سحر الجعارة
مقالي في جريدة” الوطن” 
حين امتلكها تماماً واعتقد أن بإمكانه أن «يخلعها من حياته» ليعيش مراهقته الثانية، ويجمّل خصلات المشيب التى تغزو رأسه بشابة أصغر منه بعشرين عاماً «جميلة مشهورة».. كانت «علا» التى تركت الصيدلة وغرقت فى المطبخ وتربية الأطفال قد تحررت هى من الأسر!
 
«مش عايز أكمّل أنا مش سعيد» قالها الزوج بكل ببساطة «جسّده الفنان هانى عادل»، لتدرك علا «جسّدتها النجمة هند صبرى» أن عليها أن توقع قسيمة الطلاق بكل تحضُّر، وألا يكون لها أى مطالب مادية لأنها «سيدة بدرجة صيدلانية».. هكذا يخرج المتابع لمسلسل «البحث عن علا» من أزمات الطلاق التقليدية (النفقة والحضانة ومسكن الزوجية)، ليعيش يوميات «علا» التى هربت من لقب «عانس» لتحصل على لقب «مطلقة».
 
الحلقات التليفزيونية «عايزة أتجوز» التى تم عرضها منذ اثنى عشر عاماً كانت من تأليف الكاتبة غادة عبدالعال، والتى تعود بشخصياتها من خلال «البحث عن علا»، ولعبت بطولتها أيضاً النجمة «هند صبرى» رأينا مجموعة من الصيدلانيات يتعثرن عند مرحلة الغليان: «سن الثلاثين»، ومعاناة الشابة المصرية للتوفيق بين أحلامها وواقعها الذى يلاحقها بلعنة العنوسة واللجوء لكل الحلول الوهمية حتى الدجل والخرافة وإعلانات الزواج.
 
الآن «علا» امرأة معاصرة، سقطت فى قاع الصدمة والارتباك، واستسلمت للحبوب المهدئة والحنين وانتظار «ما لا يعود».. ثم استيقظت على سؤال مباغت: وماذا بعد؟! ودون وعى بادرت: سوف أعمل، ولم يأتِ على عقلها المشوش إلا مطبخها، حيث تعد «كريمات طبيعية».. دفعتها إجابتها للتحدى، للشراكة مع صديقة «نسرين»، مضربة عن الزواج، لدخول عوالم لم تألفها: تخالط رجال أعمال وتعد ميزانية للمشروع ودراسة جدوى وهى لا تعرف إن كان مَن أمامها يغازلها أم يساندها أم يوفر لها «بدل فاقد»؟!
 
لم تكن «علا» تؤسس مشروعاً، ولا تبحث عن الربح، كانت تعيد اكتشاف نفسها «بدونه».. نعم هى تلك المرأة الرائعة التى تمزقها الغيرة، لكنها تقبل بوجود «صديقة زوجها» رغم غرابة الوضع على نفسية الأطفال.. هى التى عادت مرة أخرى تحت وصاية الأم «جسّدتها الرائعة سوسن بدر».
 
اكتشفت «علا» أنها صلبة وليست هشة كما كانت تعتقد، تستطيع أن تخلع دبلة الزواج من عنقها رغم أنها لم تختر هذا المصير.. أن تعلن للجميع أنها مطلقة لتكتشف أن ابنتها تقول لها إن معظم الأزواج فى حالة «انفصال بوعى»!
 
لم تعد للذكريات مساحة على فراش نومها، الآن يمكنها أن تنام فى مكانه المفضل.. ولم تقع فى فخ استدعاء الألم وتكراره: إهماله لمشاعرها، ممارسة هواية ركوب الموتوسيكل بعيداً عنها، هى أيضاً حياتها مملة رتيبة معه.
 
هى أيضاً ترغب فى ركوب الدراجات، وانتظار شروق الشمس فى الصحراء، وارتياد أماكن جديدة «بشروطها».. تريد التمرد على «الشعر الطويل» لتصبح «عملية».. تريد أن تتعلم الرقص (أعدت لها صديقتها لقاء مع الراقصة دينا). لم تتحرر «علا» من تربيتها المنضبطة، ولا خرجت عن النمط المألوف لنساء الطبقة المتوسطة، ببساطة مدهشة احتفظت بحشمة الملابس والحركة، فى كل نظرة كانت «هند» تبهرنى حين تستقبل تقرُّب الرجال منها باستغراب حقيقى.
و جذبتنى وهى تؤدى دور «الست الأصيلة» التى تساند زوجها المراهق حين يمر بأزمة قلبية، ويصر على أن يعود لأسرته وكأنه يعتقد أن مطلقته قد وقّعت «صك ملكية»!
 
سوف تكمل «علا» طريقها بلا شراكة لتكتشف ذاتها وتحقق أحلامها دون أن تكون مطاردة بلعنة الطلاق.. لقد أدركت معنى «الانفصال بوعى».