حمدي رزق
.. والمستشار «بولس فهمى»، رئيس المحكمة الدستورية العليا الجديد، من مواليد أول يناير ١٩٥٧، ويبلغ من العمر ٦٥ عامًا.
عُين بالنيابة العامة عام ١٩٧٨، وتدرج فى وظائفها حتى أصبح مستشارًا بالاستئناف عام ١٩٩٧، ثم رئيسًا بالاستئناف عام ٢٠٠١.
عُين نائبًا لرئيس المحكمة الدستورية العليا عام ٢٠١٠، ثم خرج من تشكيلها بموجب دستور ٢٠١٢ عائدًا كرئيس لمحكمة استئناف القاهرة، ثم أُعيد تعيينه نائبًا لرئيس المحكمة الدستورية العليا عام ٢٠١٤.
له العديد من المؤلفات والأبحاث، وسبق أن عمل مستشارًا فنيًا لوزير العدل، ومساعدًا للوزير لشؤون التنمية المالية والإدارية، ورئيسًا لمحكمتى جنوب القاهرة وحلوان الابتدائيتين.. وكثير من المؤهلات المعتبرة لقاضٍ جليل.
قصدت بما تيسر من السيرة الذاتية للمستشار بولس التدليل على كفاءته وأهليته القضائية، باليقين هو أهلٌ لها، وقادر (إن شاء الله) على أداء الأمانة التى كُلف بها، واختياره اصطفاء ليس فيه مسّ مما ذهب إليه البعض بالإشارة إلى ديانته من بعيد أو قريب.. الكفاية عنوان.
جد لم أستملح وطنيًا القول: «أول قبطى يترأس المحكمة الدستورية»، ما دَخْل مسيحية المستشار الجليل فى التعيين؟ ما دخل ديانته فى موقع يتطلب أهلية قضائية مقدرة؟!.
ليس هكذا تُكتب العناوين الصاخبة، عناوين جالبة للتريند فحسب، أمام فقيه دستورى مصرى وطنى يتولى موقعًا رفيعًا، مسلم، مسيحى، لا يدخل فى حسابات التعيينات، الكفاءة أولًا وقبل كل الحسابات الضيقة التى تضيق علينا الرؤية الصحيحة للقراءة الرشيدة لمثل هذه التعيينات فى المناصب العليا.
كنت أتمنى سيرة ذاتية (كأعلاه) دون التعريج على خانة الديانة.. متى نشفى من هذا المرض العضال المنتشر كالسرطان فى الجسد المصرى؟ الإشارة إلى الديانة لا تستقيم مع مفهوم المواطنة الحقة، والإلحاح البغيض على ذِكر الديانة من سيئات الأعمال المجتمعية، فى بلاد كبلادنا السؤال عن الديانة من المحرمات المجتمعية ويعاقب عليها القانون، يستنكفونها تمامًا ومنكورة من قائلها ومرذول قوله.
يومًا لفتنى صديق إلى ديانة محافظ مجتهد، وقال: لِمَ نسيت ذِكر ديانته؟ مصر تتقدم فى سياق المواطنة وتعيين المحافظ واثنين آخرين دليل ومثال، فاستنكفت حديثه بالكلية، وقلت له: أعرف مسيحيته، ولكن ما دخل ديانته بكفاءته؟ فقال متعجبًا: أليس هذا جديدًا على الأسماع؟ فقلت له: الجديد أن تنسى وننسى وينسى المجتمع خانة الديانة، ويقف المجتمع على الكفاءة.. فلم يقتنع، كان مُصرًا على التذكير بالديانة فى سياق تعميق المواطنة، مع أن القيادة السياسية لا تقف كثيرًا أمام خانة الديانة فى التعيينات، تختار الأصلح وصاحب السيرة الطيبة.
الإلحاحات على خانة الديانة من ماضى الأيام الكئيبة، والتمييز على أساس الديانة فى المناصب والنيابات من العيب الوطنى، يلزمنا استشفاء ضرورى من تبعات مرحلة الفرز الطائفى البغيض، ولا تنجرّوا وراء هذه العناوين القبيحة التى تلوث وجه الوطن بسخام طائفى.
وفى الأخير، دعوات طيبات لسيادة المستشار المصرى عالى المقام بولس فهمى رئيسًا للمحكمة الدستورية العليا رفيعة المقام.
نقلا عن المصرى اليوم