أحمد علام
صادفتنى الان صفحة مسيحية دينية قد نشرت مقالا بمناسبة ذكرى إستشهاد 21 مواطن مصري مسيحى فى ليبيا على يد داعش بعد أن وشى بهم مصرى زميل لهم متعصب دينيا فدل داعش على مكانهم وقبض الثمن ،، وقد خرجوا مسالمين بحثا وجريا على لقمة عيشهم لكن جنود إبليس قتلوهم ،، وقد قام الجيش المصرى لأول مرة بالخروج عن حدوده لأخذ حقهم ،،

المهم انى كتبت تعليق قلت فيه الله يرحمهم ،، لأفاجئ بسيل من التعليقات تسب وتلعن وتتوعد ،، ووجدت تقريبا 2000 تفاعل ضاحك ( 😂  ) على البوست دون أى إعتبار للموتى ظلما ودون ذنب اللهم الا انهم مسيحيين ،، وحاولت تفسير تلك الظاهرة ،، طيب غير متقبلهم لا تذهب لصفحتهم وتسخر من حزنهم وتكتب كلاما جارحا

فالاختلاف الدينى موجود ،، والتنابز الدينى فى مجتمع مثلنا أيضا مبرر وطبيعى لكن الشماتة فى الموت لهذا الحد دون أى مراعاة لمشاعر الناس هو امر ليس طبيعى وتذكرت هنا مقولة الراحلة نوال السعداوى باخر ايام مرضها وقبيل وفاتها فقالت ( شماتتهم فى مرضى ،، وتمنيهم موتى يعنى ان تدينهم مرض نفسي فهم بعيدين تماما عن اله الحب والتسامح )

نعم هو نوع من انواع التدين ادى بهم الى مرض نفسي فأى تدين هذا الذى يحولهم لكائنات لا انسانية يسعدها رؤية الم الاخرين كما فعلوا مؤخرا فى الاف التعليقات الساخرة تحت نعى بنت سيد القمنى له دون مراعاة مشاعرها وكما يفعلون تحت خبر وفاة اى فنان او سياسي خارج اطار رضاهم عنه لدرجة أنى سمعت رجلا أعرفه عقب قتل داعش ل400 بنى ادم فى مسجد الروضة بالعريش لانهم صوفيين فقال الرجل ( الله يرحمهم لكن موتهم أريح دول كانوا بينشروا ضلالات صوفية جاهلة وبيشركوا مع الله اولياء زى المسيحيين )

فتذكرت الرائع الراحل وحيد حامد حين قال لأحمد موسي
( نزع العاطفه من داخل أى مخلوق وتوقع بعدها أن ترى منه كل شئ سئ وبشع وهذا هو ما فعله تدين السبعينات الوهابى الذى قدم إلينا عبر منافذ مالية ودعوية ، وحركات على رأسها جماعة الإخوان المسلمين فى أتباعها لذلك هى جماعة إرهابية سواء من حمل السلاح أو من لا يحمله لأن ما يفصله عن حمل السلاح الوقت والمكان وما يفصله عن ممارسة الإنسانية حتى مع إبنه وأهله هى بعض نصوص الفقه ،، التى تستند للأحاديث الضعيفة والمرويات والتى يشكل بها هؤلاء الدعاة فكر ووعى العقل الجمعى )

نعم هو ذلك ماحدث فحولهم لكائنات بلا قلب او عقل وحولهم لقوم يظنون الله أخطأ حين خلق بوذيين ويهود ومسيحيين وهندوس وسيخ وملحدين،،، فيعملون على إصلاح ذلك الخطأ بفرض رؤيتهم وفكرهم ودينهم إستقواء بالأغلبية المغيبة التى يجهلوها عمد لتخضع وتطيع فتاويهم فيما يرحبون بأى منضم لدينهم فإنهم يضطهدون من ينضم لدين أخر ، بعدها يخرجون علينا قائلين لا إكراه فى الدين

وجعلهم يظنون أن الله أخطا حين خلق البشر مختلفين شكلا وفكرا وجنسا وعرقا ولونا ،، فيعملون على إصلاح هذا الخطأ ويرفضون التنوع فيقصون المختلف ثم يخرجون على الملأ قائلين لقد خلقنا الله شعوبا لنعرف أن أكرمنا عند الله أتقانا فيما يحتكرون التقوى

وجعلهم هذا التدين يظنون الله أخطأ حين خلق البشر أندادا و متساوين بكل شئ ،، فيعملون على إصلاح الخطا بأن إختلقوا نصوصا الفقهية وأحاديثا تقول أن دمهم لايستوى بدم غيرهم ثم يخرجون علينا قائلين الناس سواسية كأسنان المشط فيما يكسرون كل أسنان المشط

كما جعلهم يظنون الله يحتاج من يدافع عنه فينصبون أنفسهم على الناس خلفاء الله ،، فيوزعون الرحمة أو السيف فقد قال زعيم القاعدة قديما نحن جند الله لتحقيق غاياته وكررها بعده كل زعماء تلك الجماعات الإرهابية

وجعلهم هذا التدين يظنون أن الله أخطأ حين خلق المرأة ولها وجه ،، فيعملون على إصلاح ذلك الخطأ بتكفين المرأة وإعتبار وجه المرأة عورة أو مثلما قال الحوينى أن وجه المرأة كفرجها فإختلقوا الأحاديث التى تدعم رغبتهم لحصر المرأة فى نطاق جنسي فقط ثم يخرجون علينا قائلين لقد كرمنا المرأة ومنعنا وأدها لكن يقومون بوأدها معنويا وعمليا وواقعيا ،، ويقيموها جنسيا عند الزواج فهذه بكر وهذه مطلقة وهذه أرملة وتلك تخطت ال30  ولكل حالة ثمن مختلف

وهم من يهللون حين ينضم شخص لديننا كتعويض عن الفشل بتقديم منجز حضارى مفيد لهم أو لغيرهم وفى نفس التوقيت الذى يقتلون فيه طبيب باليمن بزعم أنه يعادى العقيدة أو غير عقيدته ثم يخرجون علينا قائلين من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر
ونفس هؤلاء القوم هم من يتهمون الغرب باللاإنسانية والكفر والانحلال ثم يهربون اليه من جحيم بلدانهم وحروبهم مع بعضهم ثم يتهمون الغرب بالتأمر عليهم

نفس هؤلاء القوم الذين يفصلون الرجال عن النساء والأطفال الصغار عن بعضهم جنسا ودينا بدعوى منع الإختلاط فى حين أن هذا الفصل لم يمنع الزنا وذيادة أطفال الشوارع والملاجئ لكن ماتهمهم هى الفضيلة الشكلية وفقط

ثم نفس هؤلاء القوم من يقولون أن سمتهم التى تميزهم عن غيرهم دينيا هى عدم وجود كهنوت ،،، فيما تحكمهم منظومة كهنوتية بالغة التعقيد ترفض تفكيك خطاب الكراهية الذى هو الخطوة الأولى لإيقاف خطاب القتل والتمييز والتحقير علي الهوية الدينية والجنسية والعرقية وتتدخل هذه المنظومة فى أدق شئون حياتهم فتفتيهم كيف يأكلون وكيف يدخلون التواليت وكيف يمارسون حياتهم مع زوجاتهم
نفس هؤلاء القوم من يهاجمون النظم العلمانية بينما يعيشون ببلدانها متمتعين بامتيازاتها والحريات التى تمنحها وينشرون فكرهم وعقيدتهم فيما يحرمونها على مجتمعاتهم

وهم من يعلمون جيدا أن العلمانية ليست دين ولا فى منافسة مع أي دين ولايهمها أن تكون مسلما او بوذيا او ملحدا لكنها منهج لنزع القداسة عن الطواغيت الكهنوتية والخرافات التى يسوقوها والافكار ومنهج لمنع تدخل السلطة الدينية فى العلم والحقوق والسياسة  والقوانين ولرفع  سطوة رجال الدين عن العقول فالعلمانية فكرة لكن اصحاب العقول المؤدلجة ترفض اي فكر مختلف لكن حقيقتهم تكشف يوما بعد يوم والتنوير قادم رغما عن عقولهم التى لا تدرك حتمية حدوثه فقد أخذوا مكان الله وأشركوا معه البخارى وإبن تيمية وفقهاء المرأة و الحروب والخزعبلات وبعد ذلك يصفون غيرهم بالشرك والكفر ولكنا سنتجاوزهم فنعم نحن لم نلحق ثورات البخار والطباعه والصناعة نظرا للإحتلال العثمانى الذى أخر منطقتنا لكننا لن نخسر ثورة التكنولوجيا وسنحسن إستغلالها للحاق بالعالم ونبذ كل اشكال التسلط والوصاية والتخلف والخرافات