فرنسيس هى الأولى من نوعها  حول نظرية التطور، ففى عام 1950 تحدث البابا بيوس الثانى عشر بحذر شديد عن عدم وجود تناقض بين نظرية التطور والإيمان الكاثوليكى، وقد كان أول بابا يلمح إلى ذلك. وفى عام 1995 بنى البابا يوحنا بولس الثانى على رأى سلفه بشكل واضح ومباشر فى بيان أرسله للأكاديمية البابوية للعلوم، قال فيه ان المعرفة الطبيعية تقودنا إلى الاعتراف بنظرية التطور على أنها اكثر من فرضية، ودعا رجال الدين المسيحى إلى الاطلاع على آخر الأبحاث العلمية، وحث رجال الدين والعلمانيين على تفسير الكتاب المقدس فى ضوء الأبحاث العلمية بشكل جيد .
 
وقامت الأكاديمية البابوية للعلوم وفى  12 مايو 2017 . ، وهى هيئة علمية مستقلة أنشاءتها الكنيسة الكاثوليكية  فى العام 1936وتضم عدد من العلماء المتخصصين من جميع أنحاء العالم، بتكريم الراهب جورج لوميتر اليسوعى (1894-1966) الذي وضع أسس نظرية أن الكون  بدأ مع انفجار ضخم، وصرح  رئيس المرصد الفاتيكاني  وقتئذ "جي كونسولماغنو" إن أبحاث لوميتر تثبت أن من الممكن التوفيق بين الإيمان بالله وبين نظرية الانفجار الكبير. وتابع "كان لوميتر نفسه مهتماً جداً لجهة تذكير الناس بأن الخلق الإلهي المبدع ليس أمراً حدث قبل 13.8 مليار سنة، بل هو أمر يحدث بشكل مستمر".
 وأضاف : أن الاعتقاد بأن الله هو من خلق الانفجار الكبير " يقلل من قدره إلى إله طبيعي، مثله كمثل الإله جوبيتير الذي كان يلقي سهام البرق. ليس هذا هو الإله الذي نؤمن به نحن المسيحيين".
 
 وحول احتمال اكتشاف وجود حياة على الكواكب الاخرى ، وإمكانية الهجرة والإقامة بها، وانعكسات ذلك على الإيمان المسيحى وعقيدة الخلاص ، يقول الكاردينال جوزيه كابرييل فونيس، عالم الفلك والرئيس السابق للمركز الفلكي في الفاتيكان، أن وجود كائنات فضائية في عوالم أو كواكب أخرى لايناقض الإيمان المسيحى،  وهو أمر محتمل جداً وشبه أكيد،  وسنعتبر الكائنات الفضائية العاقلة إخوة لنا . وبسؤاله في حالة وجود كائنات فضائية ، فهل هي تحتاج ( لعملية خلاص ) كالتي قام بها المسيح ؟ أجاب الكاردينال قائلاً : إذا كانت هناك كائنات عاقلة في الكون نظير الإنسان ، فإنه ليس بالضرورة أن يحتاجوا لعملية خلاص !! 
 
وأضاف الكاردينال جوزيه فونيس : قد تكون هذه الكائنات تعيش في حالة عشرة وبراءة  مع خالقها !! أن تجسد المسيح هو عمل وحيد ومتفرد ولايمكن تكراره في الكون، ولكن هذا لن يمنع هذه الكائنات العاقلة أن تتمتع برحمة الله -  وهو موقف كنسى غير رسمى حتى الان –   تتماشى مع كتابات الاهوتى الدومينكانى "جوردانو برونو" (1548 – 1600) التى تقول أن النظام الشمسى هو واحد من مجموعة نظم تغطى الكون في صورة نجوم لانهاية لها . و إن كل من النظم النجمية الأخرى تشتمل على كواكب ومخلوقات عاقلة.
 
وتشجع الكنيسة الكاثوليكية االباحثين على بذل الجهد فى  الأبحاثِ العلميةِ الطبية، وتحث أبناءها على المشاركة فى تطوُّرِ الطبِّ الحيويِّ، كما تَرغبُ في أن تَكون نَتائجُ هذه الأبحاثِ في مُتناولِ شعوبِ المناطقِ الفقيرةِ والمنكوبةِ بالأمراضِ .
 
  ففى مسالة الانجاب، تجيز الكنيسة استعمال تقنياتِ الإخصابِ الإصطناعيِّ المُتجانس التي تحلُّ محلَّ الفعلِ الزوجيّ، أما التقنياتُ التي تعينُ الفعلَ الزوجيَّ وتساعدُ على خصوبتِهِ فهي مَسموحة، هذا مع رفضُ جميعِ تقنياتِ الإخصابِ الإصطناعيِّ غيرِ المُتجانِس. 
 
 وحول جواز نقل الاعضاء البشرية  من شخص لآخر عند الحاجة، قال البابا يوحنّا بولس الثاني فى  29 أغسطس 2000 ، "لا يُمنح عضو بالكامل من الجسم، بل يُمنح جزءٌ من أعضاء الجسم "، وصرح البابا بندكتس السادس عشر فى  7 نوفمبر 2008 ، أنه من الضرورى احترام بعض المتطلبات الأخلاقية؛ ففي حالة نقل عضو من شخص حيّ، لابدّ من الحصول على موافقته، والتأكّد من غياب الأخطار المفرطة على صحته، كما أنّ الموافقة المعلنة للمانح شرطٌ مسبق كي تكون لعملية الزرع سمة الهبة، ولا تُفسّر كفعلٍ قسري أو كاستغلال، في حالة نقل عضو أو أكثر من شخص متوفي، فمن الضروري الحصول على موافقة المانح عندما كان على قيد الحياة أوعائلته، وكذلك التحقق من الوفاة، ولاتجيز الكنيسة الكاثوليكية  إطلاقا نقل عضو من كائن حيوانى إلى  الإنسان؛ من منطلق الحفاظ على كرامة الانسان كونه خلق على صورة الله ومثاله. 
 
و تشجع الكنيسة العملِ في الأبحاثِ المتعلقةِ بإستخدامِ الخلايا الجذعيةِ البالغةِ ودَعمُها، وذلك لأنها لا تُسبِّبُ أي مشاكلٍ أخلاقية. وتحرم الاستنساخ التكاثرُى اللاجنسيُّ ، أوالاستنساخ المعملى للعلاج الطبى أو التلاعب فى الجينات الوراثية. وقد حذر البابا يوحنا بولس الثاني فى 18 أغسطس 2002 ، من المخاطر المرتبطة بالهندسة الوراثية، وقال:  "إن الإنسان يتصرف باستمرار كما لو أن الله غير موجود، بل ويصل به الأمر إلى انتحال مكانة الرب". 
 
واضاف البابا: "إن الإنسان يزعم لنفسه حقا إلهيا للتدخل في ألغاز الحياة البشرية، ويرغب في تحديد الحياة البشرية عبر التعديلات الجينية ووضع حدود للموت".